لماذا تحظى مباراة افتتاح كأس العالم بقدر كبير من الأهمية؟

لماذا تحظى مباراة افتتاح كأس العالم بقدر كبير من الأهمية؟
لماذا تحظى مباراة افتتاح كأس العالم بقدر كبير من الأهمية؟

بيكنباور يتساءل في مقاله الشهري

   ميونيخ - في مقاله الشهري لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ)، أكد القيصر الالماني فرانز بيكنباور أن الفوز في المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم لكرة القدم هو ما يحدد طريقة سير الاحداث في البطولة لاحقا ولكن القول أسهل من الفعل كثيرا ومضى قائلا:

اضافة اعلان

"إنني سعيد جدا لانني لم ألعب قط في المباراة الافتتاحية لاي بطولة كأس عالم، ولم يتغير الموقف بالنسبة لي عندما كنت مدربا لمنتخب ألمانيا، فالمباراة الافتتاحية عبء ثقيل على كاهل أي لاعب لانه يعرف أنه إذا خسر سيكون مهددا بالخروج من البطولة.

   وهذا الامر هو أحد أسباب تحول المباريات الافتتاحية ببطولات كأس العالم إلى مصدر خيبة أمل للجماهير، ومثال ذلك مباراة كأس العالم 1978 الافتتاحية بالارجنتين التي انتهت بتعادل حاملة اللقب ألمانيا الغربية مع بولندا، فلم يقدم أي من الفريقين ولو على أقل المجازفات خلال المباراة فخرجت شديدة البطء والحذر لدرجة أن البعض في الملعب أخبروني أنهم جاهدوا للبقاء مستيقظين حتى نهاية المباراة.

   أستطيع أن أتفهم وجهة نظر اللاعبين في رغبتهم بعدم المجازفة، لكنني لن أتفهم موقف المنتخب الالماني الحالي إذا لجأ للدفاع أمام كوستاريكا في مباراة افتتاح كأس العالم 2006 في التاسع من حزيران/يونيو بميونيخ، بالتأكيد أستطيع أن أتفهم أن اللاعبين سيكونون متوترين ولكن سيكون أمامهم الفرصة للتألق أمام مئات الملايين من الجماهير التي ستشاهدهم على شاشات التليفزيون من مختلف أنحاء العالم حتى في أبعد المناطق الجبلية وأعماق الادغال.

   وبتحقيق فوز مقنع على كوستاريكا سيكتسب الفريق الالماني الثقة الكبيرة التي يحتاجها كما سبق وأن فعلناها نحن الالمان في بطولة كأس العالم 1990 بإيطاليا عندما تغلبنا على يوغسلافيا 4/1 في مباراتنا الاولى بدور المجموعات بالبطولة.

   وباعتباري مدربا للمنتخب الالماني في ذلك الوقت فقد أخبرت لاعبي الفريق بأنني لا أود مشاهدة أي تمريرات خلفية وأن الكرة يجب أن تمرر للامام في كل فرصة لنثبت للعالم أننا نريد الفوز بهذه البطولة، وثبت لاحقا أن مباراتنا الاولى هذه كانت الافضل لنا في البطولة وتمكنا من جني ثمار هذا النجاح في المباريات التالية عندما كانت الامور لا تسير بسلاسة، فعلى الاقل كنا نرى خصومنا يكنون لنا احتراما كبيرا، يجب أن يحاول المدرب ألا يثقل كاهل لاعبيه بأن يكونوا شديدي الحذر.

   توجد مباراتان بكأس العالم تحظيان بالجانب الاكبر من الاهمية، مباراة الافتتاح والنهائي، قد يكون في هذا الامر مبالغة صغيرة ولكنها حقيقة واقعة أن المباراة الافتتاحية يكون اهتمام الجماهير والنقاد بها أكبر بكثير من المباراة الثانية أو العاشرة أو العشرين، فعندها تكون سنوات الانتظار الاربع قد انتهت وأخيرا ستبدأ بطولة كأس العالم.

   وبصرف النظر عن المستوى الهجومي الذي سيلعب به يورغن كلينسمان مدرب ألمانيا هذه المباراة فلا شك أنها ستكون فرصة رائعة بالنسبة لمنتخب كوستاريكا، فمتى كانت كوستاريكا كفريق كرة قدم محط اهتمام عالمي كهذا؟ فجأة أصبح التركيز على لاعبيهم، وسيتحدث الملايين من الناس عنهم وعن إمكانياتهم وكل هذا حتى قبل انطلاق البطولة حيث ستبدأ التغطية الاعلامية المسبقة قبل المباراة الافتتاحية بأسابيع.

