في حضرة الملك  

طاقة إيجابية هائلة سكنت المكان عندما دلف جلالة الملك عبد الله الثاني إحدى قاعات الاجتماعات في قصر الحسينية للقاء حزبيين وكتاب واساتذة جامعات كان لي شرف أن أكون واحدا منهم، وانتكست تلك الطاقة على الحضور أيضا.اضافة اعلان
بعد السلام على جلالته، الذي استقبل الجميع بوجه باش ضاحك واطمئنان عن الصحة والأحوال، بدا بالترحيب ومعايدتنا والأردنيين بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك، وفورا كعادة الملك دخل في صلب الموضوع وأساسه وتحدث عن الإصلاح وان لا رجعة عن هذا الطريق، واستغرب من وجود مشككين.
في حضرة الملك تشعر بالتصميم العالي والإرادة على الإصلاح، وان هذا طريق لا رجعة عنه، هذا تتلمسه من جلالته وهو يتحدث بوضوح وقوة عن خريطة الطريق المقبلة، وتستشعره وجلالته يستمع لما يقال وتفاعله مع الأفكار التي تطرح من قبل الحضور. 
الملك كان واضحا قاطعا حازما صارما وهو يؤكد أن الإصلاح بكل أشكاله (سياسي، اقتصادي، اجتماعي) لا رجعة عنه، وان الأردن خط طريقه دون ارتجاف أو تردد، وان هذا الطريق هو الطريق الذي يؤمن ولوجنا المئوية الثانية بعزم وتصميم، وان التحديث السياسي لا يمكن أن يحقق نتائجه دون التحديث الإداري والاقتصادي، وأن المسارات الثلاثة مترابطة في إطار علاقة تكاملية هدفها خدمة الوطن والمواطن.
نعم، فالإصلاح هو طريق الأردن الذي لا رجعة عنه، وهو طريق يؤسي لفكر الدول الحديثة الذي تقوم على دولة المؤسسات والقانون والمواطنة ومحاربة الجهوية والمناطقية والواسطة والمحسوبية وغيرهما من الأشكال والتصرفات التي من شأنها إعاقة الدولة الحديثة. 
الانتخابات ستجري العام المقبل 2024 وهو ما يعني انها ستجري في موعدها الدستوري، وفي هذا الصدد والاطار أكد الملك لنا وشدد على أهمية تلك الانتخابات المقبلة، باعتبارها محطة رئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية.
هذا استخلاص حقيقي باعتبار ان الانتخابات ستجري للمرة الأولى في التاريخ السياسي الأردني وفق قوائم حزبية معلنة ومن خلال (كوتة) منحت للأحزاب، وهو الأمر الذي يتعين على الأحزاب بكل مكوناتها واطيافها التقاط الفرصة والبناء عليها، والاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها، وتعزيز حضورها عند كل طبقات وفئات المجتمع، فعملية التحديث السياسي وضعت خريطة طريق واضحة لتحقيق الأهداف المرجوة بشكل متدرج وآمن.
من بين الحضور كان حزبيين جدد تحدثوا عن تجاربهم خلال الاشهر الماضية وبرامج احزابهم سواء الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية او الانسانية، ومدى تواصلهم مع الشباب والنساء بهدف ادماجهم في الفعل السياسي العام. 
الملك استمع باصغاء لكل ما قيل من قبل الحضور، ولم يغفل الاشارة لأهمية رفع نسب التصويت في الانتخابات المقبلة، وهذا بحد ذاته تحد كبير وواقعي، إذ لا بد من الاهتمام بهذا الجانب الذي أشر اليه جلالته والذهاب نحن جميعا أحزابا وحكومة ومؤسسات مجتمع مدني وإعلام للأطراف، أي الخروج من مراكز المدن الكبرى (عمان، إربد، الزرقاء، السلط، الكرك)، والذهاب إلى مدن وقرى الأطراف لجهة تحفيزهم على العمل الحزبي والإصلاح ودعوتهم للاندماج بالاحزاب، والمشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وحث الجميع وخاصة الشباب والمرأة على الترشح ببرامج واقعية والانتخاب وخاصة الشباب والمرأة، فالمشاركة الفاعلة يسبقها تمهيد من قبل الأحزاب بحيث يشعر المواطن بأن الأحزاب تعمل بجدية لترجمة برامجها على أرض الواقع، والانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة العمل وتحقيق النتائج.