‏"لافندر": آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه القصف الإسرائيلي في غزة (3-3)‏

1713349573577781600
فلسطينيون ينزحون من منازلهم في مدينة غزة إلى جنوب القطاع، 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 - (المصر)‏

يوفال أبراهام* - (مجلة 972+) 4/4/2024

قالت المصادر الإسرائيلية التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" إن درجة الأضرار الجانبية الثابتة والمحددة مسبقًا ساعدت في تسريع التوليد الهائل للأهداف باستخدام آلة "لافندر"، لأنها وفرت الوقت. وادعى المسؤول الاستخباراتي الرفيع، ب.

اضافة اعلان

 

أن عدد المدنيين الذين سُمح للجيش بقتلهم في الأسبوع الأول من الحرب مع كل مقاتل صغير مشتبه به أشر عليه الذكاء الاصطناعي كان خمسة عشر شخصًا، لكن هذا العدد "ارتفع وانخفض" بمرور الوقت. ‏


‏وقال ب.، متحدثًا عن الأسبوع الأول بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر): "في البداية هاجمنا تقريبًا من دون النظر في الأضرار الجانبية. في الممارسة، لم تكُن تقوم حقًا بإحصاء الأشخاص (في كل منزل يتم قصفه)، لأنك لا تستطيع أن تعرف بالضبط ما إذا كانوا في المنزل عند القصف أم لا. وبعد أسبوع، بدأ وضع القيود على حجم الأضرار الجانبية.

 

وانخفض العدد (من 15) إلى 5، مما جعل من الصعب علينا تنفيذ الهجمات، لأنه إذا كانت الأسرة بأكملها في المنزل، فإننا لن نتمكن من قصفها. ثم قاموا برفع الرقم مرة أخرى".


‏"كنا نعلم أننا سنقتل أكثر من 100 مدني"‏
‏أخبرَت المصادر مجلة "972+" و"لوكال كول" بأن الجيش لم يعد الآن، جزئيا بسبب الضغط الأميركي، يولد أهدافًا بشرية صغيرة الرتبة بأعداد كبيرة لقصف منازل المدنيين. كما أن حقيقة أن معظم المنازل في قطاع غزة قد دمرت أو تضررت بالفعل، وأنه تم تهجير جميع السكان تقريبًا، أضعفت أيضًا قدرة الجيش على الاعتماد على قواعد البيانات الاستخباراتية والبرامج الآلية التي تحدد مواقع المنازل.


ادعى المصدر ي. أن القصف المكثف للمقاتلين الصغار لم يحدث إلا في أول أسبوع أو أسبوعين من الحرب، ثم تم إيقافه بشكل أساسي حتى لا يتم إهدار القنابل.

 

وقال ي.: "هناك اقتصاد في الذخائر. كانوا (قادة الجيش) دائمًا خائفين من أن تنشب (حرب) في الساحة الشمالية (مع حزب الله في لبنان). لم يعودوا يهاجمون هذه الأنواع من الناشطين (الصغار) على الإطلاق".


‏ومع ذلك، ما تزال الغارات الجوية ضد كبار قادة "حماس" مستمرة. وقالت المصادر إن الجيش يصرّح في هذه الهجمات بقتل "مئات" المدنيين لكل هدف -وهي سياسة رسمية لا توجد سابقة تاريخية لها في إسرائيل-ولا حتى في العمليات العسكرية الأميركية في الفترة الأخيرة.‏


‏يتذكر ب. الغارة التي حدثت في 2 كانون الأول (ديسمبر) التي قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ‏‏إنها هدفت إلى اغتيال وسام فرحات: "في القصف الذي استهدف قائد كتيبة الشجاعية، كنا نعلم أننا سنقتل أكثر من 100 مدني. بالنسبة لي، من الناحية النفسية، كان الأمر غير عادي. أكثر من 100 مدني؟ -إنه شيء يتجاوز بعض الخطوط الحمر".‏
‏وقال أمجد الشيخ، وهو شاب فلسطيني من غزة، إن العديد من أفراد عائلته قتلوا في ذلك القصف. وباعتباره من سكان الشجاعية في شرق مدينة غزة، كان موجودًا في "سوبر ماركت" محلي في ذلك اليوم عندما سمع خمسة انفجارات حطمت النوافذ الزجاجية.


