تراجع المستوى العلمي والمعرفي.. هل يكشفه التعليم الوجاهي؟

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان - الضعف الكبير الذي لمسته نبيلة خالد لدى ابنتها أثناء تدريسها مبحث الرياضيات آثار قلقها، إذ تدنى مستواها الأكاديمي حتى في أبسط القواعد. ولأن مبحث الرياضيات من المواد الأساسية، فإن عدم إلمام ابنتها في الصف الخامس لهذا المبحث وفهما الكامل للدروس رغم تفوقها سابقا، أشعرها بوجود مشكلة كبيرة.اضافة اعلان
ووفق والدتها، فإنها تخشى أن يتسبب هذا الفاقد من الدراسة بتراجع ابنتها أكاديميا، ولاسيما أن مبحث الرياضيات من المواد الأساسية، ذلك دفعها للتواصل مع معلمة المادة لمشاركتها خوفها وقلقها على مستوى ابنتها العلمي وكيفية مواجهة هذه المشكلة لتعويض ما خسرته من معلومات ومعرفة خلال الفترات الماضية من التعليم عن بعد.
تعويض مافات الطلبة من مهارات أساسية وعلمية، هو مايشغل بال الكثير من أولياء الأمور الذين شهدوا تراجعا كبيرا في مستوى أبنائهم الأكاديمي خلال فترة التعليم عن بعد، إذ كشفت الامتحانات النهائية النقاب عنها، خصوصا في المباحث العلمية التي تبنى على معلومات متراكمة.
الفاقد العلمي والمعرفي لدى الطلبة سيكشفه التعليم الوجاهي، لذلك فإن القلق على المستوى التعليمي للطلبة يتضاعف مع خشية غياب القدرة على تعويض مافاتهم من معلومات، لاسيما في العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية. كل هذه الأمور تشغل بال الكثيرين من أولياء الأمور الذين بدأوا يبحثون عن الدروس الخصوصية لتعويض الفاقد المعرفي والعلمي لدى أبنائهم.
المسائل الحسابية وقواعد اللغة الإنجليزية والمعادلات الكيمائية ومعادلات الجبر والكسر، ضعف لمسه أولياء الأمور على أبنائهم خلال تقديم الامتحانات النهائية.
خبراء وتربويين أكدوا مخاوف أولياء الأمور، مشديدين على أن تكون هناك خطط واضحة لتعويض الفاقد العلمي والمعرفي خلال فترة التعليم عن بعد وقبل البدء بالتعليم الوجاهي.
ويعد التربوي الدكتور عايش النوايسة أن تعويض الفاقد المعرفي والعلمي أولوية قصوى بالنسبة لوزارة التربية والتعليم ومن ضمن أولويات خطة العودة إلى التعليم الوجاهي.
وتتسم المناهج التعليمية بأنها تكاملية، وتعتمد على بعضها بعضها، لذا فإن أي فقد في المعرفة في المنهاج السابق يؤثر وبشكل كبير على المادة اللاحقة، ما يعني أن يكون هناك برنامج تعليمي متكامل ومعمم على جميع المدارس لتعويض المواد السابقة للطلبة خلال فترة التعلم عن بعد.
ويقول "الإشكالية الكبيرة أن كثيرا من الطلبة لم يدرسوا ولم يدخلوا للأسف إلى المنصة لمتابعة دروسهم، ففاتتهم المفاهيم العلمية والدراسية"، مايعني ضرورة تدبر هذه الفترة الماضية وحل مشكلة الفاقد المعرفي والمعلوماتي والقيام بعملية مراجعة شاملة والوقوف على المناحي التي لم يتمكن الطلبة من فهمها واستيعابها خلال الفترة الماضية.
خبيرة الإرشاد النفسي والتربوي، الدكتورة سعاد غيث أكدت أن الطلاب قد خسروا جزءا كبيرا من المهارات التي يجب أن يتعلموها، فالتعليم لا يقتصر على الجانب المعرفي فقط، وانما أيضا يتضمن تكوين معارف وقيم ومهارات حسية وحركية ويفترض أن يكون هناك نوع من أنواع التكاتف مع جميع الأطراف المعنية لتعويض ذلك.
وتشير غيث إلى أن خطط وزارة التربية والتعليم من أجل عودة استقبال الطلبة، من خلال الاستعانة بخبراء عملوا على تحليل المحتوى الدراسي الاول والثاني واستخلاص بما يسمى النتاجات الحرجة، فإن لم يتمكن الطلبة من تعلمها يحدث خلل في العملية التعليمية ووضع هذه النتاجات عبر مصفوفة زمنية سيتم الاستجابة لهذا الفاقد من خلال ما يعرف بمراجعة وتدريس هذه النتاجات الحرجة من خلال الشهر الأول من الفصل الدراسي الثاني وسيقوم بتنفيذ هذه الخطة معلمو ومعلمات المدارس.
