المسكرات ومذهبات العقل: موقف القانون الأردني

المحامي زياد صندوقة

نشر الكاتب فهد الخيطان مقالا في "الغد"، بعنوان "نبيذ أردني"، في 7 /5 /2015. وقد تضمن المقال معلومات غير صحيحة من الناحية القانونية المجردة من كل غرض، إلا تحقيق المصلحة العامة، وبما أعطى للقارئ الكريم انطباعا مغلوطا عن الواقع القانوني والتشريعي الأردني في التعامل مع الخمور والمسكرات عموما.اضافة اعلان
لقد اتخذ المشرع الأردني، عبر القوانين والأنظمة والتعليمات، وعلى مستويات التشريع كافة، موقفا من المسكرات عموما، يعبر بوضوح لا يقبل الالتباس أن النظام القانوني للدولة الأردنية الذي اعتبر دين الدولة الإسلام، وبالتالي مصدر التشريع فيها، لم يغفل عن تطبيق هذا المبدأ في المسكرات عموما، وأمثالها من النبيذ وغيره من مذهبات العقل.
وحتى لا يكون كلامنا "جعجعة" على حد تعبير مستغرب من كاتب مرموق، في وسم بيان علمي يستند إلى نصوص شرعية لها قدسيتها واحترامها عند أبناء الوطن بمكوناتهم كافة، فإننا نسوق جملة من النصوص على سبيل المثال لا الحصر، لنبين للقارئ الكريم موقف القانون الأردني من هذه المسألة.
فقد تناولت النصوص القانونية الخمور والمسكرات بالحظر والعقوبة والتقييد. فالمسكرات تقع تحت طائلة الحظر، كما نص على ذلك قانون العمل، في المادة 81؛ وتحت طائلة العقوبة، كما نص قانون العقوبات بمعاقبة السكر والسكارى في الأماكن العامة؛ وتحت الحظر مطلقا كما نص على ذلك قانون مراقبة سلوك الأحداث. والمسكرات سبب موجب للعقوبات التأديبية، كما نص على ذلك قانون الأمن العام في المادة 37، بشأن تعاطي المشروبات المسكرة (والمخدرات)، بل وأضفى على مراقبة هذه السلعة واتخاذ التدابير اللازمة بشأنها، صفة الدفاع عن الأردن؛ لما تشكله من مخاطر على الأمن الوطني.
وإذا لم تكن هذه النصوص الزاخرة كافية للتدليل على توجه المشرع والروح السارية في نصوص القوانين، فإننا نحيل إلى أنظمة الخدمة المدنية وموظفي البلديات وموظفي الضمان الاجتماعي، وموظفي هيئة مكافحة الفساد، والتي اعتبرت تناول المسكرات والمخدرات والمقامرة من الأعمال المخلة بالشرف والآداب العامة. هذا فضلا عن اعتبار المسكرات من المسيئات للسمعة، كما نص على ذلك نظام ضباط الجيش العربي. وكذلك سببا للعقوبات التأديبية، وفقا للأنظمة التأديبية في الجامعات.
ألا يكفي ذلك كله للفهم بأن الترويج للمسكرات، بأنواعها كافة، لا يمكن أن ينسجم مع التشريعات الوطنية؛ وأن التعليمات التي قيدت تداولها لا تبيح التبشير بهذه السلعة -المحظورة في أصلها- كمنتج وطني، لما يقع من تعارض مع المبادئ والقيم والأخلاق التي يُستمد منها التشريع، وتسري في نصوصه بكل وضوح وجلاء؟
نعم، الأردن دولة مدنية. لكنه ليس دولة علمانية لا دين لها؛ بل دينها الإسلام.
هذا الدستور، وهذه هي القوانين الناظمة لحياة أفراده، وهذه هي إرادة المشرّع والشعب، لمن أراد منصفا التعرف عليها.