‏وقال الشيخ لمجلة "972+" و"لوكال كول": "ركضت إلى منزل عائلتي، لكنني لم أجد أي مبان هناك: كان الشارع مليئًا بالصراخ والدخان. وكانت كتل سكنية بأكملها قد تحولت إلى جبال من الأنقاض والحفر العميقة. وبدأ الناس في البحث في كتل الأسمنت باستخدام أيديهم، وكذلك فعلتُ وأنا أبحث عن أي علامات لمنزل عائلتي".


نجت زوجة الشيخ وابنته الرضيعة من القصف -محميتين تحت الأنقاض بخزانة سقطت فوقهما- لكنه وجد 11 فردا آخرين من عائلته، من بينهم أخواته وإخوته وأطفالهم الصغار، ميتين تحت الأنقاض. ‏و‏وفقًا لمنظمة‏‏ "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، دمر القصف في ذلك اليوم عشرات المباني، وقتل عشرات الأشخاص، ودفن مئات آخرين تحت أنقاض منازلهم.‏


‏"عائلات بأكملها قتلت"‏
وقالت مصادر استخباراتية لمجلة "972+" و"لوكال كول" إنهم كانوا من بين الذين شاركوا في ضربات أكثر دموية. على سبيل المثال، من أجل اغتيال أيمن نوفل، قائد لواء غزة المركزي التابع لـ"حماس"، قال مصدر إن الجيش أذن بقتل ما يقرب من 300 مدني، ‏‏وتدمير العديد من المباني‏‏ في غارات جوية على مخيم البريج للاجئين في 17 تشرين الأول (أكتوبر)، بناء على تحديد غير دقيق لموقع نوفل. وتُظهر لقطات الأقمار الصناعية ‏‏ومقاطع الفيديو‏‏ من مكان الحادث تدمير العديد من المباني السكنية الكبيرة متعددة الطوابق.‏


‏وقال عمرو الخطيب، أحد سكان المخيم، لمجلة "972+" و"لوكال كول": ‏"تم تدمير ما بين 16 إلى 18 منزلاً في الهجوم. لم نتمكن من التمييز بين شقة وأخرى -لقد اختلطت جميعها تحت الأنقاض، ووجدنا الأشلاء البشرية في كل مكان".‏


‏وفي أعقاب التدمير، كما قال الخطيب، تم انتشال حوالي 50 جثة من تحت الأنقاض، وأصيب حوالي 200 شخص، العديد منهم في حالة خطيرة. لكن ذلك كان في الأول فحسب. وقال إن سكان المخيم أمضوا خمسة أيام في سحب القتلى والجرحى من تحت الأنقاض.‏


‏وكان نائل البحيسي، وهو مسعف، من أوائل الذين وصلوا إلى مكان القصف. وقد أحصى ما بين 50-70 ضحية في ذلك اليوم الأول. وقال لمجلة "972+" و"لوكال كول": "في لحظة معينة، فهمنا أن هدف الغارة كان قائد "حماس" أيمن نوفل. لقد قتلوه، ومعه الكثير من الأشخاص الذين لم يكونوا يعرفون أنه كان هناك. قُتلت عائلات بأكملها مع أطفالها".‏


وقال مصدر استخباراتي آخر لمجلة "972+" و"لوكال كول" إن الجيش ‏‏دمر مبنى شاهقًا‏‏ في رفح في منتصف كانون الأول (ديسمبر)، حيث أسفر القصف عن مقتل "عشرات المدنيين" من أجل ‏‏محاولة قتل‏‏ محمد شبانة، قائد كتائب رفح التابعة لـ"حماس" (ليس من الواضح ما إذا كان قد قتل في الهجوم أم لا). وقال المصدر إن كبار القادة كانوا يختبئون في كثير من الأحيان في الأنفاق التي تمر من تحت المباني المدنية، وبذلك، كان اختيار اغتيالهم بغارة جوية يقتل مدنيين بالضرورة.‏


