إربد: بئر أو خزان بلاستيكي حتى لا نظل رهنا للظروف

خزانات مياه بلاستيكية بالقرب من أحد المباني - (ارشيفية)
خزانات مياه بلاستيكية بالقرب من أحد المباني - (ارشيفية)
فرح عبدالله إربد - تكيف سكان محافظة إربد مع تذبذب الأمطار منذ زمن، فقام عدد كبير منهم بإنشاء بئر في منزله لتجميع مياه الأمطار وتخزينها لفصل الصيف، كعلامة فارقة على هذه المشكلة، فصار الحصاد المائي، مؤخرا، أحد الأساليب المبتكرة القادرة على التخفيف من العجز المائي، وتزويد المنازل بحاجاتها الأساسية عند انقطاع المياه في فصل الصيف.

هل تعتبر الزراعة المائية خيارا أفضل لتخفيض الاستهلاك وزيادة الإنتاج؟

تجارب مختلفة

يقول رجا عساف، إن العادات والتقاليد بالنسبة له كانت المحفز الأساسي الذي جعله يتخذ قرار بناء بئرين داخل منزله، حيث أن فقر الاردن بالمياه مشكلة قديمة لذلك حاول تجنبها بتخزين مياه الأمطار داخل منزله ليستفيد منها في سقاية الأشجار وبعض الأعمال المنزلية في فصل الصيف. وبالنسبة للحاجة الثمانينية كاملة نصر، تؤكد أن زوجها- يرحمه الله- عندما قرر بناء منزله العام 1977، اتخذ قرار بناء بئر ليستفيد منه أولاده مستقبلا، حيث إن اعتمادهم الكامل كان على مياه الأمطار المجمعة للشرب والطبخ والغسيل، مشيرة إلى أن الناس قديما كانوا يعتمدون على مياه الأمطار فقط. ويقول أمجد ناصر، الذي يسكن في منطقة "بيت رأس"، إنه قام بتجميع مياه الأمطار لأنه يرى أنها الأفضل مقارنة بالأنواع الأخرى الموجودة في الأسواق، وبالتالي كان وما يزال يستخدم مياه الأمطار للشرب والشاي فقط، لأنه يجمع كمية تكفيه للشرب خلال فصل الصيف كاملا، وبالرغم من أنه يعيش في قرية حول إربد، إلا أن المياه تصله بشكل دوري من شركة مياه اليرموك للاستخدامات الأخرى. وفي السياق ذاته، تشير الصيدلانية الشابة روان علي، إلى كيف أن عائلتها بنت منزلها العام 2013، لكنها تقول "لما بنينا ما أسسنا للصرف الصحي وبالتالي ما قدرنا نوخد مياه من شركة مياه اليرموك لأنه بحسب التعليمات لازم نكون مأسسين صرف صحي عشان نقدر نوخذ مياه بلدية، فاضطررنا لبناء بئر كبير". وأضافت، "كنا في الصيف نشتري الماء لأننا عائلة كبيرة واستهلاكنا كبير، وبمجرد ما تجود السماء علينا بالمطر تمتلئ البئر، ونبدأ باستخدام مياه الشتاء، وبعد آخر شتوة نستخدم مياه المطر المجمعة". أما الحاج السبعيني حسني الملالحة فلم يبن بئرا في منزله، لكنه استطاع تخزين مياه الأمطار بواسطة خزانات المياه البلاستيكية، حيث قرر تنظيف سطحه في بداية كل شتاء واستحدث تمديدات لتصل مياه الأمطار من السطح لخزانات في حديقته المنزلية، وبالتالي يستطيع تجميع أكبر قدر من مياه الأمطار للاستفادة منها في الاحتياجات المنزلية، مشيرا إلى أن هذا الحصاد المائي يكفيه إلى فصل الشتاء التالي للشرب والطبخ وغيرها من الاستخدامات البسيطة. وفي هذا الصدد، يقول مساعد مدير مدرسة عبدالرحمن الحلحولي الدكتور مصطفى درابسة، إن فكرة إنشاء خزانات على سطح المدرسة لتجميع مياه الأمطار كان عبارة عن منحة من مشروع ممول من منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف). وأشار درابسة إلى أن المشروع تم تنفيذه قبل سنتين تقريبا، وصار جميع الطلاب يستخدمون هذه المياه للتغسيل والشرب عدا أعمال التنظيف على مدى أيام العام الدراسي كاملة.

