التعليم العالي في الأردن: سري للغاية

من الطبيعي أن يكون هنالك نوع من السرية فيما يتعلق بالأمور الأمنية والعسكرية، ولكن في الأردن حيث التميز الدائم ابتداء من طريقة الإصلاح مروراً بطريقة تشكيل الحكومات وليس انتهاء بطريقة تشكيل مجلس النواب، أقول في أردن التميز فإن السرية لا تقف عند الأمور العسكرية والأمنية، أو بالأحرى فإن كل شيء قد يدخل في باب السرية الأمنية، ورغم ذلك يبقى للتعليم العالي السبق والتفوق في كل ذلك. وهنا لنا وقفة.اضافة اعلان
وعندما نتحدث عن السرية في التعليم العالي فإننا نتحدث عن كل شيء، وسأورد بعض الأمثلة المتواضعة والتي عاصرتها شخصياَ:
- أن تطلب ميزانيات الجامعات الرسمية فهذا خط أحمر لا يحق لك الاقتراب منه، و(أنت) هنا لا تعود على حملة "ذبحتونا: على سبيل المثال، ولكن (أنت) هذه تعود على كل شخص مواطناً، موظفاً، محاضراً كان أو حتى نائباً، فالميزانية التفصيلية للجامعات هي سر من أسرار الدولة التي لا يجوز الاقتراب منها أو التصوير.
- قرار صغير بحجم فتح البرنامج الموازي على مصراعيه للجامعات الرسمية، لا يجوز نشره أو الإفصاح عنه. وعلى الرغم من اتخاذ مجلس التعليم العالي قراراً بهذا الشأن إلا أنه بقي طي الكتمان لدرجة أن حملة "ذبحتونا" وجهت سؤالاً إلى وزير التعليم العالي حول القضية وبعد شهرين من المتابعة لم يستطع أحد أن يبوح لنا بهذا "السر".
- حجم الأموال التي تحصلها الحكومة من رسوم الجامعات وضريبة الجمارك ما تزال سراً لا يمكن البوح فيه، لدرجة أن نواباً سعوا لمعرفة حجم هذه الأموال فكان سعيهم "مشكوراً" بدون رد.
- قيام مجلس التعليم العالي بإعطاء امتيازات لطلبة الخليج عرفنا فيه من صحف خليجية بدون أن يتم نشره في صحفنا أو يعلن عنه المجلس في أي من بياناته.
لا يختلف اثنان في الأردن على أن التعليم العالي يمر بمرحلة سيئة وصلت حد اعتراف وزير تعليم عال سابق أن "التعليم العالي في غرفة الإنعاش"، ومطالبة رئيس أكبر جامعة رسمية بأن يتسلم الديوان الملكي ملف التعليم العالي، في إشارة إلى يأسه من مجلس التعليم العالي.
في ظل هكذا وضع، من الطبيعي أن نتساءل لماذا يتمسك المجلسان (مجلس الوزراء ومجلس التعليم العالي) بالحفاظ على سرية سياسة التعليم العالي؟ وهل السرية هي نتيجة أم سبب لما وصل إليه حال التعليم العالي؟ ولماذا اختلف وزراء التعليم العالي المتعاقبون على كل شيء واتفقوا في الحفاظ على سرية سياسة التعليم العالي؟
هذه الأسئلة سأحاول الإجابة عنها في مقال لاحق.