تغطيات وضجيج إعلامي في أزمة الفنانة شيرين

تهاني روحي في ظل غياب المهنية الرصينة عن بعض وسائل الاعلام التقليدية – ان صح التعبير- والذي يقوم على تقصي المعلومة واكتشاف الحقائق وعرضها بطرق موضوعية أمام المتلقي، لتنقلب وتصبح اداة للتلاعب بهذا المتلقي والذي أشفق عليه من كثر المعلومات التي تصله من كل صوب وحدب، ولتدفقها الهائل امامه لا تجعله يفرق ما بين الغث والسمين الا من فئة قليلة. ولعل تناول التغطيات والضجة الاعلامية مؤخرا، والتي تصدرت اهم الاخبار الرائجة في مصر والعالم العربي لموضوع الفنانة شيرين عبدالوهاب وزوجها خير مثال لما يحدث من فوضى منتشرة على وسائل الاعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي. ولا عجب في ذلك فقد تعودنا على فوضى السوشال ميديا في مواضيع مثيرة للجدل فكيف اذن بمادة دسمة فيها طلاق ومخدرات ومصحة وشتائم واستضافات بالجملة لكل من عرف الفنانة ومن عائلتها الصغيرة والكبيرة، الا ان المثير للاهتمام بأن وسائل إعلامية معروفة ومحطات تلفزة أصبح شغلها الشاغل هذا الموضوع وكأن المواد الاعلامية افتقرت لدرجة اقتصارها على هذه المادة الدسمة. كما ان اعادة تدوير المواضيع واجتزاء المقابلات والتصريحات ووضعها خارج سياقها تتلقفها هواة في انتاج فيديوهات قصيرة وخفيفة تهطل علينا من كل صوب وحدب يوميا وبالعشرات ما ان تفتح صفحات وسائل التواصل الاجتماعي هو امر مؤد للغثيان. حيث أصبح معظم المذيعين يدلون بدلوهم ويدخلون في أمور شخصية بحته، وتجاوزوا جميع الخطوط الحمراء في التغطيات او المقابلات الاعلامية، الأمر الذي فتح بابا على مصراعيه لمحبي الفتن والإشاعات والتي يتلقفها معظم رواد مواقع التواصل وتبدأ الاحاديث والتعليقات تنجر الى أمكنة اخرى ضبابية لتكبر ككرة الثلج. وكم تناولنا موضوع وسائل التواصل الاجتماعي سابقا، وكيف انها ماضية في طريقها لإحداث تغييرات عميقة في العلاقات الإنسانيّة. فشعوب الأرض تتحرك من اتجاهات متباعدة أقرب وأقرب إلى بعضها البعض، نحو ما سيكوّن حضارة عالمية مذهلة للغاية في طبيعتها، الا ان هذا الانحراف قد يستدعي منا وقفة لإعادة النظر والتفكير في كيف أصبحت هذه المواقع العامل الأساس في تهيئة متطلبات التغيير عن طريق تكوين الوعي في نظرة الإنسان إلى مجتمعه والعالم. فالمضمون الذي تتوجّه به، لا يؤدي بالضرورة إلى إدراك الحقيقة فقط، بل انه يسهم في تكوين الحقيقة، وحل اشكالياتها. سنحتاج دائما لأن نسأل أنفسنا ما إذا كانت مساهمتنا ستأخذ عن غير قصد خصائص تلك التقنيات السائدة في المجتمع، والتي توجه نحو الاتصالات السريعة والفورية للأفكار والرسائل التي يتم التخلص منها بسرعة بمجرد أن يأتي البند التالي. إذا كانت هذه هي الحالة، فسينتهي بنا المطاف إلى تفتيت المفهوم العميق لواقعنا. هذه الفوضى تعيدنا الى مراجعة اهمية التخصصية في الاعلام، وان يعود الاعلامي الى دوره كشخص باحث عن الحقيقة، فالتخصصية في الاعلام ستعيد جزءا من اعتباره في تشكيل المواقف والخطاب الجمعي المجتمعي. وأخيرا، نتمنى للفنانة الشهيرة ذات الصوت الشجي ان تعود متعافية من ازمتها والتي لا نعلم حتى الآن ابعادها وزواياها المختلفة، فهي ما تزالت ما بين القضاء، ونقابة الفنانين والجانب الطبي المتخصص. وما تزال الحقائق مشوهة ومبتورة. المقال السابق للكاتبة اضافة اعلان