القطاعات الإنتاجية.. ما دور كفاءة الطاقة بتقليص الاستهلاك وتخفيض الانبعاثات؟

خط إنتاج في إحدى المنشآت الصناعية في المملكة - (تصوير: ساهر قدارة)
خط إنتاج في إحدى المنشآت الصناعية في المملكة - (تصوير: ساهر قدارة)

 شدد خبراء ومعنيون على ضرورة إيلاء ملف كفاءة الطاقة في القطاعات الإنتاجية والأكثر استهلاكا أهمية توازي تلك الممنوحة لمجالات الطاقة الأخرى لما لذلك من دور في تقليص الاستهلاك وخفض الانبعاثات الكربونية.

اضافة اعلان


وكفاءة الطاقة تتضمن استخدام كمية أقل من الطاقة الكهربائية للحصول على المنتج نفسه أو الخدمة نفسها من خلال الترشيد عبر القيام بمجموعة من الإجراءات والوسائل الهدف منها خفض استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها بما لا يؤثر على مستوى الأداء.


وقال عميد الكلية الوطنية للتكنولوجيا د. أحمد السلايمة "ملف كفاءة الطاقة ما يزال لا يحظى بالاهتمام الكافي على غرار أنماط الطاقة الأخرى، مثل الطاقة المتجددة على سبيل المثال رغم أن أهميته لا تقل عن هذا النوع من الطاقة أو قد تتعداها فعليا".


وبين أن تطبيق برامج كفاءة الطاقة قد يغني عن تركيب أنظمة إنتاج طاقة متجددة ومحطات طاقة جديدة كما أن له آثاره البيئية التي تتمثل في خفض الانبعاثات الضارة وهو ما يتوافق مع التزامات الأردن في هذا المجال.


وأرجع السبب في ذلك إلى الكلف التي يتطلبها تطبيق برامج كفاءة الطاقة في المنشآت والمباني  في بداية الأمر رغم أنه يمكن استرداد هذه الكلفة في فترة قصيرة، إذ يتطلع القائمون على هذه المنشآت على الكلف الآنية بغض النظر عن مردودها الاقتصادي على المدى البعيد.


كما يؤثر السلوك الاستهلاكي لدى الكثيرين بتغليب مسألة انخفاض السعر على حساب الجودة وتوفير الطاقة، خصوصا في الاستهلاك المنزلي، ما يرفع حجم استهلاك الطاقة، رغم أن الأجهزة الموفرة تسترد كلفتها في وقت أقصر.


وطالب أيضا بضرورة تفعيل كودات العزل الحراري في المنازل والأبنية ما يخفض من استهلاك الطاقة فيها، داعيا إلى تفعيل خطة وطنية والعمل على وضع تشريعات وآليات تنفيذ لذلك.


وأكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية سابقا أنها تولي اهتماما لتحسين ورفع مستوى كفاءة استهلاك الطاقة على المستوى الوطني ولا سيما في القطاع الصناعي، حيث أن اعتماد برنامج شامل لكفاءة الطاقة لن يقلل من التكلفة المباشرة للطاقة فحسب، بل له أيضاً فوائد ملموسة على تكاليف التشغيل والصيانة وكذلك على الإنتاجية بشكل عام، يضاف إلى ذلك دور برامج كفاءة الطاقة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وبالتالي الحد من آثار التغير المناخي.


في هذا الشأن، قال عضو غرفة صناعة عمان موسى الساكت إن "استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي يشكل ما نسبته 28 % إلى 40 % من كلف الإنتاج، الأمر الذي يدفع تجاه العمل في ما يخص كفاءة الطاقة في القطاع وأن ذلك بتحسن مستمر".


وأشار إلى العمل في هذا الخصوص من شقين: أولهما، ترشيد الاستهلاك للتخفيف من كلف الطاقة المرتفعة نسبيا مقارنة بدول الجوار، والآخر هو زيادة كفاءة الاستخدام مثل التوجه إلى الغاز الطبيعي في المنشآت الصناعية.


وقال الساكت إن الدعم الحكومي حتى الآن يتمثل في دراسات التدقيق الطاقي، داعيا في هذا الخصوص إلى ضرورة وجود مؤسسات تعنى بدعم القطاعات الإنتاجية فيما يخص كفاءة الطاقة، لأن ذلك يمكن أن يوفر 10 % إلى 20 % من الاستهلاك في سلاسل الإنتاج ما بين كهرباء ومشتقات نفطية.


