"الدولة الداخلية"

اسرائيل هيوم

يوسي بيلين

اضافة اعلان

كان هذا خطاب حياة أمير اوحنا، وزير العدل في الحكومة الانتقالية المتواصلة عندنا. لهذه اللحظة عن، وعلى هذه الخلفية راهن. ها هو نهض وزير عدل لا يكتفي بالكدية الصرفة، أو بالاسلوب الحذر للكديين السابقين – دانييل فريدمان وحاييم رامون – بل يكشف دون أن يرف له جفن "الدولة الداخلية" – تلك المحافل التي تعمل في الخفاء في داخل المنظومة، والتي تؤثر عليها أكثر من المنتخبين السياسيين.
لا يوفر سوطه عن العلاقة التي عرضها بين محافل في النيابة العامة، في الشرطة وفي الإعلام، والتي توجد لها اجندة خاصة بها تعمل بطريقة تبرر، زعما، الاتهام بالرشوة، وتؤدي الى فقدان الثقة بالمنظومة، في أنها تفرض سلم اولوياتها على العموم الذي لا يرغب فيها. كما انها غير مستعدة لان تخضع للاختبارات مثل آلة الكذب، او تسليم هواتفها النقالة لفحص جذري، رغم ان زملاءها في الشرطة والمخابرات يضطرون لان يخضعوا لمثل هذه الفحوصات. تشعر هذه المحافل بانها تسمو عن الشعب ولا تخضع لامرة احد.
غير أن خطاب الوزير هو في واقع الأمر خطاب اليأس. خطاب من هو مسؤول عن سلطة القانون، والذي يركل على رؤوس الاشهاد بآلاف المسؤولين عن انفاذ القانون، بينما يتعلق، هنا وهناك، باسوار طويلة كانت لها هي ايضا انتقادات على النيابة العامة، ويحاول اقناع الجمهور بان منفذي القانون في دولة إسرائيل يخونون وظائفهم.
اوحنا لا يعتبر كمن له التزام عميق بالجهاز القضائي، أو كمن تسلم منصب وزير العدل، فاكتشف ظواهر قاسية، وكشف عنها بشجاعة. لم يكن هذا خطاب خورتشوف الذي عرض في 1956 الحقيقة عن ستالين. هذا هو المقرب من رئيس الوزراء، والذي كان واضحا مع تعيينه (الذي لم يكن يحتاج لاقرار الكنيست) بان مهمته الاساسية هي محاولة خلق نزع شرعية عن القرارات التي ستتخذ في المستقبل القريب على المستوى الجنائي، بداية من قبل المستشار القانوني، ولاحقا – من القضاة.
ولما كان من الصعب بعض الشيء عرض المستشار القانوني نفسه كجزء من المؤامرة (بعد كل شيء، فليس اليسار هو من عينه ولا الإعلام)، فمن الأسهل الادعاء ضد مجموعة مجهولة، ترتبط، زعما، بالإعلام، وربما بعد ذلك، الادعاء (بروح اقوال البروفيسورة غبيزون الاشكالية)، بان للقضاة ايضا لم يكن مفر لانهم وجدوا أنفسهم في عملية الفتك ضد رئيس الوزراء.
ولكن ماذا سيحصل عندها، يا سيدي وزير العدل؟ فهل تعتقد حقا بان مجرد اللقب يخلق الصلاحية، بان الناس سيخرجون في جموعهم الى الميادين كي يتظاهروا ضد منفذي القانون في اسرائيل؟ واذا ما تحقق هذا المشهد بالفعل، فعل سيتراجع القضاة عن القرارات التي سيتخذونها في المستقبل، خوفا من الجماهير؟
غير أن خطاب الوزير، ومساهمته المتواضعة لقاء تعيينه المفاجئ، سيحظى بالتصفيق في مكتب واحد في القدس، وهو أكثر مما هو تهديد على "الدولة العميقة"، هو اشارة على أن احدا ما فهم بان الحسم قد اتخذ على ما يبدو، وكل ما تبقى عمله هو القول ان كل العالم ضدنا.