‏قصف المسلمين من أجل السلام‏

بوستر يظهر آثار قصف، ويقول: "لا تستطيعون أن تقصفوا منطقة لجلب السلام" - (أرشيفية)
بوستر يظهر آثار قصف، ويقول: "لا تستطيعون أن تقصفوا منطقة لجلب السلام" - (أرشيفية)

* - (كونسورتيوم نيوز) روليام أستو2024/2/21

 

مثل العديد من الأولاد الأميركيين من "جيل طفرة المواليد" (مواليد فترة ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من العام 1945 إلى العام 1964)، كنتُ ألعب لعبة "الحرب" بأولئك الجنود المسنين المصنوعين من البلاستيك زيتوني اللون، الذين يُفترض أنهم يستحضرون انتصارنا العظيم على النازيين و"اليابانيين" خلال الحرب العالمية الثانية.

اضافة اعلان

 

 

وعندما كان عمري 10 سنوات، احتفظتُ أيضًا بسجل يضم قصاصات لحرب "يوم الغفران" في العام 1973 بين إسرائيل وأعدائها العرب المختلفين في الشرق الأوسط.

 

وكان ذلك، على ما أعتقد، علامة مبكرة على أنني سأتخذ كلاً من الخدمة في الجيش ودراسة التاريخ مهنتين لي في المستقبل.‏


أتذكر أنني عبَّرت عن دعمي للإسرائيليين، الذين تم الإعلان عنهم آنذاك كحلفاء أساسيين للولايات المتحدة، ضد مصر وسورية وأعداء إقليميين آخرين تحالفوا، ظاهريا على الأقل، مع الاتحاد السوفياتي في حقبة الحرب الباردة تلك.

 

واشتريت السرد السائد عن صراع من نوع "‏‏داود مقابل جالوت‏"‏. حتى أنني اشتريتُ كتابًا عن "حرب يوم الغفران"، والذي أسرني من خلال عرض جميع أنواع الأسلحة التي هُرع بها الجيش الأميركي إلى إسرائيل لتحويل وجهة المد هناك، بما في ذلك طائرات (ف-4 فانتوم)، ودبابات القتال الرئيسية (م-60). (مقاليع داود عالية التقنية، إذا أحببتُم).

 

ولم أكن أعلم أنني سأشهد، في السنوات الخمسين التالية من حياتي، هجمات عسكرية أميركية تزداد تدميرًا باطراد في الشرق الأوسط، خاصة بعد أن ردت "منظمة أوبك" النفطية (الشرق أوسطية إلى حد كبير) بقوة بحظر للنفط في العام 1973 أرسل اقتصادنا القائم على النفط إلى دوامة من الفوضى.‏


‏وكما قال أحد أصحاب النكتة ساخرًا: مَن وضع نفطَ أميركا تحت رمال كل تلك الدول الإسلامية الجاحدة في الشرق الأوسط؟

 

ومع تصريحات مثل "‏‏مبدأ كارتر"‏‏** في العام 1980، كانت الولايات المتحدة مستعدة بوضوح لتُظهر للعالم مدى حرصها على الدفاع عن "مصالحها الحيوية" (بمعنى الوقود الأحفوري بالطبع) في تلك المنطقة. وحتى في الوقت الراهن، بينما نشاهد الجولة الأخيرة في سجل هذا البلد الثابت بشكل مؤلم في محاولة قصف مختلف البلدان والكيانات هناك لإجبارها على الخضوع، بشكل أساسي من خلال الضربات الجوية المتكررة، يجب ألا ننسى ‏‏أبدًا أهمية النفط‏‏، والكثير منه، للإبقاء على محركات الصناعة والحرب تدور بطريقة مدمَّرة.‏


في الوقت الحالي، بطبيعة الحال، يشهد العالم ‏‏حملة قصف‏‏ أميركية أخرى، هي الأحدث في سلسلة تبدو متوقعة للغاية (‏‏وعبثية‏‏)، تهدف إلى تعليم المتمردين الذين لا يهدأون في العراق وسورية واليمن -وربما حتى إيران- درسًا عندما يتعلق الأمر بالعبث مع الولايات المتحدة الأميركية.

 

وكما قال مغني الريف المتوفى مؤخرًا، ‏‏توبي كيث‏‏: اعبَث مع هذا البلد و"‏‏سوف نضع حذاءً‏‏ (فكِّر: قنبلة) في مؤخرتك".

