تراجع النمو واستنزاف الاحتياطي مخاطر تتفاقم مع ارتفاع العجز

بعد ارتفاع العجز التجاري.. دعوات لتقليص كلف الإنتاج وتكثيف ترويج الصادرات

حاويات بضائع في ميناء العقبة - (الغد)
حاويات بضائع في ميناء العقبة - (الغد)

بعدما ارتفع عجز الميزان التجاري خلال أول شهرين من العام الحالي 9 %، طرح مختصون جملة من الحلول لمنع تفاقمه خلال الفترة المقبلة على رأسها تقليص كلف الإنتاج وزيادة حصة الصناعة الوطنية محليا وخارجيا.

اضافة اعلان


وأكد هؤلاء لـ"الغد" أن ثمة إجراءات أخرى للسيطرة على عجز الميزان التجاري تتعلق بتبني إستراتيجية واضحة لإحلال المنتج الوطني بديلا للمستورد خصوصا للصناعة القادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية بالإضافة إلى العمل على المضي قدما في  سياسة الاعتماد على الذات ضمن خطط وبرامج واضحة تسهم في تحفيز المنشآت الصناعية على زيادة الإنتاج واستقطاب الاستثمارات.


وقالوا إن "مواصلة زيادة عجز الميزان التجاري خلال الفترة المقبلة يفاقم من التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني خصوصا فيما يتعلق باستنزاف إحتياطي المملكة من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى المساهمة المباشرة في خفض الناتج المحلي الإجمالي والتقليل من مستويات النمو الاقتصادي والتأثير السلبي على بعض القطاعات الاقتصادية".


وارتفع عجز الميزان التجاري خلال أول شهرين من العام الحالي بنسبة 9 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب ما أظهرته الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.


وزادت قيمة العجز التي تمثل (الفرق بين قيمة الصادرات الكلية وقيمة المستوردات) خلال اول شهرين من العام الحالي بمقدار 132 مليون دينار، لتصل إلى  1.617 مليار دينار مقارنة مع 1.485 مليار.


وبلغت قيمة الصادرات الكلية خلال أول شهرين من العام الحالي 1.2 مليار دينار في حين بلغ إجمالي قيمة المستوردات 2.8  مليار دينار، وفق آخر أرقام التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.


وقال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م.فتحي الجغبير إن "آليات تخفيض عجز الميزان التجاري خلال الفترة المقبلة تتمحور حول عدة جوانب، أبرزها دعم الصناعات الوطنية وتعزيز قدرتها على زيادة حجم الصادرات، عن طريق إعادة ترتيب الأولويات وتكثيف العمل للحد من الكلف الإنتاجية العالية، والبحث عن أسواق جديدة يمكن للصادرات الوطنية الولوج إليها، لتجنب مخاطر الانكشاف على الأسواق التقليدية".


وأضاف "آليات السيطرة على عجز الميزان التجاري تتركز أيضا في رفع جاهزية التصدير، ودعم الاتصال بسلاسل التوريد العالمية من خلال استحداث آليات وتقنيات للتجارة الإلكترونية، وتحسين عمليات النقل والخدمات اللوجستية، واستغلال المزايا التنافسية للأردن باعتباره مركزاً للوصول إلى الأسواق العالمية يوفر الوصول إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك حول العالم بالإضافة إلى  زيادة حصة الصناعة الوطنية داخل السوق المحلي للمساهمة في التقليل من الاعتماد على المستوردات".


وأوضح الجغبير أن زيادة حصة الصناعة الوطنية داخل السوق المحلية تتحقق من خلال تعزيز الوعي بشراء المنتج الوطني، وتبني ودعم حملة صنع في الأردن من مختلف الجهات والمستويات، وبث الوعي حول المنتجات الوطنية وأهميتها بمختلف المراحل الدراسية والجامعية  إلى جانب الحد من المستوردات ذات البديل الوطني، من خلال تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل وتفعيل الأدوات اللازمة.


وشدد الجغبير على ضرورة إعادة النظر في كلف الإنتاج وتسريع عمليات إيصال الغاز الطبيعي للمدن والتجمعات الصناعية، وذلك بهدف رفع قدرتها على منافسة المنتجات الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية شراء المنتج الوطني وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني، وزيادة حصة الصناعة الوطنية بالعطاءات والمشتريات الحكومية، ورفع نسبة الأفضلية السعرية للمنتج الوطني في المشتريات الحكومية، وتخصيص حصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل أدوات الرقابة على مشتريات الجهات الحكومية المختلفة.


بدوره، شدد رئيس جمعية شرق عمان الصناعية د. إياد أبو حلتم على ضرررة  العمل المشترك بين القطاعين والعام والخاص؛ للسيطرة على عجز الميزان التجاري وتقليله خلال الفترة المقبل، من خلال سياسة إحلال المستوردات بالبضائع المحلية وتعزيز الاعتماد على الذات وهذا يتأتى بدعم الصناعة الوطنية عبر تسهيل نقل التكنولوجيا، وتسهيل توفير المزيد من فرص العمل وهذا يشجع المصانع على التوسع  في إنتاجها وتساعدها عل تقليل كلف الانتاج وبالتالي تستطيع أن تنافس في الأسواق العالمية.


وأشار إلى أهمية وجود سياسة وطنية للترويج المنتجات الوطنية بالأسواق الخارجية خصوصا في دول الاتحاد الأوروبي  وأميركا الشمالية ودعم المشاركة بالمعارض الخارجية بهدف تنويع الصادرات ومحفظة الأسواق خصوصا وأن 70 % من الصادرات الوطنية تتركز في 17 سلعة  و60 % من الصادرات تذهب إلى 10 أسواق.


