بعد جنوب أفريقيا.. حقوقيون أردنيون يتحركون لملاحقة الاحتلال أمام "الجنائية الدولية"

محكمة العدل الدولية في لاهاي.-(أرشيفية)
محكمة العدل الدولية في لاهاي.-(أرشيفية)

 في وقت سابق من العام الماضي، أعلنت نقابة المحامين الأردنيين، أنها بدأت بتوثيق جرائم الاحتلال في قطاع غزة خلال معركة "طوفان الأقصى"، تمهيدا لرفع دعاوى قضائية دولية بتهم الإبادة الجماعية وجرائم حرب.

اضافة اعلان


وتواصلت النقابة مع محامين ونقابات حقوقية عدة، خصوصا محامي القطاع، لمساعدتهم على توثيق "ما يقوم به الاحتلال من قتل للمدنيين خصوصا من الأطفال والنساء".


وإثر عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة المقاومة الاسلامية -حماس في غزة ضد الكيان الصهيوني، شن جيش الاحتلال حربا همجية على القطاع المحاصر، ما أسفر عن سقوط أكثر من 25 ألف شهيد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين.


ومؤخرا، تبنّت النقابة، الرسائل التي أدرجت على موقع محكمة العدل الدولية الإلكتروني، والتي تستدعي شهودا وإفادات ممن لديهم معلومات عن جرائم تطهير عرقي أو ضد الإنسانية.


في هذا السياق، أكد عضو المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للحقوقيين المحامي هاني زاهدة، أنه بالإشارة الى القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا على الكيان أمام محكمة العدل الدولية، فإن هذه المحكمة تتعامل مع الدول وليس الأفراد، مبينا أن جنوب أفريقيا قدمت دعوة، بالاضافة إلى طلب باتخاذ تدابير وقتية مستعجلة لوقف الإبادة الجماعية في غزة.


وقال في تصريح لـ"الغد"، إن ما تقوم به محكمة العدل حاليا، هو البحث في هذا الموضوع والبحث عن تدابير احترازية ووقتية، يمكن أن تصدر قراراً للكيان بوقف الإبادة الجماعية، معتبرا بأن "التدابير المستعجلة والمرافعات التي حدثت ورأيناها أمام شاشات التلفزة، تتعلق بإصدار أوامر مستعجلة لوقف الإبادة".


وشدد زاهدة على أنه لا يوجد انضمام للدول في هذه الإجراءات، لأن الدعوى قدمتها دولة واحدة ضد دولة أخرى، وقرار المحكمة قد يستغرق 3 أسابيع أو شهر أو شهرين، مبينا أنه "حاليا يمكن للأردن التدخل بالدعوى عند النظر فيها"، لكن السؤال هو "هل ستدين محكمة العدل الدولية، وتعتبر بأن الكيان قام بجريمة إبادة جماعية خلافاً للمعاهدة أم لا؟".


وأكد أن هذه قضية موضوعية تستغرق سنوات، ويمكن لأي دولة الانضمام لجنوب أفريقيا فيها، مبينا أن الأردن ما يزال ينتظر حاليا، قبل الدخول في الدعوى، خصوصا "وأننا ما نزال في مرحلة التدابير المستعجلة".


وقال زاهدة، إن الحقوقيين يعملون حاليا على جمع قاعدة بيانات لكل التصريحات الصهيونية، التي تؤيد وجود نية عند المسؤولين الصهاينة بارتكاب جرائم إبادة جماعية، ومن ضمنها تصريحات وزراء فيها، أشاروا إلى ضرب القطاع بقنبلة نووية، وغيرها من التصريحات المحملة بعبارات متطرفة، تذهب في اتجاه الحض على ابادة الفلسطينيين.


ولفت الى انه "يجري جمع كل ما يتعلق بهذه التصريحات في قاعدة بيانات فردية، من اجل أن تكون جاهزة اذا ما احتاجتها الحكومات، لتجميع قاعدة تؤيد الأدلة التي تثبت الإبادة الجماعية".


ولفت زاهدة، إلى أنه قد يتوجه الى المحكمة الجنائية الدولية، محامون أو أفراد، وهنا تقدّمت مئات وآلاف الشكاوى ضدّ الكيان إليها. مؤكدا أن "المدعي العام هو من سيحرّك الدعوى ويصوغ القضية ويحولها اليها. وللآن فإنها لم تحوّل أي قضية، ما يؤكد أن موقف المدعي العام منحاز، وكل الجهود إلى الآن أمام المحكمة، عبارة عن إخبارات ولم تتخذ أي إجراءات تحقيق ولا أي إجراءات قانونية".