‏وقال وائل السر، 55 عامًا، الذي شهد الغارة واسعة النطاق التي يعتقد بعض سكان غزة أنها كانت محاولة اغتيال، لمجلة "972+" و"لوكال كول": ‏"معظم المصابين كانوا من الأطفال. دمر القصف في 20 كانون الأول (ديسمبر) "مبنى سكنيا بأكمله" وقتل 10 أطفال على الأقل".‏


‏ادعى د.، وهو مصدر استخباراتي، أنها "كانت هناك سياسة متساهلة تمامًا فيما يتعلق بعدد ضحايا عمليات (القصف) -كانت متساهلة لدرجة أنها كانت تنطوي، في رأيي، على عنصر انتقام. كان جوهر هذا الاستهداف هو اغتيال كبار (قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي في فلسطين") الذين كان الجيش على استعداد لقتل مئات المدنيين من أجل قتلهم. كان لدينا حساب: كم (مدنيا يُسمح بقتله) لقائد لواء، وكم لقائد كتيبة، وهكذا".‏


‏وقال إي. وهو مصدر استخباراتي آخر: "كانت هناك لوائح، لكنها متساهلة للغاية (بشأن الضحايا الجانبية). لقد قتلنا أشخاصًا كأضرار جانبية بأرقام مزدوجة عالية -إن لم تكن في أوائل الثلاثة أرقام. هذه أشياء لم تكن تحدث من قبل".‏


لا شك في أن ‏مثل هذا المعدل المرتفع من "الأضرار الجانبية" استثنائي -ليس مقارنة بما اعتبره الجيش الإسرائيلي مقبولاً في السابق فحسب، ولكن مقارنة بضحايا الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في العراق وسورية وأفغانستان أيضًا.


كان ‏‏الجنرال بيتر غيرستن، ‏‏نائب قائد العمليات والاستخبارات ‏‏في عمليات محاربة "داعش" في العراق وسورية، قد قال ‏‏لمجلة‏‏ دفاع أميركية في العام 2021 إن هجومًا يخلف أضرارًا جانبية بمقدار 15 مدنيا كان ينحرف عن الإجراء المتبع؛ ولتنفيذه، كان يجب الحصول على إذن خاص من رئيس القيادة المركزية الأميركية حينذاك، الجنرال لويد أوستن، الذي يشغل الآن منصب وزير الدفاع.


‏وقال غيرستن: "في حالة أسامة بن لادن، سيُسمح لك بعدد من الإصابات المدنية من غير المقاتلين تبلغ 30 شخصًا. أما إذا كان لديك قائد منخفض المستوى، فإن عدد الإصابات المدنية المسموح به عادة ما يكون صفرًا. وقد اعتمدنا معيار الصفر معظم الوقت".‏


قيل لنا: "كل ما تستطيع قصفه، اقصفه"‏


‏قالت جميع المصادر التي تمت مقابلتها في هذا التحقيق، إن المذابح التي نفذتها "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وقيامها بخطف رهائن أثرت بشكل كبير على سياسة الجيش بشأن إطلاق النار ودرجات الأضرار الجانبية المسموح بها.

 

وقال ب.، الذي تم تجنيده في الجيش مباشرة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وخدم في غرفة عمليات تحديد الأهداف: "في البداية، كان المناخ مؤلمًا وانتقاميا. كانت القواعد متساهلة للغاية بشأن الأضرار الجانبية. كان الجيش يهدم أربعة مبان عندما يعلم أن الهدف يوجد في أحدها. كان ذلك جنونًا".‏


‏وتابع ب.: "كان هناك نوع من التنافر: من ناحية، كان الناس هنا محبطين لأننا لم نهاجِم بما فيه الكفاية. ومن ناحية أخرى، كنتَ ترى في نهاية اليوم أن 1000 شخص آخرين من سكان غزة لقوا حتفهم، معظمهم من المدنيين".‏


‏وقال د.، الذي تم تجنيده هو الآخر مباشرة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر): "كانت هناك هستيريا في صفوف الجنود المحترفين. لم تكن لديهم أي فكرة على الإطلاق عن كيفية الرد. كان الشيء الوحيد الذي عرفوا أن يفعلوه هو الشروع في القصف مثل المجانين من أجل تفكيك قدرات ’حماس‘".‏


