لماذا قد تنخفض أسعار النفط دون 40 دولارا قريبا؟

ينال أبو زينة

يُعزى ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 70 % من 27 دولاراً للبرميل إلى 46 دولارا للبرميل خلال 3 أشهر إلى نشاط المضاربة بلا شك.
ويتغذى المضاربون على كل جزء من الإشاعات والأخبار التي دارت حول ارتفاع الأسعار ودعمتها، ولا علاقة لهذا أبداً بالأسس الجوهرية الحقيقية.
ومع ذلك، يمكن للتوقعات أن تعزز الأسعار إلى حد معين فقط على المدى القصير، وبعد ذلك تتولى الأسس الأصلية الأمر مجدداً. وتتميز حدود التكهنات بكونها هائلة، فعلى الرغم من أن الإنتاج اليومي للنفط في الولايات المتحدة يراوح 9 ملايين برميل يومياً، يتم تداول عقود نفط غرب تكساس الوسيط بأكثر من الكمية المنتجة بـ100 مرة، وفقاً لما تم تسليط الضوء عليه في شهر كانون الثاني (يناير) من العام الحالي.
وبطبيعة الحال، يعود توليد حجم التداول إلى التجار الذين يستخدمون النماذج الحسابية المتقدمة، إلى جانب التجار اليوميين والسماسرة الذين يعتلون مواقعهم ويتحركون خارجها أيضاً مرات عديدة يومياً.
وبسبب تمتع المذكورين بقدرة تداول هائلة، فهم يستطيعون أن يضعوا اتجاه الأسعار على المدى القصير.
ولكن، وعلى الرغم من ذلك، لا يتدخل التجار في إنتاج النفط أو تسليمه، فهم عادةً ما ينشطون على صعيد عقود الأجل القريب حتى انتهاء صلاحيتها ليس إلا.
ومن جهة أخرى، فقد استخدم منتجو النفط الارتفاع الحاد في الأسعار لادخار جزء من نفطهم للعامين الحالي والمقبل، بحسب ما ورد في "وول ستريت جيرنال".
ومع ذلك، تشير أبحاث منظمة "سيتي" إلى أن منتجي النفط ادخروا 36 % فقط من إنتاجهم المقدر للعام الحالي، مقارنةً بنسبة الـ50 % التي تم ادخارها في السنوات السابقة.
وفي حال تسلقت الأسعار باتجاه تصاعدي أكبر، لن يدخر المنتجون المزيد فقط، بل ويحتمل أن يزيدوا أيضاً من إنتاجهم في محاولة تحسين أوضاع ميزانياتهم العمومية.
وفي سياق متصل، حوطت شركة "بيونير ناتشورال ريسورسيز" 50 % من إنتاجها المتوقع للعام 2017، كما وأعربت عن نية إضافة 5 إلى 10 حفارات أفقية في حال تحسنت الأسعار وصولاً إلى 50 دولارا للبرميل، مع توقعات إيجابية لعودة الأحوال النفطية إلى سابق عهدها تقريباً.
وحدث في وقت سابق أن الكثير من حفارات النفط الأميركية أوضحت أنها ستعود لمزاولة عمليات التنقيب في حال وصلت الأسعار إلى مستوى الـ50 دولار للبرميل أيضاً.
وعلى الرغم من أن المضاربين تغذوا على انخفاض أعداد الحفارات الأميركية خلال الأسابيع الستة الأخيرة، إلا أن إشاعاتهم لن تعيش طويلاً في حال تجاوزت الأسعار فعلاً الـ50 دولاراً للبرميل، بحيث سيعيد ذلك إن حدث الكثير من الحفارات إلى العمل، ما سيعكس الاتجاه الحالي.
لقد تغير الاتجاه قصير الأجل في ظل فكرة تجميد إنتاج روسيا و"الأوبك"، ولكن تبين أن اجتماع الدوحة لم يسفر عن قرارٍ حاسم. وقد بينت دراسات "يارديني"، مؤسسة تزود ببحوث الاستثمار المستقل والاقتصاد، أن العام الحالي سيشهد مواصلة المخزونات النفطية استقبال المزيد، ما يؤكد أن وفرة الإمدادات سوف تواصل هي الأخرى أيضاً.
ويتوقع تقرير "آفاق الطاقة على المدى القصير"، الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن تتراجع وفرة النفط في النصف الثاني من العام، ولكن في حال استمرت الأسعار في مستويات مرتفعة يحتمل أن يزيد الإنتاج أيضاً، ما سيضيف إلى وفرة النفط الجارية.
وعلى الرغم من أن إنتاج نيجيريا والكويت وفنزوليلا تضرر كثيراً كنتيجة لأسباب مختلفة، يقترب إنتاج "الأوبك" الذي يقدر بـ32.64 مليون برميل يومياً من أعلى مستوياته عند 32.65 مليون برميل يومياً التي سُجلت في شهر كانون الثاني (يناير) من العام، وفقاً لسجلات دراسات "رويترز" منذ العام 1997.
وفي هذا الخصوص، قال يوجين واينبرج، المحلل في بنك "كومرز" في فرانكفورت "إن السوق تغرق بكميات هائلة من النفط. لكن هذه الوفرة لا تملك ساقين قويتين لتواصل على النسق نفسه".
وليس هناك أي شيء، في الأسس الجوهرية النفطية، ليتم الاعتماد عليه حتى تواصل وفرة النفط، وبالاقتراب إلى سعر 50 دولارا للبرميل، سوف تتضاءل كمية التوريد الإضافية، بينما سيأخذ المشترون كامل حذرهم من الشراء عندما تكون الأسعار المرتفعة. ولعدم وجود أعذار في المتناول، سيجد المضاربون أمر دعم الأسعار الأعلى صعباً.
وها هي المضاربة قصيرة الأجل في النفط الخام على وشك الانتهاء، وسوف تحل الأسس النفطية الأصلية محلها.
ويفترض بالأسعار أن تنخفض إلى ما يقارب 36 أو 38 دولاراً للبرميل في المستقبل القريب.

"أويل برايس"

اضافة اعلان

[email protected]