 

أنت تقتل ‏‏ثلاثة جنود‏‏ من جنودنا وسوف نقتل العشرات، إن لم يكن المئات، إن لم يكن الآلاف من جنودك (ولا يهم حقًا ما إذا كانوا جنودًا أم لا)، لأن... حسنًا، لأننا نستطيع أن نفعل ذلك قطعًا بحق الشيطان!‏


‏على الدوام، يُظهر قادة أميركا، الذين يمتلكون قوة جوية منقطعة النظير، ‏‏استعدادًا عميقًا‏‏ لاستخدامها لقصف الأعداء المتصورين بالصواريخ والقنابل لإجبارهم على الخضوع -أو، إذا لزم الأمر، على اللاوجود.

 

ولا تعتقدوا لثانية واحدة أنه سيتم إيقافهم بموجب القانون الدولي، أو المخاوف الإنسانية، أو المتظاهرين ذوي النوايا الحسنة، أو في الواقع أي قوة على هذا الكوكب. إنّ أميركا تقصف لأنها تستطيع، ولأنها تؤمن ‏‏بفعالية العنف‏‏، ولأنها يديرها خاضعون همهم الاسترضاء.‏


‏نعم، إن رؤساء أميركا، رؤساء القصف لديها، هم في الواقع خاضعون. إنهم يعتقدون، بالطبع، أنهم أقوياء عندما ينسفون الناس البعيدين ويقطعونهم إلى أجزاء، لكن أفعالهم تُظهر دائمًا نوعًا مميزًا من الضعف. إنهم يسعون إلى الأبد إلى استرضاء ‏‏المجمع العسكري- الصناعي- الكونغرسي‏‏، المعروف أيضًا بأنه دولة وطنية (لا)أمنية.

 

وهو مجمع يشكل "دولة معقدة داخل دولة" يتسم بجوع لا يشبع للسلطة والربح والمزيد من الدمار. وهم يفشلون، ويفشلون، ويفشلون مرة أخرى في الشرق الأوسط، لكنهم غير قادرين على عدم تنفيذ المزيد من القصف، والمزيد من ‏‏الهجمات، والمزيد‏‏ من القتل هناك.

 

ولك أن تفكر فيهم على أنهم أناس ممسوسون بهوس أحادي للحرب يشبه رغبتي القديمة في اللعب بجنودي الدمى. الفرق الرئيسي؟ عندما لعبتُ في لعبة الحرب، كنت طفلًا ساذجًا بلا خبرة، بعمر 10 سنوات.‏


‏وهج الصواريخ الأحمر، وانفجار القنابل في الهواء‏

 


‏لا توجد تكنولوجيا يمكن أن تكون أميركية بالكامل أكثر من القنابل والقاذفات، ولا توجد عقيدة عسكرية أكثر أميركية من الحافز إلى تحقيق "السلام" من خلال ‏‏قوة النيران الهائلة‏‏.

 

في الحرب العالمية الثانية والحروب اللاحقة، يمكن تلخيص النهج الأميركي الأساسي في خمس كلمات: إنتاج ضخم يمكِّن الدمار الشامل.‏


‏لم يكرس أي بلد آخر في العالم مثل هذه الموارد الهائلة كما فعل بلدي لإحداث الدمار الشامل عن طريق القوة الجوية.

 

فكروا في القصف الشامل للمدن في ألمانيا النازية والإمبراطورية اليابانية في الحرب العالمية الثانية، والذي انتهى بالتدمير الذري لهيروشيما وناغازاكي.

 

فكروا في تسوية كوريا الشمالية بالأرض خلال الحرب الكورية في أوائل خمسينيات القرن العشرين، أو بحملات القصف المذهلة في فيتنام ولاوس وكمبوديا في ستينيات القرن العشرين وأوائل سبعينيات القرن العشرين.

 

أو انظروا في الاستخدام المكثف للقوة الجوية في عملية "درع الصحراء" ضد العراق في أوائل تسعينيات القرن العشرين، تليها الحملات الجوية التي رافقت غزو أفغانستان والعراق في العام 2003 (والتي لم يظهر أنها توقفت مطلقًا بعد ذلك).

 

لقد كانت فاتورة الجزار لمثل هذا القصف مرتفعة بالفعل، حيث قُتل الملايين من غير المقاتلين على يد "حصن الديمقراطية" الأميركي الذي منح لنفسه هذا اللقب.‏


وفي الحقيقة، بينما تقرأون هذه السطور، ثمة دولة أخرى تتبع الآن بإخلاص مثال أميركا. تقوم إسرائيل الآن بتدمير غزة بشكل منهجي بحيث تجعلها غير صالحة للسكن بشكل أساسي بالنسبة للفلسطينيين الذين ينجون من المذبحة المستمرة.

