المقاومة في غزة: فضح الظلم وتعزيز التضامن الدولي‏

‏المقاومة الفلسطينية تنتصر: يجب هزيمة حل نتنياهو النهائي للقضية الفلسطينية (1 - 2)

فلسطينيون يتجمعون عند منزل هدمته الغارات الإسرائيلية في غزة - (أرشيفية)
فلسطينيون يتجمعون عند منزل هدمته الغارات الإسرائيلية في غزة - (أرشيفية)

‏تقف المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة شاهدا على الروح الحية التي لا تقهر لشعب مصمم على استعادة حقوقه وكرامته في مواجهة أعتى قوى القمع والاحتلال.

اضافة اعلان

 

وعلى الرغم من دفع الشعب الفلسطيني كلفة هائلة من المعاناة والخسائر، فإنه يحقق مكاسب كبيرة لقضيته على أكثر من صعيد. ولعل من أهم إنجازات هذه المقاومة تسليط ضوء قوي كان غائبا على الطبيعة الحقيقية للكيان الصهيوني ونواياه الخبيثة بشأن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين. وأصبح النضال الفلسطيني التحرري يحظى باهتمام ودعم دوليين متزايدين بطريقة غير مسبوقة، وهو ما يتيح إمكانيات جديدة للقضية الفلسطينية. ‏


كان عمل المقاومة الباسل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) مقدمة لفضح الدوافع الكامنة وراء سياسات وتصرفات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين. وأعاد التذكير بحقيقة الوضع المأساوي المسكوت عنه في غزة على مدى 17 عاما.

 

كان الغزيون يواجهون طوال هذه السنوات القمع والتمييز المنهجيين اللذين فرضهما الاحتلال بالحصار الخانق المعزز بالتوغلات العسكرية والغارات الجوية الدورية التي استهدفت "جز العشب" وإجبار السكان على "الحمية القسرية" بالعيش على الحد الأدنى من لوازم البقاء وإحباط طاقتهم.

 

كان ذلك العيش على حافة الموت يمر كشيء طبيعي، إلى أن كشفت الأحداث الأخيرة النزعات الإجرامية التي ينطوي عليها الكيان الصهيوني، القائمة على نية الإبادة والتطهير لاستكمال مشروعه الاستعماري.

 

ورأى العالم الوجه القبيح الحقيقي للكيان وهو يستهدف الفلسطينيين بالقصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية، فيما يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.

 

ومن خلال توثيق هذه الفظائع ونشرها، أتاحت المقاومة الفلسطينية، وتضحيات الفلسطينيين، تعرية الرواية الزائفة التي يروجها الكيان ومؤيدوه، وفضحت الظلم المتأصل في سياساتهم وغاياتهم.‏


على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهها، حققت المقاومة الفلسطينية في غزة مكاسب كبيرة على مختلف المستويات. عسكريا، أثبت المقاتلون من مختلف الفصائل التي تعمل في القطاع قدرتهم على التصدي لآلة العدو العسكرية والدفاع عن أرضهم وإلحاق خسائر بالجيش المتغطرس الذي أظهروا أنه يُقهر، وبالتالي التقاط ورقة ضغط وردع.

 

وعلى الصعيد السياسي، نجحت المقاومة في حشد الدعم الشعبي وتعزيز التماسك الداخلي بين الفلسطينيين، على الرغم من محاولات الجهات الفاعلة الخارجية زرع الانقسام والفرقة بينهم.

 

وقد أصبحنا نسمع بطريقة أكثر جدية دعوات إلى توحيد الصف الفلسطيني، كضرورة وجودية، والالتفاف حول برنامج نضالي يأخذ في اعتباره إمكانيات الكفاح المسلح في تحقيق مكاسب لم تنجح في تحقيقها الاتجاهات الانهزامية أو المخدوعة بوعود الدولة والسلام من دون دفع مقابل.‏


‏وقد امتد تأثير النشاط النضالي الفلسطيني إلى مختلف بقاع العالم. وكما يحدث، ألهم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الهجمة الهمجية حركات التضامن في جميع أنحاء العالم، فتصاعدت حركات ودعوات المقاطعة ضد الكيان الصهيوني وأصبح بالإمكان انتقاده علنا والتحرر من تهمة "معاداة السامية" التي لطالما استخدمت لتخدير الضمائر.

