الطبيب.. ما له وما عليه؟!

الطبيب.. ما له وما عليه؟!
الطبيب.. ما له وما عليه؟!

عمان- الطب مهنة ليست ككل المهن، فجانبها الأخلاقي والإنساني يطغى بشكل كبير، فعلى الطبيب أن يكون مستمعا جيدا للمريض، كما عليه أن يكون ملم بالحالات الطبية على اختلافاتها ومتابع لآخر مستجدات العلاجات المختلفة.اضافة اعلان
يبدأ الطبيب وقت الاستشارة بابتسامة وتحية تجعل المريض يشعر بالراحة عند الحديث عن الحالة الطبية والفحص السريري.
وبالرغم من التحدي الكبير والجهد الذي يبذله الطبيب لمساعدة المريض بشتى السبل سواء كان ذلك بالتشخيص الأنسب للحالة، بشرح طريقة العلاج بالتفصيل، بتقديم الدعم النفسي والوقت الكافي كي يلتزم المريض بالعلاج، أحياناً، قد لا يقابل هذا الاهتمام والجهد بأي امتنان، وقد يعزى ذلك لعدم إلمام الكثيرين بالحالات الطبية وتفاصيلها فيصعب عليهم معرفة الفرق بين المضاعفات الطبية والتقصير الطبي.
يروى على مسامع الكثيرين تذمر المريض ممن سببه له الطبيب من تأخير في التشخيص أو مضاعفات من علاج، كما ويكاد لا يخلو بيت العزاء من الإشارة إلى أن سبب الوفاة كان تقصيراً مباشراً وخطأً طبياً فادحاً يشار به إلى الطبيب المعالج.
نحن لا ننكر أن التقصير الطبي حقيقة، ولكن هنالك فرق كبير ‏بين المضاعفات الطبية والتقصير، ففي أي ‏إجراءٍ طبي هنالك خطر محدد بنسب واضحة لحدوث بعض المضاعفات، وعلى الطبيب أن يشرح احتمالية هذه المضاعفات بكل أمانة وألا يقف عند ذلك بل عليه أن يوضح للمريض ما يقوم به كطبيب لتجنب تلك المضاعفات ما أمكن.
فمثلا، ارتفاع قراءات فحص الكلى بعد القسطرة هو من المضاعفات التي قد تحصل ويحاول الطبيب تجنبها بمتابعة فحوصات الكلى باستمرار واعطاء السوائل للمريض والابتعاد عن الأدوية التي تضر بالكلى كمضادات الالتهاب (الفولتارين) في تلك الفترة.
وفي سياق آخر، قد يحصل تحسس دوائي في الجلد بعد بعض العلاجات مثل علاجات التشنجات العصبية (Anticonvulsants)، وعلى الطبيب أن يشرح ذلك للمريض ويقوم بتغيير العلاج عند حدوث ذلك.
فضعف الكلى بعد القسطرة قد ينتهي في الحالات الشديدة إلى الحاجة لغسيل الكلى، كما قد ينتهي التحسس الدوائي الشديد في وحدة الحروق، وفي الحالتين السابقتين ما حصل هو مضاعفات طبية ليست بـ خطأ أو تقصير من الطبيب.
وهنا يأتي دور التثقيف الطبي للعامة، فنشر الوعي وتثقيف المريض بشكل مفصل عن حالته الطبية والإجراء المطلوب وما قد ينتج عن ذلك الإجراء من مضاعفات وكيفية المتابعة والعلاج.
ففي مجتمعنا يسهل على بعض الناس اختصار ذلك بأن الطبيب قد أخطأ، ويبدأ الجميع بإبداء الرأي والنصح الطبي بما كان يجب فعله وما لم يجب فعله، ويغيب عن ذهن الكثيرين أن جسم الانسان معقد بشكل كبير وأن التطور في الاختصاصات الطبية سريع جداً، فكم من أمراض جديدة تضاف إلى الكتب الطبية كل يوم، وكم من علاج قديم قد توقف العمل به لما قد سببه من مشكلات، وكم من دواء جديد قد أضيف إلى قائمة العلاجات في تخصص ما.
يفتقر الطبيب في مجتمعنا إلى الاحترام والتقدير؛ فالمشاكل اللوجيستية في القطاع الطبي قد تلقى على كاهل الطبيب، كما ويلقى إهمال المريض لحالته الصحية المزمنة وغيابه عن المراجعات وتطور الحالة على كاهل الطبيب، مما يؤثر سلباً على قدرة الطبيب على العطاء ومتابعة آخر التطورات في مجاله.
وهذا كله لا ينفي ضرورة وجود ضوابط تنظم علاقة الطبيب بالمريض وأهمها ما يلي:
1 - تشديد وتطبيق العقوبات الرادعة للمعتدين على الطواقم الطبية، فكيف لطبيب أو ممرض أن يقوم بما هو الأفضل للمريض عند عدم شعوره بالأمان عند معالجة الحالة، ففي الكثير من بلدان العالم تنتشر اللافتات في المستشفيات موضحةً أن عقوبة الاعتداء على الطواقم الطبية قد تصل إلى عشر سنوات من السجن.
2 - تفعيل دور اللجان الطبية بشكل أكبر للنظر في القضايا المتعلقة بالتقصير الطبي، أن تفند شكوى المريض أو الأهل بشكل واضح وسريع تحت بند التقصير الطبي أو على أنها مضاعفات للحالة.
3 - توفر نماذج للموافقة على الاجراءات الطبية في كافة التخصصات، مما يوضح للمريض احتمالية المضاعفات قبل حصولها.
4 - وجود برامج ومحاضرات للأطباء للمحافظة على التعليم الطبي المستمر وهو ما يعرف ب CME“ Continuous Medical Education”
فإن وجود الضوابط هي ضرورة لحماية مصلحة المريض وتوفير المساحة اللازمة للطبيب للقيام بما هو الأنسب للحالة الطبية.
راية حجازي
اختصاصية الجلدية والليزر والتجميل الطبي