الفلسطينيون يحتشدون اليوم "بالأقصى" لحمايته ضد انتهاكات الاحتلال

"المنهاج الإسرائيلي" يهدد بإغلاق مدارس القدس

مستوطنون يهود يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال -(وكالات)
مستوطنون يهود يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال -(وكالات)

في انتهاك صارخ للقوانين الدولية؛ تعتزم حكومة الاحتلال اليمينية إجبار مدارس القدس المحتلة على تدريس المنهاج الإسرائيلي تحت طائلة التهديد بالإغلاق، في إطار خطتها لتهويد المدينة وتغيير معالمها، وذلك على وقع احتشاد جموع الفلسطينيين اليوم بالمسجد الأقصى المبارك لحمايته والدفاع عنه ضد انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين.

اضافة اعلان


وتأتي خطوة "إلزاميّة" المنهاج الإسرائيلي بعد فشل حكومة الاحتلال في تهويد التعليم بمدارس القدس المحتلة، التي تضم نحو 100 ألف طالب، بالرغم من مخالفة ذلك للمادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اللتين تكفلان حق الشعوب تحت الاحتلال في الحصول على التعليم الذي يتماشى مع معتقداتهم وحماية ثقافتهم وتراثهم من التغيير أو التشويه.


ولكن الأمر لا يبدو كذلك في مدينة القدس؛ إذ يسعى الاحتلال لفرض المنهاج الإسرائيلي على كامل مدارس المدينة، حيث يتوجه نصف الطلبة المقدسييّن، بالمراحل الثلاثة الابتدائية والإعدادية والثانوية، إلى 146 مدرسة تتبع لمظلة التعليم الفلسطينية، وتشمل مدارس الأوقاف والمدارس الخاصة ومدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".


بينما يتوجه بقية الطلبة إلى المدارس التابعة لإدارة وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية القدس، وفق مركز الإحصاء الفلسطيني.


وتتزامن الخطوة مع إجراءات عقابية إسرائيلية تشهدها مدارس القدس بسبب رفض تدريس المنهاج الإسرائيلي، مثل حجب ميزانية التعليم عن المدينة بدعوى أنها لا تخدم الاحتلال وتساعد في تعزيز الهوية الفلسطينية لدى المقدسيين، وإلغاء تراخيص ست مدارس بحجة "التحريض ضد دولة إسرائيل وجيشها"، وهي مدارس مقدسية عريقة يعود تأسيس إحداها للعام 1931، أي قبل إقامة الكيان المحتل.


ولا تتوقف محاولات حكومة الاحتلال لاستهداف التعليم المقدسي، والتي بدأت منذ احتلال المدينة عام 1967، وذلك عبر تغيير المناهج التعليمية، والحد من بناء المدارس، والسعي لفرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس كاملة إلزامياً.


ويندرج ذلك في إطار ما يسمى "الخطة الخمسية لتطوير شرقي القدس" التي صادقت عليها حكومة الاحتلال مؤخراً بهدف تعميق سيطرتها المطلقة على المدينة المحتلة وتغيير معالمها وتهويدها، لاسيما في مجالات التعليم والاستيطان والأمن، وصولاً إلى محاولة "تغيير وجه مدينة القدس"، وفق تصريح رئيس حكومة الاحتلال، "بنيامين نتنياهو"، خلال الاجتماع.


وتضع الخطة التهويدية التعليم على رأس أولوياتها من خلال تخصيص ميزانية ضخمة للتأثير على المقدسيين وإقناعهم لدفع أبنائهم للانخراط في المناهج الإسرائيلية وبرامج الإعداد للأكاديمية الإسرائيلية، بحيث يؤدي ذلك لاندماجهم في الأكاديمية وعالم التوظيف، من خلال توفير حوافز مادية وتربوية. 


من جانبه، أكد رئيس مركز القدس الدولي، الدكتور حسن خاطر، أن الخطة ترمي إلى تغيير الهوية الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة، موضحاً بأن حكومة الاحتلال المتطرفة تستخدم الأموال لتعزيز جرائم التهويد واستهداف الهوية الفلسطينية وطمسها، وتحريف المناهج التربوية. 


وقال إن الخطة التي "أقرتها سلطات الاحتلال ترمي إلى التلاعب بتفاصيل الحياة اليومية للمقدسيين لتشديد القيود عليهم، والترويج لعمليات التهويد"، معتبراً أن خطوات حكومة "نتنياهو" الأخيرة تُعدُّ بداية حرب جديدة على هوية مدينة القدس المحتلة، والوجود العربي، والمقدسات الإسلامية والمسيحية. 


ودعا إلى وضع إستراتيجيات فلسطينية من أجل حماية المقدسيين، وتوفير الدعم المادي لهم؛ للحفاظ على الهوية الفلسطينية والعربية في المدينة. 


وتتضمن خطة الاحتلال بناء نحو 2000 وحدة سكنية للمقدسيين، لكن في أماكن بعيدة عن القدس القديمة ومحيط المسجد الأقصى المبارك، أي بما يهدف إلى ترحيلهم عن مدينتهم تحت إطار مزاعم تحسين الظروف المعيشية.


ويرى مختصون، مثل الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب، أن الخطة الخمسية الإسرائيلية خطيرة جدًا، حيث تحمل في ظاهرها "تطوير وتحسين وخدمة المقدسيين"، ولكنها تهدف إلى دمج الجزء الشرقي من المدينة ضمن منظومته التعليمية والاقتصادية والصحية، بهدف تغيير الثقافة والعقلية لدى الأجيال المقدسية، وصرفهم عن مقاومته ومواجهة مشاريعه ومخططاته في المدينة المقدسة. 


وأشار أبو دياب إلى أنه خلال الخطة سيتم استثمار مبالغ طائلة لصالح تطوير البنية التحتية في القدس، ولا سيما لخدمة المستوطنين، لتمكين وصولهم إلى المدينة. 


بدورها؛ أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية "عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني، بتحريض علني من غلاة اليمين المتطرف، بما يؤدي إلى تصعيد الأوضاع"، منددة بالإغلاقات المتواصلة والمتكررة للمخيمات والبلدات والمدن الفلسطينية كما حدث في الإغلاق الشامل لبلدة عقربا، بنابلس، لليوم الخامس على التوالي.


ورأت "الخارجية الفلسطينية" أن "إجراءات الاحتلال والمستوطنين وانتهاكاتهم اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الاعتقالات وإغلاق الطرق وشل حركة الفلسطينيين وحياتهم، تهدف لسياسة تكريس الاحتلال والاستيطان والضم والتوسع، وتقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض".


وحمّلت، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن احتلالها لأرض دولة فلسطين وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، وعن أي حرب تشنها على الضفة الغربية أو قطاع غزة، كما تحمّلها المسؤولية عن تنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة، ورفضها المستمر للحلول السياسية التفاوضية للصراع.


واعتبرت أن غياب الإرادة الدولية في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين المحتلة لا يجعل فقط من الشعب الفلسطيني ضحية مستمرة لتخلي المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن مسؤولياته، وإنما أيضا ينتهك القانون الدولي ويُضعف مرتكزات النظام العالمي برمته، ويستبدلها بمنطق القوة كأساس للعلاقة بين الدول".

 

اقرأ المزيد : 

المنهاج التعليمي الإسرائيلي في شرقي القدس يطرح مسألة الهوية