وإن كانت "الجنائية الدولية" قد دانت مجرمي حرب سابقا، فإن زاهدة يؤكد أن محاكمة مجرمي الحرب في معظم قضايا المحكمة التي نُظرت وأدينوا فيها، كانت متعلقة بقادة أفارقة، مبينا بأن المحكمة تعاني حاليا، خصوصا وأن الولايات المتحدة لا تؤيد دورها.


وقال زاهدة، إن "الموقف الأردني سعى في كثير من المجالات القانونية المهمة، أبرزها  في بداية الأحداث، اذ ذهب الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستصدر قرارا بضرورة وقف إطلاق النار وإدانة الكيان، لكن مشكلة هذا القرار، أنه غير ملزم، بحيث يوجد قرار ولا يوجد أدوات لتنفيذه.


وأكد زاهدة، أن الأردن عمل على هذا الملف دوليا، ولجأ إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن في آخر قرار بت به، لكن حجم الجريمة من الكيان على القطاع، يجعل أي جهد يقوم به الحقوقيون قليل أمام ما يجري يومياً هناك.


وأوضح أن التحركات المقبلة "تكمن في شكوى قدمناها أمام المحكمة الجنائية الدوليّة، كما أن مندوبي الأردن في أوروبا، يسعون لملاحقات فردية للمسؤولين الصهاينة أمام الدول".
وأكد أن هناك دولا لديها اختصاصات بملاحقة من يرتكبون جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، مثلما جرى في بلجيكا وسويسرا، كما أن هناك تحرّكا للتضييق على المسؤولين الصهاينة لمنعهم من دخول هذه الدول.


من جانبه، قال مساعد الأمين العام لاتحاد المحامين العرب المحامي مازن ارشيدات، إن الاتحاد قدم طلبا إلى "العدل الدولية" للسماح له بتقديم مذكرة، تتعلق بموضوع الإبادة الجماعية والعدوان على الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة.


وتوقّع ارشيدات في تصريحات لـ"الغد"، أن يكون رد المحكمة إيجابيا، خصوصا وأنها مذكرة مرافعات وموثقة ومدعومة بالأدلة، مؤكدا أن الاتحاد توصّل إلى نتيجة أنه إذا صدر قرار وقتي من "العدل الدولية" بوقف العدوان على غزة، والسماح بإدخال المساعدات بأشكالها كافة، فإن هذا يعني مقدمة لـ"الجنائية الدولية" كي تتحرّك، لأنها لا تستطيع غض النظر بعد ذلك.


وقال ارشيدات، إن الاتحاد بحث في اجتماعه خطوات لتقديم شكاوى أمام المحاكم الوطنية، مثل بريطانيا وبلجيكا والنرويج والولايات المتحدة أيضا، خصوصا وأنه سبق لجمعية حقوقية هناك التقدّم بشكوى ضد الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية انتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في الإدارة الاميركية الحالية.


وأضاف "أنا متفائل بأنه سيصدر قرار مؤقت بوقف العدوان، لكني لست متفائلا بتنفيذه الكيان الصهيوني له".


نقيب المحامين يحيى أبو عبود، أكد أن النقابة ستطالب بإحالة المسؤولين الصهاينة عن الانتهاكات الإنسانية بحق المدنيين وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين، إلى القضاء الدولي تجري إدانتهم على الأفعال المنسوبة إليهم.


وأوضح أبو عبود، أن "أفعال وممارسات الاحتلال في غزة، تشكل كافة أركان جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية عبر التدمير الممنهج للمستشفيات، والمباني السكنية، والمساجد والكنائس، وتعمد قتل المدنيين، واستخدام الاحتلال للفسفور الأبيض المحرم دوليا".


وأوضح أن النقابة تمكّنت من إلزام الاتحاد الدولي للمحامين، ومقره في باريس، إصدار بيان يدين جرائم الاحتلال في القطاع، بعد إصداره بيان عن الاتحاد دان المقاومة في غزة، وهو ما رفضته النقابة قطعيا، وهددت بالانسحاب من الاتحاد.

 

اقرأ أيضا:

جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل: مستقبل فلسطينيي غزة يعتمد على قرار المحكمة