"ليش مش قادرة"؟!

لما تموت واحدة، طل على بناتها بتلاقي عيونهن "مهبرات" من العياط؛ طل على جاراتها بتلاقي عيونهن "ناشفات" من العياط؛ طل على صديقاتها بتلاقي عيونهن "احمرن" من العياط. أما طل على كنتها إذا كانت العلاقة بينها وبين حماتها "سمن على بصل".. هذه "الكنة" بالذات لو تظل تعصر بحالها عصر ما نزلت دمعة. وخوفا من الملامة، تجدها تذهب إلى المطبخ وتستنشق البصل حتى تستطيع أن تذرف ولو دمعة، ولا تتمكن من ذلك.اضافة اعلان
هذه الكنة نظرا لعلاقة عدم الثقة بينها وبين المرحومة، مهما حاولت ربما تنزل فقط من عينيها دمعة "العتب" التي لا تغير شيئا في المكياج، ولا تسبب احمرار العين، ولا فيها من الحزن شيء، حتى إنها لا تُرى بالعين المجردة من سرعتها. لذلك، تقوم أمها بنصيحتها وتقول لها: "ولك شو بدهم يقولوا عنا الناس؟! نزليلك دمعتين". فترد عليها: "والله مو آدرة يا ماما". فتقول لها: "ولك علشان زوجك مش علشانها". فتقول لها: "يا ماما مش آدرة صدقيني". فتقول لها: "ولك مبارح لما ندعس "بس" في الشارع ساعة وإنتي تبكي على "البس"، هسة مش قادرة على دمعتين؟!". فترد: "خلص ماما مو آدرة"!
طبعا، هذه الكنة من لؤمها تصبح حديث العزاء؛ بأنها لم تذرف ولو دمعة على حماتها، وتصبح ملامة من الجميع. إلا أنها لا تبالي بكل ما يصل إلى مسامعها، فقد تيقنت أن الدمعة فوق كل قدراتها، نظرا لطبيعة العلاقة بينها وبين حماتها!
حكومتنا الرشيدة مثل هذه "الكنة"، لو نزل سعر برميل البترول إلى دولار، وعصرت التسعيرة عصرا، لما استطاعت أن تخفض التسعيرة  دينارا.. مهما حاولت، ومهما اجتمعت، ومهما سمعت من انتقادات، لا تستطيع أن تخفض التسعيرة إلا "شلنا" أو "تعريفة"؛ أي إنها مثل دمعة "الكنة"، لا تغير شيئا ولا يشعر بمردودها الناس!
ربما لم تكن "الكنة" على وفاق مع حماتها، لذلك من الصعب جدا أن تبكي على سيدة ربما "ورجتها الويل". بينما نحن الشعب المطيع من أعطى الفرصة لكل الحكومات أن تجرب سياساتها، وأن ترفع رفعاتها، وأن تسحب الدعم.. ولا نقول إلا سمعا وطاعة!
إذن، ما هو مبرر الحكومة بأن لا تستطيع أن تعبّر عن شكرها وعرفانها وتقديرها لهذا الشعب، بحيث لا  تخفض أسعار المشتقات النفطية إلا بالقطارة؟ لماذا لديها إصرار عجيب على عدم المبالاة وانتزاع الثقة بينها وبين الناس، بأن تبقى تحوم حول "الشلن" و"التعريفة" في تسعيرتها؟! لماذا لا ترد لهم المعروف وهم من تحملوا ارتفاع أسعار الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع الغاز؟!
"بلعنا" عجزكم.. و"غرشنا" عن مديونيتكم.. وصمتنا عن سياراتكم وتعييناتكم ومكافآتكم.. ولم نعد نسأل لا عن الفساد ولا حتى على نتائج سياساتكم وخططكم ومشاريعكم التي أوهمتم بها العباد!
بعد كل ذلك وأكثر، لا أعتقد أنه يوجد على وجه الأرض شعب طيب صامت صابر مثل شعبنا.. طيب "ليش مش قادرين ينزلوا إلا شلن"؟!