مينوتي.. الرجل الذي وضع أساسا لإنجازات الكرة الأرجنتينية

المدرب الراحل لويس سيزار مينوتي -(من المصدر)
المدرب الراحل لويس سيزار مينوتي -(من المصدر)
مدن- توفي الأسطورة الأرجنتيني سيزار لويس مينوتي، بطل العالم كمدرب مع منتخب الأرجنتين في العام 1978، أول من أمس، عن عمر يناهز 85 عاما.
وأكد الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم الخبر، عبر حسابه الرسمي على شبكة "إكس": "بألم عميق، يعلن الاتحاد الأرجنتيني ببالغ الحزن وفاة سيزار لويس مينوتي، المدير الحالي للمنتخبات الوطنية، وبطل العالم سابقا كمدرب مع الأرجنتين.. وداعا فلاكو العزيز".اضافة اعلان
ويعد الرجل المولود في مدينة روساريو، أحد أهم الأسماء في ىتاريخ كرة القدم الأرجنتينية، والمسؤول عن وضع النجمة الأولى على قميص "الألبيسيليستي" كبطل للعالم، في النسخة التي نظمتها الأرجنتين في 1978.
وفي أول رد فعل على وفاة مينوتي، أصدر ناديا برشلونة وأتلتيكو مدريد الإسبانيان بيانين لنعي مدربهما السابق.
وقال النادي الكتالوني، في بيان عبر حسابه على شبكة "إكس": "يعرب نادي برشلونة عن تعازيه الحارة لوفاة المدرب السابق للفريق سيزار لويس مينوتي".
وكان الأرجنتيني الراحل قد تولى تدريب البلاوجرانا في نهاية الموسم 1982-1983 خلفا للألماني أودو لاتيك، واستمر مع الفريق طوال موسم 1983-1984.
وخلال تلك الفترة، توج مينوتي مع "بارسا" بلقب كأس الملك وكأس السوبر الإسباني، وكأس رابطة الدوري.
كما نشر أتلتيكو مدريد بيانا نعى فيه مدربه الراحل سابقا، واصفا إياه بـ"أسطورة كرة القدم"، في الوقت الذي أعلن فيه حالة الحداد.
وجاء في بيان النادي المدريدي "تعازينا الكبيرة لعائلته ولأصدقائه. ارقد في سلام".
وتم التعاقد مع مينوتي لتدريب "الروخيبلانكوس" في 1987 عندما كان خيسوس خيل رئيس للنادي آنذاك، حيث قاد الفريق في 27 مباراة، حقق خلالها الفوز في 15 مباراة، وتعادل في 7، وخسر مثلها، قبل أن تتم إقالته في 1988 بسبب سوء النتائج، والخلافات مع الإدارة. 
وأعرب جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أمس، عبر حسابه الرسمي بمنصة "إنستغرام"، عن أسفه لوفاة مينوتي، مؤكدًا أن "فلسفته في اللعب ستكون إرثه".
وكتب المسؤول السويسري في رسالته: "تلقيت اليوم بأسف عميق خبر وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي الفائز بلقب المونديال. وقاد مينوتي منتخب الأرجنتين للفوز بأول لقب للمونديال العام 1978 والذي حققه بلاعبين لا يمكن نسيانهم، مثل أوبالدو فيلول ودانيال باساريلا وماريو كيمبس. كما حقق لمنتخب بلاده أول لقب لمونديال الشباب في العام 1979، وذلك بفضل السحر الذي لا مثيل له للعظيم دييجو أرماندو مارادونا".
واختتم إنفانتينو رسالته، قائلا "الكثير من المدربين اتبعوا الرؤية التي كان يمتلكها مينوتي في كرة القدم، ولهذا ستكون فلسفته في اللعب هي إرثه. سيزار أحبّ بلاده كثيرا مثلما أحبّته. سيعيش للأبد في ذاكرة عالم كرة القدم. أتقدم بخالص التعازي للشعب الأرجنتيني ولمجتمع كرة القدم الأرجنتيني وأقارب وأصدقاء سيزار لويس مينوتي". 
وكان مينوتي رجل اللعب الجميل في زمن ظلمة الديكتاتورية العسكرية، وحفر اسمه في تاريخ "لا ألبيسيليستي" بعدما قاد المنتخب الى لقبه المونديالي الأول على حساب هولندا.
وعندما حصلت الأرجنتين العام 1966 على حق استضافة مونديال 1978، لم يكن أبناؤها يتخيلون أن منتخب التانجو سيحصد أول ألقابه العالمية.
قبل سنتين على انطلاق البطولة، شهدت البلاد مجيء مجلس عسكري بقيادة الجنرال خورخي فيديلا، بعد انقلاب قضى على حكم الرئيسة إيسابيل بيرون، وسط أعمال عنف ذهب ضحيتها 10 آلاف قتيل، 15 ألف مفقود و8 آلاف سجين، بحسب منظمة العفو الدولية. 
اعتُقل أسرى "الحرب القذرة" في معسكر "إسما" سيئ السمعة، على مقربة من ملعب مونومنتال، مضيف المباراة النهائية بين الأرجنتين وهولندا (3-1). 