 

وفي الواقع، في وقت مبكر من حرب الإبادة هذه، ‏‏استشهد‏‏ القادة الإسرائيليون بتدمير "الحلفاء" لمدينة دريسدن الألمانية في العام 1945 لدعم حملتهم الجوية والبرية الفظيعة ضد الفلسطينيين.‏


‏بالنظر إلى هذا بتجرد كمؤرخ عسكري، أرى في هذه الإشارة إلى دريسدن معنى ملتويًا مؤكدًا. في الحرب العالمية الثانية، دمر الأميركيون وحلفاؤهم البريطانيون في "هجوم القاذفات المشترك" المدن الألمانية بشكل عشوائي، واعتبروا جميع الألمان نازيين بشكل أساسي، متواطئين في جرائم حكومتهم، وبالتالي أهدافًا مشروعة.

 

وينطبق شيء مماثل على الحكومة الإسرائيلية اليمينية اليوم.

 

فهي ترى أن جميع الفلسطينيين هم أعضاء أساسيون في "حماس"، وبالتالي متواطئون في هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) القاسية على إسرائيل في العام الماضي، مما يجعلهم أهدافًا مشروعة للحرب، على الطريقة الإسرائيلية (والأميركية).

 

وتمامًا مثل الولايات المتحدة، تدعي إسرائيل أنها "تدافع عن الديمقراطية"، مهما يكُن ما تفعله.

 

ولا عجب إذن أن واشنطن كانت على استعداد لإرسال القنابل والرصاص إلى ربيبتها في سعيها إلى "السلام" من خلال قوة النيران الهائلة والدمار المصاحب للإبادة الجماعية.‏


‏في الواقع، في الآونة الأخيرة، كان هناك جدل كبير حول ما إذا كانت إسرائيل متورطة في أعمال إبادة جماعية، مع حكم "محكمة العدل الدولية" بأن الحكومة الحالية يجب أن تسعى جاهدة إلى منع مثل هذه الأعمال في غزة.

 

وإذا وضعنا هذه القضية جانبًا، فإنه لا يمكن إنكار أن إسرائيل تستخدم هجمات ‏‏القصف العشوائي‏‏ والغزو المدمر في حرب شبه شاملة ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في هذا الشريط الصغير الذي يبلغ طوله 25 ميلاً من الأرض، وهو نهج يستدعي إلى الأذهان العبارة المروعة: "أبيدوا كل المتوحشين"! من رواية جوزيف كونراد "‏‏قلب الظلام"‏‏.‏


‏بمعنى ما، لا شيء جديدًا تحت الشمس. من المؤكد أن "العهد القديم" نفسه يقدم أمثلة على حملات الإبادة (‏‏التي استشهد بها "بيبي" نتنياهو‏‏ عندما تحركت إسرائيل أول الأمر ضد الفلسطينيين في غزة).

 

وربما استشهد أيضًا بعبارة سمعتها أثناء حرب أميركا في فيتنام، ولكنها متجذرة في "‏‏الحروب الصليبية" التي شُنت‏‏ في العصور الوسطى: "اقتلهم جميعًا ودع الله يفرزهم".‏


حملة أميركا الصليبية التي لا تلين في الشرق الأوسط‏


 

في أعقاب هجمات 9/11 مباشرة، وقع الرئيس جورج دبليو بوش في ورطة على الفور تقريبًا عندما أشار إلى "الحرب على الإرهاب" التي شنها على أنها "‏‏حملة صليبية‏‏".

 

ومع ذلك، وبقدر ما قد تكون تلك العبارة بدت غير منطقية، فأي شيء أفضل يمكن استحضاره لتفسير تصرفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأفغانستان؟

 

ولنتأمل فقط إيماننا بالصلاح الذاتي لأعمالنا وفعالية جيشنا ورغبة كل الأميركيين في جلب "الديمقراطية" للعالم، على الرغم من الدمار الذي لحق بالعراق وليبيا وسورية واليمن على مدى العقود العديدة الماضية.