وزارة الطاقة أشارت سابقا إلى أنها اتخذت عددا من الإجراءات بهذا الخصوص، من أبرزها إصدار قانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة رقم (12) للعام 2012 وتعديلاته والذي صدر بموجبه عدد من الأنظمة والتعليمات التي توفر البيئة التشريعية التمكينية لاستغلال الفرص المتوفرة لتحسين مستوى كفاءة استهلاك الطاقة في جميع القطاعات.


الخبير في القطاع د. فراس بلاسمة قال: "تطوير كفاءة الطاقة يعتبر جزءا مهما من استدامة التنمية والحفاظ على موارد الطاقة في الأردن، ويمكن أن يساهم في تحسين البيئة وتقليل التكاليف الاقتصادية، ويجب متابعة تلك الجهود وزيادة الاستثمار في مجال كفاءة الطاقة لتحقيق نتائج أفضل".


وبين أنه تم تحقيق العديد من الإنجازات في مجال كفاءة الطاقة على مستوى الأردن في السنوات الأخيرة، وقد تم دعم هذه الجهود بشكل كبير من قبل الحكومة والعديد من الجهات المعنية منها إطلاق إستراتيجية وطنية لكفاءة الطاقة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الجهد والاستثمار لتحقيق أهداف كفاءة الطاقة بشكل أكبر ويعتمد الدعم الحكومي على الظروف الاقتصادية والسياسية، ومن الممكن أن يتطلب تعزيز الجهود والمزيد من التمويل لتحقيق تقدم أكبر في هذا المجال.


ومن بين الإجراءات التي تمت حتى الآن أيضا تعزيز العزل والتهوية في المباني، وتوفير المزيد من وسائل النقل العام، وتطوير نظام النقل العام وتوسيعه، وتعزيز استخدام وسائل النقل العامة الصديقة للبيئة وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المحلية وغيرها من الإجراءات.


وقال بلاسمة: "قد تكون هناك العديد من التطورات والجهود في مجال زيادة كفاءة الطاقة في القطاعات الإنتاجية والقطاع المنزلي في الأردن. تحقيق كفاءة الطاقة يساهم في تقليل استهلاك الطاقة، وبالتالي تقليل التكاليف والآثار البيئية، منها برامج وحوافز للمؤسسات والصناعات وزيادة الوعي والتثقيف، تم إطلاق حملات توعية للجمهور حول أهمية توفير الطاقة وكيفية تحسين كفاءتها في المنازل والمؤسسات.


ويتضمن ذلك استخدام الطاقة المتجددة وتحسين البنية التحتية، ومعايير كفاءة الطاقة و‘جراءات منها تحسين العزل والتهوية في المباني، تعزيز النقل العام وتشجيع استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة.


وتضمنت إستراتيجية (2020-2030)  هدف تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وترشيد استخدامها بنسبة (9 %) بالمقارنة مع عام (2018) وتسعى من خلال مراجعة هذه الإستراتيجية الى تبني العديد من الإجراءات والبرامج والمشاريع التي من شأنها زيادة هذه النسبة وتعزيز انتشار ممارسات كفاءة استهلاك الطاقة. 


يذكر أن الوزارة تعمل على إصدار الخطة الوطنية الثالثة لكفاءة الطاقة وذلك استكمالاً لما تم العمل عليه في الخطة الوطنية الأولى والثانية، حيث تهدف الخطة الثالثة إلى إطلاق برنامج وطني يقلل كلف الطاقة على القطاعات الاقتصادية ويعزز تنافسيتها من خلال دراسة جميع الفرص المتاحة لتوفير استهلاك الطاقة واستغلالها في جميع القطاعات وفي ضوء الدروس المستفادة من تنفيذ الخطط الوطنية السابقة وبالاعتماد على الممارسات العالمية الفضلى في هذا المجال وبالتعاون مع جميع الشركاء.


كما قامت الوزارة على مدى السنوات السابقة من خلال صندوق تشجيع الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة بتنفيذ العديد من النشاطات والبرامج الهادفة لنشر ثقافة التدقيق الطاقي وأهمية تنفيذ مخرجاته ودعم هذه النشاطات، ومنها برنامج "دعم تطبيقات كفاءة استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي "والذي يتم تنفيذه بالتعاون مع غرفة صناعة الأردن. 


الوزارة أعلنت الأسبوع الحالي أنها وقعت 3 مذكرات في مجال كفاءة الطاقة ضمن 9 ذكرات وقعتها تضمنت أيضا إنتاج الهيدروجين وذلك ضمن فعاليات قمة المناخ 28 المنعقدة حاليا في دبي.

 

اقرأ المزيد : 

الجغبير: الصناعة أكثر القطاعات الاقتصادية استقطابا للاستثمارات