‏وشدد د. على أنه لم يتم إبلاغ الجنود صراحة بأن هدف الجيش هو "الانتقام"، لكنه قال إنه "بمجرد أن يصبح كل هدف مرتبط بـ’حماس‘ مشروعًا، بالموافقة على أي أضرار جانبية تحدث تقريبًا، يصبح من الواضح لك أن الآلاف من الناس سوف يُقتلون. حتى لو كان كل هدف يُقصف مرتبطًا بـ"حماس" رسميا، عندما تكون السياسة متساهلة للغاية بشأن الأضرار الجانبية، فإن أي قيود تفقد كل معنى".‏


‏كما استخدم أ. أيضًا كلمة "انتقام" لوصف الأجواء داخل الجيش بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر). وقال: "لم يفكر أحد في ما يجب فعله بعد ذلك، عندما تنتهي الحرب، أو كيف سيكون من الممكن العيش في غزة وماذا سيفعلون (الإسرائيليون) بها. قيل لنا: الآن علينا أن ندمر ’حماس‘، بغض النظر عن التكلفة. كل ما يمكِنك قصفه، اقصفه".‏


وقال ب.، المصدر الاستخباراتي الرفيع، إنه يعتقد أن هذه السياسة "غير المتناسبة" لقتل الفلسطينيين في غزة تعرِّض الإسرائيليين للخطر أيضًا، وإن هذا كان أحد الأسباب التي جعلته يقرر القبول بإجراء مقابلة معه.‏


‏وأضاف: "على المدى القصير، نحن أكثر أمانًا الآن لأننا ألحقنا الضرر بـ’حماس‘. لكنني أعتقد أننا أصبحنا أقل أمانًا على المدى الطويل. إنني أرى كيف أن عدد العائلات الثكلى في غزة -التي هي جميع العائلات تقريبًا- سيزيد الدافع (لدى الناس للانضمام إلى) "حماس" بعد 10 سنوات. سيكون من الأسهل بكثير على (حماس) تجنيدهم".‏


من جهته، نفى الجيش الإسرائيلي في تصريح لمجلة "972+" و"لوكال كول" الكثير مما أخبرتنا به المصادر، مدعيًا أنه "يتم فحص كل هدف على حدة، بينما يتم إجراء تقييم فردي للمكسب العسكري والأضرار الجانبية المتوقعة للهجوم... لا يشن الجيش الإسرائيلي هجمات عندما تكون الأضرار الجانبية المتوقعة من الهجوم مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية".‏


‏الخطوة 5: حساب الأضرار الجانبية‏

 


‏"النموذج لم يكن متصلًا بالواقع"‏
‏وفقًا لمصادر الاستخبارات التي تحدثت إلينا، فإن حساب الجيش الإسرائيلي لعدد المدنيين المتوقع أن يُقتلوا في كل منزل مع هدف -وهو إجراء تناوله ‏‏تحقيق سابق‏‏ أجرته مجلة "972+" و"لوكال كول"- كان يجري بمساعدة أدوات مؤتمتة وغير دقيقة.

 

في الحروب السابقة، كان أفراد المخابرات يقضون الكثير من الوقت في التحقق من عدد الأشخاص الذين يكونون في منزل من المقرر قصفه، مع إدراج عدد المدنيين المعرضين للقتل كجزء من "ملف الهدف". ولكن، تم بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) التخلي عن هذا التحقق الشامل إلى حد كبير لصالح الأتمتة. ‏


في تشرين الأول (أكتوبر)، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز‏‏" ‏‏تقريرًا‏‏ عن نظام يتم تشغيله من قاعدة خاصة في جنوب إسرائيل، يقوم بجمع المعلومات من الهواتف المحمولة في قطاع غزة ويزود الجيش بتقدير في الوقت الفعلي لعدد الفلسطينيين الذين فروا من شمال قطاع غزة إلى الجنوب.