 

أو لنعد إلى العام 1953 والدور الذي لعبته "وكالة المخابرات المركزية" في ‏‏الإطاحة‏‏ بالحاكم الديمقراطي الشرعي في إيران واستبداله بنظام الشاه القمعي الوحشي.‏


‏حاولوا أن تتخيلوا مثل هذه الأحداث من منظور مؤرخ يكتب في العام 2200. ألا يمكن لهذا الكاتب المستقبلي أن يشير إلى الغزوات والتوغلات وحملات القصف الأميركية المتكررة في جميع أنحاء الشرق الأوسط على أنها حملة صليبية دموية، تم إطلاقها تحت راية الديمقراطية (الزائفة) حيث الانتقام المدّعي للأحقية والصلاح، إن لم يكن الغرض الإلهي، ماثلاً في البال؟

 

ألا يمكن لهذا المؤرخ الإشارة إلى أن مثل هذه "الحملة الصليبية" كانت في نهاية المطاف تتعلق بالسلطة والربح والهيمنة والسيطرة أكثر منها بـ"الحرية" (كما يتم ترويجها)؟

 

وألا يمكن لهذا المؤرخ أن يتعجب (إن لم يكتئب) من الطريقة التي لا تصدق التي جلبت بها الولايات المتحدة الفوضى والموت الذي لا ينتهي على ما يبدو إلى المنطقة على مدى كل هذه الفترة الزمنية الواسعة؟‏


‏انظروا في هذه الحقائق. بعد مرور أكثر من 22 عامًا على هجمات 11/9، ما يزال لدى الولايات المتحدة ما لا يقل عن ‏‏30.000 جندي‏‏ منتشرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 

وتهيمن مجموعة واحدة على الأقل من حاملات الطائرات الضاربة التابعة للبحرية، ‏‏وغالبًا ما تهيمن اثنتان‏‏، على المياه الإقليمية هناك، في حين أن أعدادًا مذهلة من القواعد العسكرية ("الأميركات الصغيرة") ما تزال ‏‏منتشرة عبر‏‏ دول تتراوح من الكويت إلى البحرين، ومن قطر إلى الإمارات العربية المتحدة وخارجها.

 

وبعد سنوات عديدة، ما يزال حوالي ‏‏900 جندي أميركي‏‏ يحتلون بشكل غير قانوني جزءًا من سورية (ليس من قبيل الصدفة، حيث ينتج هذا البلد معظم نفطه بنفسه) وما يزال هناك ‏‏2.500 جندي آخر‏‏ في العراق، على الرغم من أن الحكومة هناك ترغب في رحيلهم.‏


هل يعود اليانكي إلى الوطن؟ ليس في حياتي على ما يبدو‏

 

في الوقت نفسه، فإن المساعدات العسكرية الأميركية، ومعظمها في شكل ‏‏أسلحة فتاكة‏‏، لا تتدفق فقط إلى إسرائيل ولكن إلى دول أخرى، عربية، في المنطقة.

 

وقد سهل ‏‏الدعم العسكري الأميركي‏‏ المباشر حرب "التحالف" العربي الطويلة والمدمرة وغير الناجحة ضد الحوثيين في اليمن، وهو صراع تخوضه واشنطن الآن بمفردها بضربات جوية متكررة.

 

وبطبيعة الحال، كانت المنطقة بأسرها، لأكثر من عقدين حتى الآن، تحت ضغط عسكري أميركي مستمر في تلك "الحرب على الإرهاب"، التي سرعان ما تحولت إلى حرب إرهاب (‏‏وحرب تعذيب‏‏).‏‏


تذكروا أن ‏‏الغزو الأميركي للعراق‏‏ في العام 2003 أدى إلى وفاة ‏‏ما يقرب من مليون‏‏ ‏‏عراقي‏‏ وتشريد ‏‏ملايين آخرين‏‏ كلاجئين. كيف لا يمكن اعتبار كل هذا جزءًا من "حملة صليبية"، حتى لو أنها واحدة متقطعة وفاشلة؟

 

ومع ذلك، إليكم المشكلة: تمامًا كما لم تكن تلك الحروب الصليبية الكاثوليكية في العصور الوسطى تتعلق بالدين بالكامل -أو حتى في المقام الأول- فإن النسخة الأميركية اليوم ليست مدفوعة في المقام الأول بعداءٍ خاص مناهض للمسلمين.

 

ثمة، بالطبع، جانب ديني لا مفر منه لمثل هذه الحرب الأميركية التي لا تنتهي أبدًا. لكنَّ ما يدفع هذه الحروب إلى حد كبير هو الجشع الصريح، والانتقام، ورغبة أميركية بالكامل في استرضاء وتضخيم ‏‏المجمع العسكري - الصناعي - الكونغرسي‏‏.‏


‏بطبيعة الحال، كما كان صحيحًا في السنوات التي أعقبت 9/11 وما يزال صحيحًا اليوم، يتم تشجيع الأميركيين عمومًا على رؤية الأعمال الإمبريالية والصليبية لبلادهم على أنها دفاعية بحتة بطبيعتها، وأنها الردود المحقة والمتسمة بالصلاح التي يطلقها جالبو الحرية.

