مستخدمو "فيسبوك" يتفاخرون بصور القادة ويتغنون بأمجادهم

مستخدمو "فيسبوك" يتفاخرون بصور القادة ويتغنون بأمجادهم
مستخدمو "فيسبوك" يتفاخرون بصور القادة ويتغنون بأمجادهم

تغريد السعايدة

عمان- مع التزايد المستمر لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، سواء فيسبوك، أو تويتر، أو الواتس أب، يلجأ الكثيرون إلى استخدام صور رمزية قد تكون وسيلة للتعبير عن توجههم الاجتماعي أو السياسي، أو الفلسفي، كأن يضع الشباب صوراً لأشخاص ورموز سياسية عاشت خلال حقبة زمنية ماضية.اضافة اعلان
إسراء أبو عمير واحدة من بين هؤلاء، إذ وضَعت صورةً لأحد الشخصيات السياسية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، لأن مثل هذه الشخصيات السياسية كانت تحمل همّ القضية التي هي في الأصل قضية المسلمين جميعاً، وترى أنها "شخصيات لا يمكن أن تتكرر في التاريخ".
وتضيف أبو عمير أنها اختارت هذه الصورة بالتحديد، من أجل تحفيز الشباب على التعرف على هذه الشخصيات "العظيمة" التي كان لها كبير الأثر في تاريخنا العربي، موضحة "لم أجد أفضل من صورة لشخص استشهد في سبيل قضية المسلمين والعرب، ليكون رمزاً لي في (بروفايلي)".
وتتفق وداد محمود مع أبو عمير في اختيارها لصورة شخصية قيادية في إحدى الحركات السياسية التي قادت الكفاح ضد الاحتلال والظلم، مشيرة إلى أن إعجابها بتلك الشخصية هو ما دفعها لوضها، وحتى تبقى راسخة في الذاكرة".
لذلك ترى وداد أنه يجب على الجيل الحالي أن يتذكر عظماء الأمة، من خلال استثمار صورهم في حياتنا الشخصية.
وتضيف وداد أنها تتفاجأ كثيراً حين يوجه لها البعض سؤالا "من هو الذي تضعين صورته في بروفايلك". لذلك تجد من الأفضل أن نعاود التعريف بهذه الشخصيات، والحديث عنها وعن تاريخها.
اختصاصي علم النفس السلوكي، الدكتور خليل أبو زناد، يرى أن دافع الشباب لاستثمار الصور هو شعورهم بالقهر والإحباط والتعب من الواقع المرير الذي يعانونه، بسبب غياب الرموز الوطنية التي تلبي رغباتهم، وطموحاتهم كجيل من أجيال الأمة التي تبني المستقبل.
والظروف المحيطة بالمجتمعات العربية، من وجهة نظر أبو زناد، جعلت الشباب، وجلهم لديهم توجهات سياسية وثقافية معينة، يبحثون عن الرموز "المناضلة والمؤثرة في التاريخ"، للتغني بأمجاد هؤلاء الرجال وبطولاتهم.
وتعد ظاهرة نشر الصور الشخصية، أو الرمزية، على مواقع التواصل الاجتماعي، فرصة للتعبير عن النفس ومكنوناتها، والافتخار بالرموز التاريخية والوطنية.
العشريني فارس جابر، الذي وضع على صفحته الشخصية صورة لرئيس الوزراء الأردني السابق، وصفي التل، يقول إنه يرى فيه شخصية فريدة من نوعها على مستوى تاريخ المملكة الطويل، على الرغم من أنه لم يعاصر فترة المناضل وصفي التل، لكن ما سمعه من أجداده ومن كبار السن، عن هذه الشخصية التاريخية المميزة هو الذي شوّقه لاستثمار صورة هذه الشخصية الوطنية التي ستظل الرمز الخالد، في حياة كل مواطن أردني مخلص ووفي للأردن".
ويقول جابر إنه كان يغير صورة الشخصية بين الحين والآخر، إلا أنه خلال مناسبة إحياء ذكرى استشهاد وصفي التل التي تم الاحتفال بها مؤخراً، قرر أن يقرأ الكثير عن شخصية هذا المناضل، وفضل في الأخير أن تكون هذه الشخصية هي الصورة الرمزية التي يعتمدها في مواقع التواصل الإجتماعي التي يلتقي فيها مع أصدقائه من جميع دول العالم. فهو يجد في هذه الخطوة فرصة للتعريف برجالات الأردن، في الدول الأخرى.
الأكاديمي في مجال الصحافة والإعلام، الدكتور شفيق ربابعة، والمهتم بقضايا الشباب والأدب، يرى أن الجيل الحاضر لم يشهد أبطالاً من المجتمع الذي يعيشن فيه، بينما شهدت الأجيال التي سبقته ظهور رجال قادوا الأمة، وخلدتهم أفعالهم وبطولاتهم في ذاكرة الناس. وبعد رحيلهم استشعر الجيل الجديد مدى قيمتهم التارخية في حياة الأوطان والأمم، وأحس بالحاجة إلى الاهتمام بهم.
ومن هؤلاء الشباب المهتمين الشاب قيس إبراهيم الذي وضع صورة العالم "إينشتاين"، الذي يرى فيه "شخصية عالمية ذات طابع فلسفي وعلمي، تعبر عن تقلبات الكون والعالم الذي نعيش حوله"، على الرغم من وجود انتقادات من أصدقائه وعائلته الذين يطالبونه بوضع صور لشخصيات عربية أو إسلامية ليكون "أكثر واقعية".
ويبرر إبراهيم اختياره هذا بالقول إنه يغيّر ما بين الفترة والأخرى الصور الرمزية التي يستخدمها عبر حسابه على الفيسبوك، حيث تتغير هذه الصور بتغير الأحداث وشخصياتها. ويعتبر إبراهيم ذلك تعبيراً عن مشاركته الحدث من خلال الشخص الرمز، أو من خلال التذكير بتواريخ معينة، كاستشهاد أو وفاة هذا الشخص، أو ذكرى ميلاد أحد رموز الأمه والعالم، لذلك فهو يجد أن إينشتاين شخصية لا ترتبط بأمة أو بشعب بعينه، بل هو شخصية شمولية لا يرى ضيرا من وضعها في بروفايله.
كما يحب إبراهيم أن يطرح الكثير من الصور الرمزية التي يستخدمها زملاؤه الشباب والفتيات في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يضع الكثيرون صورا لقادة من مراحل "حساسة" في التاريخ العربي، أمثال؛ عمر المختار، ووصفي التل، والملك حسين، وصدام حسين، وجمال عبد الناصر، وتشي جيفارا، وأحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وغيرهم من الشخصيات الأخرى المؤثرة في تاريخ البشرية.
ويؤكد أبو زناد أن الشباب الذين يلجأون لوضع هذه الصور لم يعش الكثير منهم تلك الفترات التي تواجد فيها هؤلاء العظماء، ولكنهم سمعوا عنهم من حديث الكبار عنهم، فيتأثرون بما يسمعون وبما حمله هؤلاء العظماء من توجهات سياسية قد يقتدي بها هؤلاء الشباب، وهو منحى إيجابي في حياتهم.
هذا فيما يرى ربابعة أن هذا السلوك يمكن أن يكون "فشة غل"، عند الشاب، لاسيما وأن بعض الشباب في الدول المسلوبة القرار والإرادة، يلجأون إلى هذه الصور، ويعوّضون بها "نفسيا" عمّا ضاع ولم يتحقق، بسبب أوضاعهم الحالية. 

[email protected]