 

وقال العميد أودي بن موحا لصحيفة "التايمز" أنه "ليس نظامًا مثاليًا بنسبة 100 في المائة -لكنه يعطيك المعلومات التي تحتاجها لاتخاذ قرار". ويعمل النظام وفقًا للألوان: مناطق العلامات الحمراء حيث يوجد الكثير من الأشخاص؛ ومناطق العلامات الخضراء والصفراء التي تم تطهيرها نسبيًا من السكان.‏


‏وصفت المصادر التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" نظامًا مشابهًا لحساب الأضرار الجانبية تم استخدامه لتحديد ما إذا كان مبنى معينًا سيُستهد بالقصف في غزة. وقال الذين تحدثوا إلينا أن البرنامج يحسب عدد المدنيين المقيمين في كل منزل قبل الحرب -من خلال تقييم حجم المبنى ومراجعة قائمة سكانه- ثم يتم خفض هذه الأرقام بمقدار نسبة السكان الذين يفترض أنهم أخلوا الحي. ‏


‏للتوضيح، إذا قدَّر الجيش أن نصف سكان حي ما قد غادروا، فإن البرنامج سيحسب المنزل الذي يضم عادة 10 سكان على أنه يحتوي على 5 فقط. وقالت المصادر أنه من أجل توفير الوقت، لم يقم الجيش بمراقبة المنازل للتحقق من عدد الأشخاص الذين يوجدون هناك بالفعل كما كان يفعل في العمليات السابقة، لمعرفة ما إذا كان تقدير البرنامج دقيقًا حقًا.‏


‏وحسب أحد المصادر: "هذا النموذج لم يكن متصلًا بالواقع. لم تكن هناك صلة بين  الذين يوجدون في المنزل الآن أثناء الحرب، وأولئك الذين نك إدراجهم على أنهم كانوا يعيشون هناك قبل الحرب. (في إحدى المرات) قصفنا منزلاً من دون أن نعرف أن هناك عدة عائلات توجد في الداخل، مختبئة معًا".‏


‏وقال المصدر إنه على الرغم من أن الجيش كان يعرف أن مثل هذه الأخطاء يمكن أن تحدث، فإنه اعتمد هذا النموذج غير الدقيق لأنه أسرع. وعلى هذا النحو، كما قال المصدر، "كان حساب الأضرار الجانبية آلياً وإحصائياً تماما" -حتى أنه أنتج أرقامًا لم تكن صحيحة.‏


الخطوة 6: قصف منزل عائلة‏

 


‏"لقد قتلتَ عائلة من دون سبب"‏
‏أوضحَت المصادر التي تحدثت إلى مجلة "972+" و"لوكال كول" أن فجوة كبيرة وُجدت في بعض الأحيان بين اللحظة التي تُنبِّه فيها أنظمة التتبع، مثل "أين بابا"، ضابطًا إلى أن هدفًا قد دخل منزله، وبين وقت القصف نفسه -وهو ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها حتى من دون إصابة الشخص الذي يستهدفه الجيش.

 

وقال أحد المصادر: "حدث عدة مرات أننا هاجمنا منزلاً، لكن الشخص المقصود لم يكن حتى موجوداً في المنزل. والنتيجة هي أنك تكون قد قتلت عائلةً كاملة من دون سبب".‏


‏وقال ثلاثة من المصادر الاستخباراتية لمجلة "972+" و"لوكال كول" إنهم شهدوا حادثةً قصف فيها الجيش الإسرائيلي منزلاً خاصاً لعائلة، واتضح لاحقًا أن الهدف المقصود بالاغتيال لم يكن موجودًا في المنزل، بما أنه لم يتم إجراء مزيد من التحقق من وجوده هناك في الوقت الفعلي.‏


‏وقال أحد المصادر: "في بعض الأحيان كان (الهدف) موجودًا في المنزل في وقت سابق، لكنه كان ينام أثناء الليل في مكان آخر -لنقُل في نفق تحت الأرض- ولم تكن تعرفُ ذلك. هناك أوقات تتحقق فيها مرة أخرى من الموقع، وهناك أوقات تقول فيها فقط: حسنًا، لقد كان في المنزل في الساعات القليلة الماضية. يمكنك أن تقصف فقط".‏ 


‏ووصف مصدر آخر حادثة مماثلة أثرت فيه وجعلته يرغب في إجراء المقابلة من أجل هذا التحقيق. وقال: "فهمنا أن الهدف كان في المنزل عند الساعة 8 مساءً.