 

ولم تؤد الثورة في غزة وتداعياتها إلى زيادة الوعي بمحنة الفلسطينيين فحسب، بل أصبحت تمارس ضغطا على الحكومات والهيئات لإنهاء تواطئها في الانتهاكات الصهيونية لحقوق الإنسان. وبفضل الاستخدام الفعال لوسائل التواصل الاجتماعي والنشاط الرقمي، تمكن الفلسطينيون وأنصارهم من تضخيم الأصوات المناهضة لقوى العدوان، ومواجهة وتفكيك رواياتها السائدة، واستعادة المهمشين القدرة على كتابة روايتهم الخاصة.‏


على الرغم من الخذلان الواضح، والمتوقع، الذي لاقته المقاومة الفلسطينية والفلسطينيون من كيانات ميؤوس منها، تلقت المقاومة تضامنا ودعما من مجموعة كبيرة ومتنوعة من المؤسسات والبلدان والأفراد الذين يترفعون عن التغاضي المتآمر مع الظلم المتأصل في الاحتلال، ويدفعهم ميل شريف إلى دعم مبادئ العدالة والمساواة. وقد أدانت منظمات دولية مثل الأمم المتحدة انتهاكات الكيان الصهيوني للقانون الدولي ودعت إلى إنهاء الحصار المفروض على غزة.


‏كما اتخذت عدة دول خطوات ملموسة لدعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال الاعتراف الدبلوماسي بدولة فلسطين، أو بقطع علاقاتها وسحب سفرائها وإلغاء اتفاقياتها التجارية مع الكيان، أو من خلال تقديم المساعدات المالية للاجئين الفلسطينيين، أو الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية.

 

كما حشدت الحركات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم ونظمت التجمعات والمسيرات والمقاطعات والاحتجاجات والحملات التثقيفية، تضامنا مع الفلسطينيين ولزيادة الوعي حول قضيتهم العادلة والظلم الذي يتعرضون إليه.‏


وبالإضافة إلى الكيانات، قدم أفراد بارزون، بمن فيهم علماء وفنانون، وأكاديميون ومفكرون، وناشطون وقادة سياسيون، أصواتهم لنصرة النضال الفلسطيني، وتحدثوا في الإعلام والتجمعات والندوات ضد الفصل العنصري والنهج الإبادي والطبيعة غير الشرعية للكيان الصهيوني، وطالبوا بالمساواة والحرية وتقرير المصير للشعب الفلسطيني.

 

وقد ساعدت جهودهم على تحفيز الرأي العام وتحويل الخطاب المحيط بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ممهدين الطريق لنهج أكثر وعيا وشمولا وقائما على الحقوق المشروعة في الحرية للفلسطينيين.‏


‏لم يسبق منذ وقت طويل أن كانت القضية الفلسطينية في المركز والمقدمة من الانتباه العالمي كما هي الآن. وقد أظهر النضال الفلسطيني الجدي قيمته بطريقة لا تقبل الشك في خدمة قضايا التحرر من الاستعمارات، وأكد على الطريقة الوحيدة التي تُكسب بها الحرية، حيث الاستسلام ليس خيارا وحيث ينبغي أن يدفع المستعمرون أثمانا عن جرائمهم التي لا توقفها الأساليب السلمية، خاصة وأن الاستعمار في حد ذاته جريمة بشعة مستمرة تستوجب العقاب.


فيما يلي مقال للناشط اليهودي-الأميركي إريك مان، يحث فيه حركة التحرر الوطنية الفلسطينية على فضح وهزيمة "الحل النهائي" الذي يتصوره الكيان المتطرف للقضية الفلسطينية.

 

ويعرض مان ذلك في سياق البناء على المكاسب التي تحققها المقاومة الفلسطينية الباسلة في الوقت الراهن.

 

 

 

‏‏إريك مان‏ - (كاونتربنش) 21/2/2024

 

"المقاومة الفلسطينية تنتصر: على الحركة فضح وهزيمة "الحل النهائي" الذي وضعه نتنياهو للقضية الفلسطينية‏

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه إدانة عالمية، يقول يائسا لأنصاره المعزولين أن إسرائيل تحتاج إلى تحقيق "نصر كامل". وفي يوم "عيد الميلاد" في العام 2023، منحت صحيفة "وول ستريت جورنال" رئيس الوزراء منبرا عالميا لتأكيد بيانه -"شروطنا الأساسية الثلاثة للسلام: يجب علينا تدمير حماس، ونزع سلاح غزة، ونزع التطرف من المجتمع الفلسطيني بأسره".

