حرية الإعلام في العالم العربي

لا يمكن أن يشارف شهر أيار على الانتهاء دون أن نشير إلى ان هذا الشهر شهد حدثا عربيا مهما يتعلق بالمشهد الإعلامي وهو اعتماد الإعلان الخاص بحرية الإعلام في العالم العربي. وقد جاء اعتماد هذا الإعلان بعد مشاورات واجتماعات عدة توجت آخرها في شهر أيار في الدار البيضاء في المغرب وقد كان لي الشرف بأن اساهم في هذه المشاورات المهمة والتي كان الهدف منها الخروج بوثيقة تكون دليلا واضحا وتضع معايير دقيقة على المستوى الإقليمي فيما يتعلق بحرية الإعلام في العالم العربي في الثالث من الشهر ذاته عام 2016. ومما لا شك فيه فإن أهمية هذا الإعلان تنبع من كونه أول وثيقة تتسم بالشمولية تتعلق بحرية الإعلام في العالم العربي استندت للمعايير الدولية لحقوق الإنسان في مجال حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام والحق في الحصول على المعلومات.

اضافة اعلان


إن أبرز ما يميز الإعلان الخاص بحرية الإعلام في العالم العربي هو وقوفه على التفاصيل المعيارية الخاصة بحرية التعبير والتطرق لقضية مهمة إلا وهي القيود المشروعة على هذا الحق ومضامينها بعيدا عن العمومية والاتساع وفي اطار بنود اتسمت إلى حد كبير بالدقة والتحديد. كما رسخ الإعلان وأكدّ على وجود أنواع مختلفة من أنظمة الشكاوى إلا أنه أشار وبوضوح الى أن التنظيم الذاتي الفعال للإعلام يعد أفضل أشكال هذه الأنظمة، وأنّ الغاية من تأسيسها هي حماية الجمهور وتعزيز أخلاقيات المهنة وليس معاقبة المؤسسات الإعلامية أو الحد من حرية التعبير في آن واحد.


في الوقت ذاته جاءت مقدمة إعلان حرية الإعلام في العالم العربي لتؤطر لفهم عميق للدور الأساسي الذي يمكن للصحافة والإعلام المرئي والمسموع والإعلام الإلكتروني القيام به في نشر الحق بحرية التعبير بالمعنى الواسع، من خلال ضمان حق الأفراد في الحصول على المعلومات وحقهم في المعرفة، وتمكينهم من التعبير عن آرائهم ومخاوفهم، وكشف الفساد والممارسات الخاطئة، والمساهمة في نشر الديمقراطية والحاكمية الرشيدة، وفي الوقت ذاته مكافحة أشكال خطاب الكراهية كافة، لتأتي لاحقا نصوص الإعلام لتتناول قضايا موضوعية مختلفة تتعلق بحرية الإعلام كحرية التعبير ونطاقها، والحق في الحصول على المعلومات ومبادئه الرئيسية، والسلامة الإعلامية، والقيود على المحتوى الإعلامي، وتنظيم وسائل الإعلام وأخيرا الشكاوى المتعلقة بقطاع الإعلام والتنظيم الذاتي للمهنة.


تعد هذه الوثيقة من الوثائق المهمة التي لم تأخذ نصيبها من الانتشار الكافي، إلا أنها تشكل خطوة رائدة لحماية إقليمية لحرية الإعلام في الوطن العربي، وقد كانت هناك محاولات جادة لالحاق هذا الإعلان بآلية خاصة لحماية حرية الإعلام على مستوى الوطن العربي نأمل أن تجد طريقا ممهدا لنجاحها بما يضمن ويكفل الارتقاء بهذه الحرية على مستوى الوطن العربي الحبيب.

 

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا