ما يزال التحقيق جاريا!

في العاشر من آذار (مارس) 2014، أي قبل عامين وبضعة أيام، فتحت قوات الاحتلال الصهيوني على القاضي الأردني رائد زعيتر نيران بنادقها عند معبر جسر الملك الحسين (الكرامة) الذي يربط الأردن بأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.اضافة اعلان
آنذاك، لم يكن قاضينا الشهيد يحمل عبوات ناسفة، ولم يكن يهم بتنفيذ عملية طعن لفاشستي صهيوني، وإنما كان عند معبر شرعي يريد التنقل من منطقة إلى منطقة أخرى، يحمل بين جوانحه حالة عنفوان، ورفضا لامتهان الكرامة.
استشهد زعيتر، ولكن دم الشهيد ما يزال ينادينا للقصاص من قاتليه الفاشيين الجدد، الذين يقتلون على الشبهة. استشهد زعيتر قبل أن تنطلق انتفاضة الشباب الفلسطيني وعمليات الطعن ضد المحتل الصهيوني، وفي الحالتين أثبت الكيان الصهيوني أنه يقتل على الشبهة، أو من دون شبهة، كما في حالة استشهاد قاضينا زعيتر، فحجم الدم الذي يراق برصاص الكيان الصهيوني يوميا يثبت للقاصي والداني، ممن يريد أن يرى بعيون غير أميركية، أن هذا الكيان يقتل ويمارس إرهابه كيفما اتفق، ويعتقد أن من حقه وحده أن يصنف الناس ويقتلهم بطريقته النازية، من دون أن يخرج من بيت جامعتنا العربية (الأبية) تصنيف يضع ذاك الكيان على قائمة الإرهاب مثلا، ومن دون أن يخرج من يدعو لسحب مبادرة السلام العربية التي رفضها الكيان الصهيوني، ولم يكلف نفسه حتى قراءة ما جاء فيها أصلا.
سيدي القاضي، منذ استشهادك والتحقيق جار، فيا سيدي القاضي لا عجب، ولا غرابة، فإسرائيل لم تجد حتى اليوم من يضع لها حدا، فالأمم المتحدة مشغولة بإطفاء بؤر صراع  يفتحها الغرب حينا، والعرب حينا في كل مكان،  فضلا عن أن ميزان تلك الأمم المتحدة أعوج، فهي لم يخطر في بالها يوما تفعيل المبدأ السابع من ميثاقها ضد الصهاينة المحتلين، وهي تغض الطرف عن احتلال إسرائيل لأراض عربية فلسطينية، وترفض رؤية أن إسرائيل تضرب عرض الحائط بكل قراراتها التي باتت بمثابة حبر على ورق، لا وزن ولا قيمة لها.
أما الجامعة العربية يا سيدي القاضي، فهي مشغولة بأمر أكبر وأجل من احتلال الصهاينة لفلسطين، إذ أصبحت معنية أكثر من غيرها في تصنيف الإرهاب، ولكنها في الوقت عينه غير معنية بالحفاظ على السودان موحدا، أو وضع حد لما يجري في العراق، كما لم تسمع جامعتنا العربية بما يجري في سورية! وغائبة البال عن ليبيا، وكيف مزقها "داعش" واستوطن أركانها.
يا سيدي القاضي، الموازين اختلفت، فبتنا نبحث في حبة القمح الواحدة عن اختلاف غير مرئي، حتى نفصل الفلقة عن الأخرى، دون أن نلحظ ماذا فعل الصهاينة بشعب يقبع تحت نير الاحتلال، بتنا نبحث في حبة القمح عن إذكاء فتن طائفية وجهوية وإثنية، من دون أن نلحظ أنه قد استوطن القلب منا كيان فاشستي نازي حاقد، يقتل شبابنا على الشبهة ويقتلع أشجارنا ويهدم بيوتنا ويدنس مقدساتنا، لا بل ربما بتنا ننفذ ما يريده وما يطمح إليه، ونقدم له الهدايا المجانية على طبق من ذهب.
يا سيدي القاضي، رغم مرور عامين على استشهادك، إلا أننا مانزال ننتظر، ويبدو أن انتظارنا سيطول أكثر، فإسرائيل يا سيدي القاضي باتت أكثر غطرسة من ذي قبل، وجنودها يقتلون أطفالا للشبهة، ويصفون سيدات لأنهن يرفضن الخنوع للمحتلين، ويضربون المرابطات في "الأقصى" لأنهن يدافعن عن مقدسات العرب والمسلمين، من دون أن تفتح جامعتنا العربية فمها ببنت شفة.. يا سيدي القاضي أنبيك بأن التحقيق ما يزال جاريا.