 

وينبغي الاعتراف بأنها نوع غريب من الحرية هي التي يجلبها هذا البلد على حد سيف -أو على أنف صاروخ "هيلفاير".

 

ومع ذلك، في مثل هذا الكونغرس كثير الخصام، ينبغي أن يكون مدهشًا كم هو قليل جدًا عدد‏ الأعضاء‏‏ الذين تحدّوا أحدث نسخة من القصف في حرب هذا البلد المستمرة في الشرق الأوسط.‏


‏انسوا الدستور. لا يُعتقد أن أي إعلان من الكونغرس للحرب ضروري لأي من هذا، كما لم يكن من المهم كثيرًا (حتى الآن) أن الجمهور الأميركي أصبح متشككًا بشكل متزايد في تلك الحروب وأعمال التدمير التي تصاحبها.

 

ومع ذلك، كما يحدث، أثبتت الحملة الصليبية، كما هي، أنها مستدامة بشكل ملحوظ من دون وجود الكثير من الحماس العام للحملات الصليبية.

 

بالنسبة لمعظم الأميركيين، تظل هذه الأعمال خارج المشهد بشكل واضح وخارج الذهن إلى حد كبير، باستثناء لحظات فارقة مثل اللحظة الحالية، حيث يعطي مقتل ثلاثة جنود أميركيين الإدارة كل العذر الذي تحتاجه للقيام بأعمال انتقامية متكررة.‏


‏كلا، نحن الشعب نمتلك سيطرة قليلة بشكل ملحوظ جدا على عملية صنع الحرب التي انخرط فيها ‏‏المجمع العسكري - الصناعي - الكونغرسي‏‏ لعقود، أو على التكاليف التي تصاحبها. والواقع أن تكاليف الدولار تؤجَّل إلى حد كبير للأجيال القادمة مع ارتفاع الدين الوطني الأميركي بسرعة أكبر من ميزانية الحرب التي تخصص للبنتاغون.‏


‏إن أميركا مكروهة -هكذا أخبرنا الرئيس جورج دبليو بوش- بسبب حرياتها. ومع ذلك، فإن "الحريات" التي يزعم أننا مكروهون بسببها ليست تلك المحددة في الدستور و"وثيقة الحقوق" التي يتضمنها.

 

إنها، في الحقيقة، "حرية" أميركا في بناء قواعد عسكرية في جميع أنحاء العالم والقصف في كل مكان، والـ"حرية" في بيع مثل هذا النشاط العدواني على أنه قانوني، بل وحتى مثير للإعجاب، وهي "حرية" الانخراط في أسلوب لعب مفرط في العنف، ومعاملة "قواتنا" والعديد من الأجانب كجنود دمى ومستهلكات يمكن الاستغناء عنها لألعاب واشنطن.‏‏


إنه شيء التقطته عن غير قصد قبل خمسة عقود مع جنودي الدمى أولئك من ماض عسكري مجيد متخيل. ولكن، بعد وقت (ربما طويل جدا) تعلمتُ تمييزها على أنها الأشياء الطفولية التي كانتها ووضعتها جانبًا.

 

وقد ولت الآن منذ فترة طويلة، وضاعت مع الزمن والنضج. وكذلك فعل الوهم بأن بلدي يسعى إلى الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط من خلال أعمال العنف الشديد التي لا تتوقف، ‏‏والتي يبدو أنها‏‏‏ تتدحرج الآن مرة وأخرى.

*ويليام أستور William Astore: مقدم متقاعد خدم في القوات الجوية الأميركية، وأستاذ التاريخ. مدونته الشخصية هي Bracing Views.


*نشر هذا المقال تحت عنوان: Bombing Muslims for Peace

 

هامش المترجم:

 


**مبدأ (عقيدة) كارتر Carter Doctrine:‏ هو سياسة أميركية أعلنها الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي في 23 كانون الثاني (يناير) 1980. وينص المبدأ على السماح للولايات المتحدة باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها في منطقة الخليج العربي. وكان المبدأ ردا على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في العام 1979، حيث قال كارتر إن القوات السوفياتية في أفغانستان "تشكل تهديدًا خطيرًا لحرية حركة نفط الشرق الأوسط".

 

 اقرأ المزيد في ترجمات:

نجاحات المسلمين الأميركيين وأحزانهم بعد 9/11