   وستكون هذه المباراة هي فرصة العمر بالنسبة للعديد من اللاعبين حيث يمكنهم أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، أما مسألة أن أحد الجانبين يضم نجوما كبارا يتقاضون الملايين والجانب الآخر يضم لاعبين بدخل أقل فلن تعني شيئا على الاطلاق.

   ولن تكون لقيمة مكافآت الفوز أي تأثير بأرض الملعب حيث أن اللعب في المباراة الاولى بكأس العالم يتطلب شجاعة والتزاما وقوة أعصاب، وهنا أتذكر بطولة كأس العالم 1974 والمباراة التي جمعت بين ألمانيا الغربية وتشيلي في برلين، كانت أول مباراة كأس عالم بالنسبة لنا على أرض الوطن في اليوم التالي لمباراة الافتتاح بين حاملة اللقب البرازيل ويوغسلافيا وانتهت بالتعادل السلبي في فرانكفورت.

   ودخل اللاعبون المباراة وهم يحملون أطنانا من الآمال المعلقة عليهم خاصة وأننا كأبطال أوروبا كنا من الفرق المرشحة لاحراز اللقب، وكان كل الحديث الدائر عن المباراة يتعلق بكم من الاهداف سنفوز بالمباراة، 4-0 أم حتى 6-0 ولكن فريقنا آنذاك كان أكثر نضجا واكتمالا من الفريق الالماني اليوم تحت قيادة كلينسمان.

   الا أن نجاحنا في الفوز بالمباراة من الاساس يعود كل الفضل فيه للاعب بول برايتنر الذي أنقذنا بتسديدته الطويلة التي أهدتنا الفوز 1-0، لعبنا مباراة سيئة وبقينا على هذا الوضع طوال مباريات دور المجموعات قبل أن تصل الامور لذروتها بخسارتنا 0-1 أمام ألمانيا الشرقية.

   وعندئذ فقط بدأنا نفيق ونلعب كرة قدم جيدة انتهت بفوزنا 2-1 على هولندا في النهائي بميونيخ، وفي واقع الامر أن مباراة النهائي والتي للمرة الاولى لم نكن المرشحين الاقوى للفوز بها كانت أسهل مباراة لنا في البطولة.

   لذلك يمكن لمباراة الافتتاح أن تكون أصعب من النهائي، وهذا من بين الاسباب التي لا تجعل الجماهير أهدافا كثيرة في مباراة الافتتاح، ومن أسباب تعرض الفرق الاقوى للخسارة المرة تلو الاخرى.

   وهنا أتذكر خسارة حاملة اللقب الارجنتين أمام الكاميرون 0-1 في افتتاح كأس العالم 1990 وفي بطولة كأس العالم 2002 التي لم تشهد العديد من الاحداث البارزة ستظل خسارة حاملة اللقب فرنسا من السنغال بالنتيجة نفسها في المباراة الافتتاحية عالقة في الاذهان.

   ففرنسا لم تتعاف قط من آثار هذه الهزيمة وسرعان ما خرجت من البطولة، ومن أسباب خسارة فرنسا لهذه المباراة أيضا هو أن نجمها وصانع ألعابها زين الدين زيدان كان مصابا بعد موسم طويل مع ناديه الاسباني ريال مدريد، وكانت استعدادات المنتخب الفرنسي قبل البطولة قليلة للغاية ولم يستطع زيدان مد يد العون وقت الحاجة.

   ففي بطولات كأس العالم يتوقف الكثير على مستوى اللاعبين الكبار بالبطولة، ويوجد لدى البرازيل والارجنتين وفرة من اللاعبين الموهوبين للاختيار بينهم وهذه ميزة خاصة عادة ما تثبت أهميتها في النهاية، وقد يقلل هذا الامر من أهمية الميزة التي تتمتع بها الدول الاوروبية مثل ايطاليا وأسبانيا وهولندا وإنجلترا بلعب بطولة كأس العالم في أوروبا.

   ولن تقلق البرازيل بشأن إخفاق المباراة الافتتاحية لان في بطولة هذا العام لن يلعب حامل اللقب المباراة الاولى بالبطولة كالمعتاد، وستلعب البرازيل أولى مبارياتها بكأس العالم 2006 بعد أربعة أيام من انطلاق البطولة أمام كرواتيا في برلين دون أي نوع من الاعباء أو الهموم، حيث أن كل العبء سيكون على ألمانيا هذه المرة".