 

هكذا أوضح نتنياهو أهدافه. إنه يريد "حلا نهائيا" للمشكلة الفلسطينية -الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. وهدفه هو فلسطين من دون أي فلسطينيين حتى تتمكن إسرائيل من احتلال كل فلسطين بالكامل، مرة وإلى الأبد.‏


يستدعي تطبيق الطبقة الحاكمة الإسرائيلية المباشر لـ"الحل النهائي للمسألة اليهودية" الذي وضعه هتلر إعادة بناء تاريخية قصيرة. بحلول العام 1939، ألقى أدولف هتلر خطابا دعا فيه إلى "الإبادة الجماعية لجميع اليهود في أوروبا". ويستند مصطلح "الإبادة" ذاته إلى تجريد الشعب اليهودي من إنسانيته وتشويه سمعته.

 

وكان "الحل النهائي للمسألة اليهودية" هو الاسم الرمزي الرسمي لقتل كل يهودي يمكن أن يصل إليه النازيون. وقامت بصياغة هذه السياسة للقتل الجماعي المتعمد والمنهجي في ألمانيا وأوروبا المحتلة، من الناحية الإجرائية والجيوسياسية، القيادة النازية في كانون الثاني (يناير) 1942 في "مؤتمر وانسي" (1) الذي عقد بالقرب من برلين. وبلغت هذه السياسة ذروتها في الـ"هولوكوست"، الذي شهد مقتل 90 في المائة من اليهود البولنديين، وثلثي السكان اليهود في أوروبا.

 

وكتب راؤول هيلبرغ Raul Hilberg، مؤلف ‏‏كتاب "تدمير يهود أوروبا"‏‏ Destruction of the European Jews، أنه في العام 1941، المرحلة الأولى من القتل الجماعي لليهود، بدأت وحدات القتل المتنقلة في ملاحقة ضحاياها عبر الأراضي الشرقية المحتلة.

 

وفي المرحلة الثانية، التي امتدت عبر كامل أوروبا التي تحتلها ألمانيا، تم إرسال الضحايا اليهود في قطارات الموت إلى معسكرات القتل المركزية التي بنيت لغرض القتل المنهجي لليهود.‏


ولكن، لماذا أطلق النازيون على ذلك اسم "الحل النهائي"؟ لأن كل شكل آخر من أشكال اضطهاد اليهود لم يحل المشكلة. كانت ألمانيا النازية تنطوي على الكثير من الكراهية لليهود لدرجة أن إبادتهم الجماعية فقط كانت "الحل" لسؤالهم –ما الذي يمكننا أن نفعله للقضاء على اليهود كشعب. بدأ النازيون بالإساءة اللفظية والضرب الجسدي.

 

ثم أُجبر اليهود على ارتداء نجمة داود الصفراء وهم يصرخون بالنعوت ويلقون الحجارة. ثم تحول النازيون إلى السجن القسري لليهود في الأحياء اليهودية.

 

ثم القتل على نطاق واسع. ثم فكرة أنه ربما يمكن تفريق اليهود. ولكن إلى أين؟ —بينما أرادت ألمانيا السيطرة على العالم والولايات المتحدة، لم يكن البريطانيون والفرنسيون بالتأكيد يريدون اليهود بينهم. ثم، أخيرا، جاء "الحل النهائي".‏


من الصياغة المفاهيمية والاستراتيجية للصهيونية في ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى المذابح الجماعية الإسرائيلية وتفريق أكثر من 700.000 من السكان الفلسطينيين الأصليين في العام 1947 -التي يسميها الفلسطينيون النكبة، كان وجود إسرائيل نفسه قائما على الإبادة الجماعية. لطالما كانت الإبادة الجماعية وإزالة السكان الأصليين وقتلهم الجماعي هي الضرورة التكتيكية المركزية للإمبريالية الاستيطانية البيضاء والأوروبية. وتعرف "اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية" للعام 1948 الإبادة الجماعية بأنها "أي فعل من الأفعال الخمسة المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.