 

وفي النهاية، قصفَت القوات الجوية المنزل في الساعة 3 صباحًا. ثم اكتشفنا أنه تمكن (في تلك الفترة الزمنية) من الانتقال إلى منزل آخر مع عائلته. كانت هناك عائلتان أخريان لديهما أطفال في المبنى الذي قصفناه".‏


‏في الحروب السابقة في غزة، كانت المخابرات الإسرائيلية تنفذ بعد اغتيال أهداف بشرية إجراءات "لتقييم أضرار القصف" -وهو فحص روتيني كان يُجرى بعد الضربة لمعرفة ما إذا كان القائد الكبير المقصود قد قتل وعدد المدنيين الذين قتلوا معه.

 

وكما تم الكشف في ‏‏تحقيق سابق أجرته مجلة "972+" و"لوكال كول"‏‏، تضمن ذلك الفحص الاستماع إلى المكالمات الهاتفية للأقارب الذين فقدوا أحبائهم. ولكن في الحرب الحالية، على الأقل عندما يتعلق الأمر بصغار المسلحين الذين أشّر عليهم الذكاء الاصطناعي، تقول المصادر أن هذا الإجراء ألغي من أجل توفير الوقت.

 

وقالت المصادر إنها لا تعرف عدد المدنيين الذين قتلوا بالفعل في كل غارة. وبالنسبة لنشطاء "حماس" و"الجهاد الإسلامي في فلسطين" من ذوي الرتب المنخفضة الذين حددتهم برامج الذكاء الاصطناعي، فإنهم لا يعرفون حتى ما إذا كان الهدف المقصود نفسُه قد قتل في الهجوم أم لا.‏ 


‏وكان مصدر استخباراتي‏‏ قد قال لـ"لوكال كول"،‏ في تحقيق سابق نُشر في كانون الثاني (يناير): "إنكَ لا تعرف بالضبط عدد القتلى ومَن قتلت. فقط عندما يكون المستهدفون من كبار نشطاء "حماس" كان الجيش يتبع إجراءات تقييم أضرار القصف.

 

أما في بقية الحالات، فإنك لا تهتم. إنك تحصل على تقرير من القوات الجوية حول ما إذا كان المبنى قد تم تدميره، وهذا كل شيء. لا تكون لديك أي فكرة عن مقدار الأضرار الجانبية التي تم إيقاعها وتنتقل على الفور إلى الهدف التالي. كان التركيز ينصب على توليد أكبر عدد ممكن من الأهداف، في أسرع وقت ممكن".‏ 


‏ولكن في حين أن الجيش الإسرائيلي قد يمضي قدُمًا بعد كل غارة من دون الخوض في عدد الضحايا، قال أمجد الشيخ، أحد سكان الشجاعية الذي فقد 11 شخصًا من أفراد عائلته في قصف 2 كانون الأول (ديسمبر)، إنه وجيرانه ما يزالون يبحثون عن الجثث.‏


‏وأضاف: "حتى الآن، هناك جثث تحت الأنقاض. تم قصف 14 مبنى سكنيا بينما كان سكانها في الداخل. بعض أقاربي وجيراني ما يزالون مدفونين هناك".‏

*يوفال أبراهام Yuval Abraham: مخرج أفلام وناشط إسرائيلي مقيم في القدس، من مواليد العام 1995. أمضى سنوات في الكتابة عن الاحتلال الإسرائيلي، معظمه باللغة العبرية. وهو صحفي مستقل يتمتع بخبرة في العمل في أطر تعليمية ومدارس إسرائيلية فلسطينية ثنائية اللغة.

 

درَس اللغة العربية بشكل مكثف ويقوم الآن بتدريسها لمتحدثين آخرين بالعبرية، إيمانًا منه بالكفاح المشترك من أجل العدالة والمجتمع المشترك في إسرائيل وفلسطين.‏


*نشر هذا التحقيق تحت عنوان:

 

Lavender: The AI machine directing Israel’s bombing spree in Gaza

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

 

‏"لافندر": آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه القصف الإسرائيلي في غزة‏ (3-2)

 

‏"لافندر": آلة الذكاء الاصطناعي التي توجه القصف الإسرائيلي في غزة‏ (3-1)