وشدد أبو حلتم على ضرورة تسهيل الإجراءات والتراخيص بهدف تقليل الكلف وسرعة البدء في العمل لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القائمة منها على التوسع، بالإضافة إلى ضرورة إعادة النظر بالكلف سواء من ناحية أسعار الطاقة والنقل.


وأوضح أن حصة المنتج الوطنية داخل السوق المحلية في تزايد، إذ تشكل حاليا أكثر من 42 % مشيرا إلى أهمية التركيز على الترويج للمنتجات الوطنية محليا ووضع قيود على استيراد السلع التي لها بدائل متعددة من الصناعة الوطنية عدا عن إعادة النظر بالتعرفة الجمركية في ظل دخول سلع للسوق المحلية كلف إنتاجها أقل بكثير من الصناعة الوطنية.  


واعتبر أبو حلتم أن زيادة العجز في الميزان التجاري في أول شهرين لا يعتبر مقياسا ومؤشرا لأن هنالك بعض البضائع تصديرها موسمي مثل الملابس محددا بأشهر محددة، بالإضافة إلى انخفاض بشكل ملموس في أسعار البوتاس والفوسفات خصوصا أن هاتين السلعتين شكلتا من ناحية القيمة أكثر من ربع الصادرات الوطنية خلال الفترة الماضية.


ولفت إلى أن أزمة منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب أثرت أيضا خلال أول شهرين  أثرت على الصادرات الوطنية خصوصا وأن أكثر من 30 % من الصادرات تمر عبر مضيق باب المندب عدا عن ارتفاع في كلف الشحن.


وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية د.غازي العساف "السيطرة  على تفاقم العجز بالميزان التجاري يتطلب  العديد من الإجراءات في مقدمتها هيكلية التعرفة الجمركية على بعض المجموعات السلعية وهذا من السياسات التي يجب أن تراجعها الحكومة؛ لأن كثيرا من سياسات التعرفة الجمركية خاصة مع تناقص بعض من بنود التعرفة الجمركية على بعض المجموعات السلعية خلال الفترة الماضية تؤثر بشكل كبير في تنافسية وبقاء وصمود عدد من المنتجات المحلية".


وأشار العساف إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن البيئة الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية تتغير باستمرار، ما يعني تغيير التعرفة الجمركية بما يتواءم مع هذه التغيرات وهذا يعتبر من أهم ما يمكن أن يضبط الميزان التجاري. 


ولفت إلى أهمية مراجعة الاتفاقيات التجارية وبخاصة اتفاقيات التجارة التفضيلية واتفاقيات المناطق الحرة مع بعض من الدول التي أبرمت خلال العقود الماضية ولم تقيم في أغلبها.


وأكد العساف وجود حاجة إلى  تقييم هذه الاتفاقيات وأثرها على الاقتصاد الوطني مع تلك الدول و تحليل الميزان التجاري بشكل فردي مع كل دولة تم إبرام اتفاقيات معها، وتحديد المنافع والأضرار التي حققتها خصوصا وأن بعض الاتفاقيات أضرت ببعض القطاعات الاقتصادية والصناعات الأردنية، واثرت سلبا على الميزان التجاري وأدت إلى مزيد من القيم السلبية في الميزان التجاري؛ لأن الواردات دخلت بشكل كبير جدا وأغرقت الأسواق الأردنية.


ولفت إلى إجراءات أخرى للسيطرة على عجز الميزان التجاري تتعلق بالبيئة الاستثمارية وتطوير القاعدة الإنتاجية لعدد كبير من القطاعات التي تعتبر رافعة اليوم للنمو الاقتصادي من خلال تقديم المزيد من الحوافز والمزايا الإضافية للصناعات عالية القيمة المضافة. 


وقال: "السياسة المثلى لحالة الاقتصاد الأردني اليوم هي سياسة إحلال المستوردات بمنتجات محلية لأنها اثبتت خلال الفترات الماضية  الماضية أنها الأفضل والأكثر فاعلية لحالة الاقتصاد الأردني وعليه يجب أن تضع  الحكومة إستراتيجية واضحة تسمى إستراتيجية إحلال المستوردات وتنطلق بها خلال السنوات  المقبلة بخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى". 


وبين العساف  أن الاقتصاد الوطني يعاني دائما من عجز في الميزان التجاري لعدة أسباب منها الاعتماد بشكل كبير على تصدير سلع أولية ذات قيمة مضافة منخفضة، فيما يتم استيراد سلع ذات تكلفة مرتفعة جدا وقيمة مضافة عالية وبالتالي هنالك فرق كبير بين  يصدر من سلع وبين ما يدخل من سلع إلى الاقتصاد الأردني فهذا أبرز الأسباب. 


وأشار العساف إلى أسباب تتمثل في أن الاقتصاد الأردني اقتصاد مستورد للبترول والنفط الخام ومشتقاته، وهناك تكلفة كبيرة وباهظة جدا لفاتورة النفط والغاز ومشتقاته ترهق الميزان التجاري وتجعله دائما سلبيا على عكس الدول الأخرى التي يعتبر النفط والغاز مصدرا محليا وبالتالي تتجنب التكلفة أو الفاتورة الباهظة لاستيراد النفط والغاز.


ويوجد في الأردن قرابة 18 ألف منشأة صناعية وحرفية في الوقت الحالي تشغل قرابة 268 ألف عامل وعاملة جلهم من الأردنيين، فيما يساهم القطاع الصناعي بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25 %.

 

اقرأ المزيد : 

دعوات لانتهاج إستراتيجية اقتصادية لتقليص العجز التجاري