"المدن المستدامة".. جهود حكومية مبعثرة وحلم لا يتحقق

تعبيرية
تعبيرية

وصف خبراء الجهود الحكومية نحو التحول إلى تطبيق مفهوم المدن المستدامة بأنها "خجولة ولا ترتقي إلى مستوى الطموح، بل تتسم بكونها مبعثرة بين مختلف الجهات المعنية".

اضافة اعلان


ولعل "الحاجة إلى إعادة تأهيل البنى التحتية لمدن المملكة، وسن تشريعات جديدة، وزيادة الوعي بين المواطنين وصناع القرار من الشروط الواجب اتخاذها للتحول نحو المدن المستدامة في المملكة"، وفق قولهم.


وفي رأي الناشطة في مجال التنمية المستدامة والتغير المناخي الدكتورة مها الزعبي فإن "تحقيق مفهوم المدن المستدامة من قبل صانعي القرار ما يزال بعيد المنال، ولم نصل لمستوى الطموح المطلوب".


ولفتت الزعبي لـ"الغد" الى أن "تطبيق مفهوم المدن المستدامة بشكله الشامل وفي كافة مناطق المملكة محدود، بل ويرتكز ضمن محيط العاصمة عمان".


وبينت أن "المدن المستدامة تشمل عدة عناصر، من بينها إعادة تأهيل البنية التحتية، وتبني برامج حماية اقتصادية، واجتماعية للفئات الفقيرة، وجميعها غير متوفرة لغاية الآن".


وأشارت إلى أن "الرؤية الاقتصادية التي أطلقت العام الماضي ربطت التحديات المُناخية بمسألة تحقيق التنمية الحضرية، والمدن المستدامة".


ولعل "عدم وجود جهة تُعنى بتحقيق مفهوم المدن المستدامة في المملكة، بحيث تكون صاحبة المرجعية في هذا المجال، بل وتتعرض للمساءلة في حال لم تُقم بالمهام الموكلة اليها، يعد أحد التحديات في الوصول للهدف المنشود"، وفق قولها.


وأضافت أن "الجهود الحكومية مبعثرة بين مختلف المؤسسات والوزارات، ما يتطلب أن يقوم مجلس الوزراء بتكليف الجهات القائمة على تطبيق اللامركزية في المملكة بمهمة تحويل مدن المملكة الى أخرى أكثر استدامة". 


وشددت على أن "البلديات ومجالس الخدمات المشتركة والمحافظات تقع على عاتقها مسؤولية تطبيق مفهوم المدن المستدامة، وتحقيق هذا الهدف، بالتعاون مع كافة الوزارات المعنية".


ولا بد، من وجهة نظرها، أن "يرافق تلك العملية بناء قدرات القائمين على البلديات والمجالس لضمان الوصول للمدن المستدامة، ووفقا لرؤية التحديث الاقتصادي، والخطط التي وضعت لهذه الغاية".


وهنالك "حاجة ملحة لوضع إطاري تنظيمي، وآخر تشريعي يساعد في التحول نحو المدن المستدامة"، كما ذكرت.
وكانت نشأت المدن الذكية المستدامة كإحدى الاستجابات الممكنة لتحديات المرونة والاستدامة الناجمة عن التوسع الحضري السريع غير المسبوق، وصممت لتوفير حلول ذكية قائمة، أو غير قائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفق لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (إسكوا).


وتهدف تلك المدن، بحسب إسكوا، إلى "تقليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتحديات الحضرية، كالفقر، واللامساواة بين الجنسين، والرعاية الصحية، وتغير المُناخ باتباع نهج محوره المواطن، تقدم بموجبه الحلول له.


وفي رأي رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية المهندس عبدالله غوشة، فإن "الاستناد إلى مفهوم البنية التحتية القائم على تأهيل الطرق، وشبكات الصرف الصحي والمياه، والكهرباء، يعد من الآليات التي تُسهم في التحول نحو مفهوم المدن المستدامة في المملكة".