 

وتشمل هذه الأفعال الخمسة: قتل أعضاء الجماعة؛ والتسبب لهم بأضرار جسدية أو عقلية خطيرة؛ وفرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الجماعة؛ ومنع الولادات؛ ونقل الأطفال قسرا إلى خارج الجماعة".‏


‏في فولكلور المستوطنين الإمبرياليين البيض والمسيحيين والأوروبيين -والآن اليهود- يُفترض دائما أن الأرض المستهدفة شاغرة -أو في أذهانهم، شاغرة مسبقا. ومع ذلك، كان أنصار الصهيونية في ثمانينيات القرن التاسع عشر يفهمون جيدا أن العالم بأسره كان مأهولا.

 

وهكذا، احتاجوا إلى دعم القوى الإمبريالية (في هذه الحالة إنجلترا) لتهجير الفلسطينيين الذين كانت للبريطانيين سيطرة استعمارية عليهم.

 

وسيكون ذلك هو القاعدة الأرضية لدولة استيطانية جديدة يديرها اليهود الصهاينة. وفي المقابل، وعدت إسرائيل بأن تكون وكيلا مخلصا للإمبريالية البريطانية، ولاحقا الإمبريالية الأميركية، في الشرق الأوسط، ودعم معاداة الشيوعية والثورة المضادة، وتوسيع الأجندة العنصرية الاستعمارية.

 

وكان هذا واضحا أكثر من أي شيء آخر في تحالف إسرائيل الاستراتيجي والأيديولوجي والثقافي العميق مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.‏


وسارت الخطة التكتيكية الإسرائيلية لتنفيذ الإبادة الجماعية للفلسطينيين بطريقة منهجية.‏ ‏بدأت بالغزو المنهجي المدروس للمستوطنين اليهود بجلبهم إلى فلسطين في وقت مبكر من ثمانينيات القرن التاسع عشر، كمتسللين واعين ومحتلين مستقبليين.‏


‏ثم كانت النكبة الفلسطينية في العام 1947 -غزو عسكري إسرائيلي عقابي لفلسطين أدى إلى الترحيل القسري لأكثر من 700.000 فلسطيني.‏


‏ثم كان الاحتلال الإسرائيلي لغزة في العام 1967 -اعتقال مليون فلسطيني وقيام إسرائيل بإنشاء معسكر اعتقال في الهواء الطلق يتسع لمليوني إنسان في غزة- محرومين من أي مساعدات إنسانية، أو الحق في السفر برا وبحرا وجوا.

 

ثم، إلى جانب ضرب طوق على سكان غزة، فرض الإسرائيليون سيطرة منهجية من الإرهاب ضدهم باستخدام تكتيكات السجن والتعذيب والخطف والقتل. وأدت الوحشية الإسرائيلية والانتهاكات الثقافية المستمرة إلى التسبب بوفيات غير طبيعية للرضع، ونشر اليأس، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، وزيادة حالات الانتحار بين الفلسطينيين الأصليين.

 

وكانت هذه خطة واعية نفذتها إسرائيل لتدمير ثقافة الشعب الفلسطيني، وسلامته، وكرامته وهويته الوطنية.‏


ثم، في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أطلقت حماس مبادرة تكتيكية جريئة وفعالة للتحرر الوطني الفلسطيني. تصوّورا أن الشعب الفلسطيني وحماس سعوا أخيرًا إلى الانتقام، والتحرر، والثورة التحرر ضد احتلال فاشي! أجبر هذا التأكيد البسيط على إنسانية الشعب الفلسطيني، وحقه في المقاومة بأي وسيلة ضرورية، والرد بالقتال، كل دولة في العالم على إيلاء اهتمام كبير للقضية الفلسطينية واتخاذ موقف -إلى أي جانب أنت؟ وفي حين أن العديد من حلفاء إسرائيل التقليديين يعلنون دعمهم لها، فإن العديد منهم يعكفون بالفعل على صياغة إستراتيجية للخروج.‏


‏ردا على المبادرات التكتيكية لحماس، صاغت إسرائيل أكثر الردود وحشية -تدمير الفلسطينيين كشعب مرة واحدة وإلى الأبد؛ ما يسميه نتنياهو "النصر الكامل".

 

وكانت هذه الخطة دائما هناك، ولكن كان لا بد من تنفيذها على مراحل. كان وجود حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة شيئا غير مقبول ولا يمكن تصوره بالنسبة للصهاينة، ولكنه ملهم ومبهج ومحرر للشعب الفلسطيني. لطالما كانت المقاومة الجماهيرية بالنسبة للمضطهدين، كما أشار فرانز فانون، هي المضاد العظيم للاكتئاب.‏
شرط نتنياهو المسبق الأول: ‏‏يجب تدمير حماس‏ 


بدأ ‏نتنياهو بيانه:‏

 


‏"أولا، يجب تدمير حماس، الوكيل الإيراني الرئيسي. تدعم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا والعديد من الدول الأخرى نية إسرائيل تدمير الحركة الإرهابية. ولتحقيق هذا الهدف، يجب تفكيك قدراتها العسكرية وإنهاء حكمها السياسي على غزة.

