أقبل على الحياة والحب واترك الماضي وراءك

اسراء الردايدة

عمان- لماذا نتشبث بالألم رغم معرفتنا أننا غير قادرين على تغيير أخطاء الأمس؟ ولِمَ لا نحتفظ بالأمل والحب المتبقي بدلا من الحزن؟اضافة اعلان
سنوات تمضي والبعض عالقون في ماضيهم والقصص المرتبطة به من الألم ما تزال حية، ودافعهم نحو الحزن والوحدة يسيطر عليهم، وبمرور الوقت يعتادون المعاناة،  ويخشون من الفراغ الذي يتركه التخلي عن كل هذه الأمور، وربما المضي قدما. وهذا للأسف أمر مؤسف لمن يفضلون الابقاء على مشاعر الغضب والحزن وكل شيء.
ومهما حاولت تضميد تلك الجراح من خلال التنقل بعلاقات فاشلة، أو حتى الوحدة والهروب، او الأكل والتدخين بشراهة، فلن تتمكن من اصلاحها، فكل ما تفعله يجرك للعمق ويزيد الوضع سوءا.
ما تحتاج إليه هو ان تكون منفتحا، قادرا على التصالح مع ماضيك كي تتقدم نحو الأمام والبدء من جديد، بحسب ايلينا فانزانت خبيرة العلاقات في عروض اوبرا وينفري.
وتبين فانزانت انه من أجل إتاحة الفرصة للقلب أن يعالج جروحه ويبدأ من جديد متخطيا الماضي، نحتاج إلى التراجع عن توقع الحصول على كل ما نحتاجه من شخص آخر، وهذا يشمل العلاقات الرومانسية والصداقات العميقة وحتى الروابط الوثيقة مع افراد الأسرة.
 فالحب ليس علاقة تبعية يتحكم فيها أحد بالطرف الآخر او اوامر، بل هو تقدير للذات قبل اي شيء، وهي تجربة تملأ نفوسنا بالفرح.
ومن الأمور الأخرى التي تساعد على الخروج من هذه الحالة هي عدم فرض شروط في أي علاقة مهما كانت طبيعتها، مثل " لو أحببتني.. كنت ستحبني لو كان لدي حب أكثر.." مثل هذه المواقف هي وصفات لخيبات امل في أي علاقة.
فللحصول على مزيد من الحب في حياتنا يجب علينا ان نتخلى عن توقعاتنا وما يجب أن تكون عليه، وبدلا من ذلك نصبح منفتحين لكل ما تجلبه هذه العلاقة معها ونتقبلها فالقدر لا يمكن حسمه أو تسييره كما نريد.
 فالبعض يجد في اللوم طريقتهم في التعامل وأصابع الاتهام موجهة لكل من حولهم والنتيجة الشعور ببؤس اكبر وانغلاق على النفس بشكل اكثر، والألم اشبه بمخدر يومي.
فكيف التغيير وكيف تخرج من تلك الحالة بدءا من عقد العزم على التخلي عن كل هذا والمضي قدما، وصولا بالتغيير الجذري لكافة النواحي السلبية واستبدالها بذراعين مفتوحتين على الحياة مع الابقاء على حقيقة ان ما حصل امر محبط ولكنه لن يتكرر ان قررنا هذا، وان فشلنا لا يعني الانهزام، بل دافع للنهوض من جديد.
 للتخلص من الماضي وارتباطنا به والتقدم نحو الامام يتطلب شجاعة كبيرة للخروج من هذه الحالة التي استغرقت وقتا من حياتنا، وتبدأ بالتوصل للتفاهم مع الماضي بمعنى ان ما حصل آنذاك لا يعني انك شرير او سيء؛ فارتكاب خطأ امر طبيعي كوننا بشرا.
وفي ذات الوقت لايعني ذلك تطبيق احكام قاسية على انفسنا وانزال العقوبة فيها وتقويض الشخصية ونكران الذات وفقدان الثقة بالنفس، فنحن نحتاج لفهم ان ما حصل امر طبيعي والجميع يرتكب أخطاء ولكن السلبية في التعامل معها هي ما يتركنا عالقين هناك.
وترى فانزانت ان العواطف السلبية هي التي تعزز الشعور باللوم والوحدة والتعب والرغبة في الانزواء والغضب والشعور بالأسف على الذات ولكن يمكن تغييرها حين نصبح قادرين على التسامح.
 فحين نتوقف عن لوم انفسنا ومن حولنا، فنحنُ على الطريق الصحيح في تحرير انفسنا من قيد صدئ؛ لأننا حينها نتخلص من ذلك العبء المليء بالحقد والضغينة أولا، ونكشف الغمامة السوداء عن عيوننا فنرى الأمور على حقيقتها وفي ذلك يمكن النقاش وحتى الاعتذار ربما، وان لم يجد نفعا ولكنه بادرة تدل على اننا تجاوزنا ذلك الحصن المؤلم.
وتتحقق الحرية ايضا من خلال التوقف عن التفكير بالأمور الصغيرة وتفاصيلها برغم اهميتها فهي تمنعنا من رؤية الصورة الاهم والاكبر. والمضي قدما لا يعني التخلي عن اي من كرامتنا ولكن طريق القوة لإثبات اننا مازلنا نحن ولم نتغير ولم نفقد تلك الروح التي اعتادت ان تجعلنا مميزين عمن حولنا.
وهذه نعمة بحد ذاتها ان ندرك اننا غير اولئك المنكبين على البكاء والتذكر والتوقف عن الحياة لنصبح قادرين على اتخاذ قرار بما نريده. وهي اللحظة الحاسمة بأننا مستعدون لفتح الباب على مصراعيه للحياة والأمل من جديد.
إن الرغبة في العيش والسعادة هي اهم دافع للتخلص من قيود الماضي وألمه والقدرة على فتح صفحة جديدة، ومجرد الرغبة بهذا تتطلب شجاعة كبيرة وهذا يثبت أن صاحبها ليس شخصا انهزاميا كما كان حين عزل نفسه في سجن أحزان الماضي.

 

[email protected]

Israalradaydeh@