وأكد غوشة لـ"الغد"، أن "امتداد وتطور المدن الأردنية عبر سنوات ماضية لم يصاحبه تحديث في البنى التحتية، ما أدى إلى حدوث اختلالات، على سبيل المثال في شبكات تصريف مياه الأمطار".


وبين أن "التوسع العمراني الكبير الذي شهدته المملكة أثر على بيئة المدينة، لذلك ظهرت الحاجة الى ضرورة وجود بعض الكودات التي تتضمن التعامل مع تأثيرات التغيرات المُناخية على الأردن، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة كميات الأمطار الوميضية".


ولفت الى أن "إقرار كودة الهيدرولوجي من مجلس البناء الوطني التي تتضمن اعداد الدراسات المائية والهيدرولوجية وعلاقتها بالتغيرات المناخية، تعد من الخطوات المهمة".


ومن وجهة نظره، "يتوجب على الجهات المعنية إدخال تحديثات على البنى التحتية، والتي تقوم على أساسها المدن المستدامة".


كما أن "المشاكل التي يواجهها الأردن نتيجة الظروف الإقليمية والسياسية المحيطة، الى جانب الاقتصادية، تدفع بأن يتم التوجه نحو العمران دون تخطيط مسبق"، وفق قوله.


ورغم أن "ثمة خطوات نحو تطبيق مفهوم المدن المستدامة في المملكة، لكنها ما تزال خجولة، ولم ترتق لمستوى الطموح"، في رأيه.


ومن أجل تحقيق ذلك المفهوم، لا بد من "إعادة النظر في قانون تنظيم المدن والقرى الذي أقر عام 1966 لكونه لم يعالج شأن البيئة المستدامة، والتي ترتبط بمنح حوافز للمستثمرين، وأصحاب المشاريع لدى انشاء أبنية ضمن معايير الاستدامة".


وطرح موضوع المدن المستدامة ولأول مرة في الأردن عام 2008 عندما عقد مؤتمر المدن الرفيقة بالبيئة في منطقة المتوسط، في البحر الميت.


ومنذ ذلك الوقت "بذلت جهود لتحقيق الاستدامة في المدن، ووضعت خطط في هذا المجال، وخاصة على صعيد أمانة عمان الكبرى"، وفق الخبير في مجال الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة محمد عصفور.


وبين عصفور أن "العاصمة عمان تعد من المدن القليلة التي خطت بعض الخطوات في تحقيق الاستدامة".


ورغم ذلك فإن "المملكة تفتقر لوجود معايير واضحة وآلية لقياس مدى استدامة المدن، ما يصعب معه الاستدلال على التقدم أو عدمه في تطبيق ذلك المفهوم"، بحسبه.


ومن أجل الوصول الى تلك المرحلة، فإن "هنالك العديد من الخطوات الواجب اتخاذها على صعيد زيادة الوعي بين المواطنين وصناع القرار، وإعداد القوانين والأنظمة التي تساعد في مأسسة عملية الاستدامة"، على حد تعبيره.


وأشار الى أن "الأردن يمُكنه أن يتخذ وضعا أفضل مما هو عليه الآن على صعيد التحول نحو المدن المستدامة، إلا أن النمو السريع للسكان الذي تشهده كافة المناطق يعد من المعيقات لتحقيق ذلك".


وهنالك "حاجة لتضافر كافة الجهود الرسمية والمدنية لتحقيق ذلك الهدف، في وقت تفتقر فيه مؤسسات المجتمع المدني الى تمكين قدراتها لتقوم بدورها في مساندة الجهات الحكومية".


ونوه بأن "التحديات المالية التي تعد عائقا من وجهة نظر الحكومة للتحول، فإن ثمة العديد من الحلول لمواجهتها، مثل تفعيل القوانين ذات العلاقة باستدامة المدن، والشراكة مع القطاع الخاص".

 

اقرأ المزيد : 

مؤتمر المدن المستدامة: الحاجة لمساكن تراعي الحقوق والمناخ