 

لقد تعهد قادة حماس بتكرار مذبحة 7 تشرين الأول (أكتوبر) "مرارًا وتكرارًا". هذا هو السبب في أن تدميرها هو الرد المتناسب الوحيد لمنع تكرار هذه الفظائع المروعة. أي شيء أقل من ذلك سيضمن المزيد من الحرب والمزيد من إراقة الدماء. وخلال تدمير حماس، ستواصل إسرائيل التصرف في امتثال كامل للقانون الدولي".‏


‏(لاحِظوا أن نتنياهو يعترف بـ"حكمها (حماس) السياسي على غزة" -وهو اعتراف بالدعم السياسي الساحق الذي تتمتع به الحركة بين الشعب الفلسطيني في غزة).‏


‏إن حماس هي منظمة سياسية شعبية، تحظى بدعم في جميع أنحاء فلسطين –حيث أقوى قاعدة لها في غزة. وهدفها هو التحرر الوطني للشعب الفلسطيني. وهي حركة حرب عصابات.

 

في كانون الثاني (يناير) 2006، عندما أجرت المناطق الفلسطينية ما تبين أنها آخر انتخابات برلمانية، فازت حماس، التي ترشحت باسم "حزب التغيير والإصلاح"، بأكبر عدد من الأصوات الشعبية -44 في المائة من المجموع.

 

وكان ذلك في مقابل ذلك41 في المائة لحركة "فتح"، أو "السلطة الفلسطينية" الأكثر اعتدالا. ووفق النظام البرلماني الفلسطيني، فازت حماس بأغلبية قوية من المقاعد –74 مقعدا لحماس في مقابل 45 لفتح.‏


شكل هذا التصويت مفاجأة مذهلة لأن إسرائيل كانت قد اعتقلت 50 عضوا من حماس من المنخرطين في الانتخابات، بالإضافة إلى اعتقال وسجن 15 من قادتها. وكما لو أن ذلك لم يكن كافيا، قدمت الولايات المتحدة وأوروبا نصف ميزانية "فتح" الانتخابية، حيث ساهمت الولايات المتحدة بمبلغ 2.3 مليون دولار.

 

ولولا التدخل والمساعدات الإسرائيلية والأوروبية والأميركية، لكانت حماس قد حققت فوزا ساحقا. لكنّ حماس اكتسبت من خلال هذه العملية دعما سياسيا أكبر، بينما فقدت "فتح" مصداقيتها في نظر الكثيرين في غزة. وهكذا، قرر نتنياهو والغالبية العظمى من القوى السياسية الإسرائيلية التي تتفق معه أو تخضع له، أنه يجب تدمير "الحكم السياسي" لحماس.

 

وكان هذا يعني، عمليا، أنه يجب تدمير جميع الفلسطينيين الناشطين في حماس، أو المتعاطفين مع حماس، أو حتى غير المعارضين لحماس.‏


كان استخدام نتنياهو لكلمة "تدمير" دعوة صريحة إلى القتل الجماعي لحماس وجميع الفلسطينيين.

 

و‏‏تستخدم الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل مصطلح "تدمير" فقط في حربها ضد شعوب "العالم الثالث".

 

لاحظوا أنه خلال الحرب العالمية الثانية، في حرب الولايات المتحدة والإنجليز وشيوعيي العالم الثالث ضد الفاشيين الألمان والإيطاليين واليابانيين، لم يستخدم قادة الولايات المتحدة كلمة "تدمير" على الإطلاق.

 

بينما أدركت الولايات المتحدة أن معظم الألمان واليابانيين كانوا نازيين وفاشيين متحمسين، كانت لديها خطط لإعادة دمجهم و"إعادة تأهيلهم" بعد الحرب العالمية الثانية في خطتها الإمبريالية المناهضة للشيوعية والرامية إلى السيطرة على العالم.

 

وهكذا، أرادت الولايات المتحدة خلق الأسطورة التي تقول أن عددًا صغيرًا فقط من القادة النازيين هم الذين أجبروا شعوبهم على ارتكاب جرائم لا تطاق ضد الإنسانية.