هددت بعض الدول، خصوصاً الأوروبية، بالمقاطعة، لكن الاتحاد الدولي (فيفا) برئاسة البرازيلي جواو هافيلانج أصر على استضافة الأرجنتين، بعد مفاوضات صعبة وشاقة مع النظام العسكري الذي تعهد بأن لا تعكر أي حادثة أمنية صفو النهائيات.
ورغم خطورة تحدي النظام، تمتع مينوتي، المدخن الشره الذي أقلع عن التدخين العام 2011، بالجرأة ليقول قبل النهائي على مسألة الدعاية (بروباجندا) عبر منتخب "ألبيسيليستي": "نحن الشعب، ننتمي للطبقة الكادحة، نحن الضحايا، نمثل الشيء القانوني الوحيد في هذا البلد.. كرة القدم".
وأضاف: "لن نلعب لمدرجات مليئة بالضباط، العسكريين، بل نلعب لأجل الشعب، لن ندافع عن الديكتاتورية، بل عن الحرية".
هذه الحرية ليست فقط في المواقف الوطنية والسياسية، بل ترجمها مينوتي أيضاً في أرضية الملعب حيث اعتمد على اللعب الجميل السلس الذي قاد به المنتخب في مونديال بلاده حتى أوصله إلى النهائي الذي حسمته الأرجنتين 3-1 بعد التمديد حيث سجل ماريو كيمبس، أفضل لاعب في النهائيات، هدفين في مرمى منتخب برتقالي افتقد نجمه "الطائر" يوهان كرويف الذي رفض اللعب في المونديال الأرجنتيني.
تولى المدخن الشره مينوتي تدريب 11 نادياً خلال مسيرة امتدت طيلة 37 عاماً، بعضها أكثر من مرة، ومنتخبين وطنيين هما الأرجنتين والمكسيك (1991-1992).
لكن تبقى قيادته الأرجنتين إلى لقب مونديال 1978 على أرضها في وقت كانت البلاد تحت حكم المجلس العسكري القمعي، أبرز إنجازاته على الإطلاق.
ولد مينوتي في روزاريو التي تعد من أبرز معاقل كرة القدم الأرجنتينية، ودافع طيلة مسيرته التدريبية عن اللعب الهجومي والإبداعي، مركزاً على تحركات اللاعبين في أرض الملعب والبحث عن المساحات.
اعتمد مينوتي الذي أطلق عليه لقب "إل فلاكو" أي النحيل، على فلسفة "يمكننا أن نخسر مباراة، لكن لا يمكننا أن نفقد كرامة لعب كرة قدم جميلة".
بعدما دافع كلاعب وسط عن ألوان أندية كبرى، مثل روزاريو سنترال وراسينج وبوكا جونيورز، أنهى مينوتي مسيرته الكروية في البرازيل، حيث زامل في سانتوس العام 1968 الأسطورة الراحل بيليه "أعظم لاعب في كل العصور"، بحسب قوله.
وبانتقاله الى التدريب، ارتقى هوراكان من نادٍ صغير في بوينس أيرس إلى بطل الدوري الأرجنتيني العام 1973، ما فتح الباب أمامه لتولي تدريب المنتخب الوطني بهدف قيادته إلى اللقب العالمي على أرضه.
نجح الرهان وفاز المنتخب الأرجنتيني باللقب تحت قيادة مينوتي ومجموعة من النجوم الكبار، مثل دانيال باساريلا وكيمبس والحارس أوبالدو فيلول.
لكن هذا الإنجاز لم يجنب مينوتي، المقرب من اليسار الذي استهدفه القمع، الانتقادات لاعتبار البعض أنه تغاضى عن جرائم النظام العسكري ولم يستغل موقعه كي يندد بما يقوم به الأخير.
وكان السجين السياسي السابق الحائز على جائزة نوبل للسلام أدولفو بيريس إسكيفيل من بين منتقديه، قائلاً "كنا ننتظر أن يقول مينوتي شيئاً، أن يقوم بلفتة تضامن، لكنه لم يقل شيئاً. كان الأمر مؤلماً ومثيراً للاشمئزاز. هو أيضاً دخل في اللعبة السياسية بصمته".
الفائز العام 1979 بكأس العالم تحت 20 سنة والذي قدم دييغو مارادونا إلى العالم في حينها، رحل عن المنتخب الأرجنتيني في 1982 بعد الإقصاء في الدور الثاني لمونديال إسبانيا.
حل بعدها في برشلونة الإسباني بصحبة مارادونا، حيث اكتفى بإحراز مسابقات الكأس وكأس الرابطة والكأس السوبر ضمن مشوار قاده الى تدريب 11 نادياً بينها بوكا جونيورز وريفر بلايت وأتلتيكو مدريد الإسباني، لكن من دون نجاحات تذكر.
ورغم الإخفاقات التي عاشها، دافع مينوتي دائماً عن فلسفته الكروية المضادة لتلك التي تبناها سلفه في تدريب الأرجنتين كارلوس بيلاردو الذي قاد البلاد إلى لقبها المونديالي الثاني العام 1986.
اعتبر بيلاردو أن الانتصار هو الأساس حتى على حساب اللعب الجميل، فأجابه مينوتي "الأمر يشبه القول إن أهم شيء في الحياة هو التنفس".-(وكالات)