المعلم المحترف من وجهة نظر غيث، يقوم بإجراء اختبارات قبلية تقييمية وتشخيصية قبل البدء بفصل دراسي جديد لتقييم الحصيلة المعرفية لدى الطلبة"، لمعرفة ما يمتلك الطالب وما لا يمتلكه من المعرفة والعلم بشكل عام، فكيف في هذه الفترة الحرجة.
وفي هذا الوقت تؤكد غيث دور المرشدين التربويين في المدرسة لأن الطلبة أصبح لديهم نوع من أنواع الغياب عن أجواء المدرسة والدوام المدرسي والروتين الصحي والعلاقات والتفاعل بينهم وبين زملائهم والقوانين والتعليمات قد غابت عن أذهانهم، فضلا عن طلبة الصف الأول الذين لم يكتسبوا منذ البداية المهارات التعليمية وهذا الروتين.
ويقول "الطلبة داوموا فترة قصيرة جدا وعلى المرشدين التربويين أن ينعشوا لديهم العودة للمدرسة والترحيب بالوضع الجديد"، إضافة إلى رفع روحهم المعنوية للعودة للتعليم الوجاهي والترحيب أيضا بالتعليم المدمج في ظل استمرار خطة الوزارة بالدمج بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بعد وأن يكونوا إيجابيين في التعامل مع هذه الظروف الاستثنائية.
كثير من الطلبة غلب عليهم الانعزال والتواصل مع الآخرين من وراء الشاشات فقط وآخرون لم يجدوا أنفسهم بهذه الأجواء وبالتالي يرغبون للعودة إلى المدرسة، لذا ينبغي التفكير مليا بعودة الحماس والاستعداد للدراسة التي مر زمن على انقطاعهم عنها والعلاقات والتفاعلات التي تتم مع علاقاتهم.
أولياء الأمور بحسب غيث يدركون تماما مسؤولياتهم فمنذ البداية يتابعون خلال التعليم عن بعد ومع العودة إلى التعليم وجاهي سيشعرون أن الحمل عليهم أخف وأن المسؤوليات قلت، وعليهم في هذه المرحلة أن يستمروا في متابعة أبنائهم ووضعهم الدراسي والنفسي، مزودين المعلمين بنقاط الضعف عند اولادهم التي يجب التركيز عليها مع ابنائهم ودعم دور المعلم التربوي من خلال مشاركتهم في التغلب على مواطن الضعف عند أبنائهم وبيان الجوانب التي يجب التركيز عليها.
وتدعو غيث الى كف اطلاق التعليقات السلبية أمام الأبناء وأن يكونوا أكثر إيجابية ودعم لأبنائهم في الظروف الاستثنائية، فالوضع الطبيعي أن تكون الدراسة في المدارس ولكن ما حصل كان استثنائيا وظرفا غير اعتيادي.
التربوي الدكتور محمد أبو السعود يبين أن التعليم عن بعد قد أضر بالمستوى الأكاديمي للطلبة سواء كان في المراحل الأساسية أو المرحلة الثانوية، إذ لم تكن وزارة التربية والتعليم والمدارس والطلبة أيضا مهيئين لهذه التجربة.
ويجد أبو السعود أن العودة إلى التعليم الوجاهي يستدعي إعادة التدريب على المهارات التعليم والمعرفة التي يجب إكسابها للطلبة داخل الصفوف من الروضة ولغاية التوجيهي.
هذا يعني بشكل أو بآخر أن على وزارة التربية والتعليم أن تعمل على إيجاد منظومة تعليمية اضطرارية لحالة الطوارىء لحل هذا الإشكال وتعويض الطلبة على ما فاتهم من المعلومات والتدريبات وامتلاك مهارات بشكل او بآخر.
ووفق أبوالسعود، فإن المحور الأساس هو تعويض الطلبة عما سبق، لافتا الى أهمية تطبيق البروتوكولات التي تتحدث عنها وزارة التربية والتعليم من حيث عدد المعلمين والغرف الصفية والطلبة والابنية الملائمة، حتى يتمكن الطلبة من استيعاب الدروس جيدا والحصول على العلم والمعرفة بالتساوي.
غير أن "أبو السعود" يرى أن الوضع الآن ليس جاهزا بالكامل لعودة التعليم الوجاهي باستخدام البروتوكولات الصحية وبما يضمن أن تكون العملية التعليمية ناجحه. الى ذلك، فإن إعطاء الخيار لولي الأمر بإرسال الأبناء للمدارس سيجعل الأمر أكثر صعوبة، إذ لن تكون العملية سلسة وسهلة، وتحديدا في المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، الأمر الذي قد يدفع الوزارة لعدم اعطاء معظم المواد التي تقوم على تنمية مهارات ومواهب الطلاب كالفن والرياضة والمهني، إذ سيكون التركيز فقط على المواد الأساسية.