 

ثم، عند تحقيق النصر، يمكن للولايات المتحدة أنسنة النازيين والفاشيين الذين تعتزم تجنيدهم لقضيتها. حتى في مواجهة الإبادة الجماعية الألمانية ضد الشعب اليهودي وشعب الغجر والشيوعيين، لم يكن مصطلح "التدمير" موجودًا مطلقًا في قاموس الولايات المتحدة.‏


الرد المتناسب

 


فيما يلي توثيق للمعاناة الجماعية التي خلفها "الرد المتناسب" الإسرائيلي على الفلسطينيين:‏
‏في غزة، وفقًا لقناة "الجزيرة"، (حتى تاريخه):‏


‏-قتلى: ما لا يقل عن 27.947 شخصا، بينهم أكثر من 12.150 طفلا و8.300 امرأة.‏
‏-جرحى: أكثر من 67.459 شخصا، من بينهم 8.663 طفلا و6.327 امرأة على الأقل.‏

-مفقودون: أكثر من 7.000‏.

 


كما تم تدمير أو إلحاق ضرر جزئي بأكثر من نصف منازل غزة –360.000 وحدة سكنية. إضف إلى ذلك تدمير 390 مرفقا تعليميا، ولم يعد يعمل في غزة سوى 13 فقط من أصل 35 مستشفى، وبشكل جزئي؛ وتم تدمير 122 سيارة إسعاف؛ و267 مكانا للعبادة دمرتها الهجمات الإسرائيلية.‏


‏وفي كل ساعة في غزة: يُقتل 15 شخصا –ستة منهم من الأطفال؛ ويصاب 35 جريحا؛ ويتم إسقاط 42 قنبلة؛ ويتم تدمير 12 مبنى.‏ (يُتبع)‏

‏*إريك مان Eric Mann: المدير المشارك لـ"مركز استراتيجية العمل/ المجتمع". وهو من قدامى الأعضاء في حركات "مؤتمر المساواة العرقية"، و"طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي"، و"حركة الاتجاهات الجديدة لعمال السيارات المتحدين". وهو مضيف برنامج "أصوات من الخطوط الأمامية" الذي يبثه راديو "كيه. في. إف. كيه"/ باسيفيكا، (‏محطة إذاعية‏‏ برعاية المستمعين مقرها في ‏‏شمال هوليوود‏‏، كاليفورنيا، الولايات ‏‏المتحدة). كتابه القادم هو "‏‏رأيت ثورة بأم عيني: تاريخ واستراتيجية وتنظيم الثورة التي نحتاجها اليوم" I Saw a Revolution with my Own Eyes: History, Strategy, and Organizing for The Revolution We Need today  


هامش المترجم:


(1) مؤتمر وانسي‏‏ Wannsee Conference: كان اجتماعًا لكبار المسؤولين الحكوميين في ‏‏ألمانيا النازية،‏‏ عقد في ضاحية ‏‏وانسي‏‏ في ‏‏برلين في‏‏ 20 كانون الثاني (يناير) 1942.

 

كان الغرض من المؤتمر، الذي دعا إليه مدير ‏‏المكتب الرئيسي لأمن الرايخ، رينهارد هايدريش‏، هو ضمان تعاون القادة الإداريين لمختلف الإدارات الحكومية في تنفيذ ‏‏"الحل النهائي للمسألة اليهودية"‏‏، حيث سيتم ترحيل معظم ‏‏يهود‏‏ ‏‏أوروبا التي تحتلها ألمانيا إلى بولندا المحتلة وقتلهم.

 

وخلال الاجتماع، أوضح هايدريش كيف سيتم تجميع اليهود الأوروبيين وإرسالهم إلى ‏‏معسكرات الإبادة‏‏ في "‏‏الحكومة العامة"‏‏ (الجزء المحتل من بولندا)، ‏‏حيث سيتم قتلهم‏‏. 

 

*نشر هذا المقال تحت عنوان:

The Palestinian Resistance is Winning: the Movement Must Expose and Defeat Netanyahu’s “Final Solution” to the Palestinian Question

 

 

اقرأ المزيد في ترجمات :

 

- ‏فقدان "الردع": كيف غيرت المقاومة الفلسطينية والعربية قواعد الحرب مع إسرائيل‏؟

- لماذا أوقفت المقاومة العراقية التصعيد ضد أميركا؟