مفهوم "الحصاد المنزلي" وأهميته

تقول المهندسة خديجة شوارب، إن الحصاد المنزلي يقصد به تجميع مياه الأمطار من أسطح البيوت، حيث يتم نقلها عبر مزاريب إلى الخزانات الموجودة في المنزل سواء أكانت بئرا محفورة أو خزانات بلاستيكية. وتشير شوارب، إلى أن الحصاد المائي يعني استغلال مياه الأمطار بعد تجميعها وإنْ لم نفعل ذلك فسيذهب جزء كبير منها في شبكات الصرف الصحي أو التبخر، لافتة الى أن الأردن يعاني هدر أكثر من 40 % من مياه الأمطار التي لا يتم تجميعها. وشددت على أهمية استغلال مياه هذه الأمطار من قبل السكان كلا بطريقته الخاصة، خاصة سكان القرى والمناطق النائية التي لا تتوفر الكثير من الخدمات داخلها. وتضيف شوارب، "يمكن استخدام المياه المجمعة للزرع والشرب ولكن يجب التأكد من نظافة الأسطح التي تجمع منها مياه الأمطار، وكذلك نظافة الخزانات نفسها التي يتم تخزين المياه فيها". وتنصح شوارب باستخدام الخزانات البلاستيكية في تجميع مياه الأمطار لأنها معزولة وقابلة للتنظيف بسهولة في أي وقت، إضافة إلى أن المياه داخلها تكون محمية ويمكن وضع الخزان فوق أو تحت الأرض أو في المكان الذي يناسب أصحاب المنزل، أما الآبار القديمة، فاحتمالية تلوث المياه فيها عالية إضافة إلى ارتفاع نسبة الفاقد فيها. وأظهرت بعض الدراسات التي قامت بها الجمعية الملكية العلمية مع فريق ميرسي كوربس أن بعض الأسر التي تقوم بحصاد مياه الأمطار استطاعت توفير 50- 240 دينارا سنويا، لأنها توقفت عن شراء مياه الصهاريج الخاصة. ويؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه عمر سلامة، أهمية زيادة السعة التخزينية لخزانات المياه في أماكن سكناهم للحفاظ على أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار، مشيرا إلى أن من شأن الحصاد المائي توفير 20 إلى 30 مليون متر مكعب من المياه في كل منطقة إذا طبق أكثر من 40 % من سكان المنطقة تقنية الحصاد المائي. وأضاف، إن أبرز القرارات التي اتخذتها وزارة المياه لتشجيع الحصاد المنزلي في المملكة إبرام اتفاقية مع أمانة عمان كبرى تلزم بوجود خزان أرضي في كل بيت، وتسعى لتعميم هذا الإلزام على المحافظات كافة.

تطبيق "حصاد الأمطار المركزي"

وقال سلامة، إن الأردن يهتم بحصاد الأمطار المركزي (الذي يقصد فيه جمع مياه الأمطار من مساقط مائية كبيرة وتجميعها في أماكن واسعة كالسدود)، حيث إن الطاقة التخزينية للسدود تبلغ 336 مليون متر مكعب> وتسعى الوزارة للوصول إلى سعة تصل الى 400 مليون بحلول العام 2025، مشيرا إلى أن أبرز التحديات هي التغيرات المناخية وقلة الأمطار في تعبئة هذه السدود.

"مناطق الشمال" وتذبذب المياه فيها

تعاني مناطق الشمال عجزا مائيا نظرا لقلة المصادر المائية مقارنة بزيادة الطلب الناجم عن اللجوء السوري الذي رفع من الطلب على المياه، بحسب وزارة المياه والري، لذلك كان مشروع جر مياه وادي العرب من أبرز الحلول التي تهدف لتحسين التزويد المائي لنحو 1.1 مليون مواطن في محافظات الشمال. وفي هذا السياق يؤكد سلامة أن مشروع جر مياه وادي العرب سيحسن من واقع المياه ويحد من العجز المائي في محافظات الشمال كلها، حيث ستكون النتائج إيجابية خلال الصيف المقبل، بالرغم من البيان الذي صدر مؤخرا عن وزارة المياه، والذي أكدت فيه أن العجز المائي قد يصل في الصيف المقبل إلى نحو 15 مليون متر مكعب. وفي المقابل لا توجد دراسة واضحة تبين عدد المنازل التي تستخدم تقنية الحصاد المائي المنزلي ولا يوجد عدد كبير من المؤسسات التي تستفيد من هذه التقنية> كما  أن السدود تعاني تبعات سياسية ومناخية تؤثر عليها، لذلك يجب التركيز على استغلال مياه الأمطار لأن التغيرات المناخية وزيادة أعداد السكان عوامل لا يمكن السيطرة عليها دائما، ما يعني ضرورة الاقتصاد في سلوكنا باستخدام المياه ونشر الوعي المائي في الأجيال القادمة.اضافة اعلان