الزيارة تأتي ضمن الجهود الملكية الرامية لإنهاء العدوان على غزة

الملك في واشنطن.. منع اجتياح رفح

الملك خلال لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن
الملك خلال لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن

فيما يلتقي جلالة الملك عبدالله الثاني غدا الاثنين الرئيس الأميركي جو بايدن، لبحث جهود وقف إطلاق النار على غزة، يؤكد مراقبون أن هذه الزيارة تكتسب أهمية قصوى، في ظل التحشيد الذي تقوم حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، لتنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

اضافة اعلان


ويناقش الزعيمان رؤية الولايات المتحدة للسلام الدائم الذي يشمل حل الدولتين، ويضمن أمن إسرائيل، وفق بيان للبيت الأبيض.


ويأتي اللقاء في الوقت الذي يبحث فيه الرئيس بايدن ومساعدوه عن هدنة جديدة في قطاع غزة، تسمح بدخول المساعدات والإمدادات الإنسانية إلى القطاع، وإطلاق سراح المحتجزين، فيما يواجه البيت الأبيض انتقادات متزايدة من الأميركيين ذوي الأصول العربية، بسبب دعم إدارة بايدن المستمر لتل أبيب، على الرغم من ارتفاع عدد الضحايا في غزة.


ويرى مراقبون أن زيارة الملك ليست الأولى لواشنطن خلال الحرب على غزة، ولكنها تأتي ضمن سلسلة الجهود الجبارة والمتوالية التي يبذلها جلالته مع زعماء العالم وخاصة الإدارة الأميركية وقيادات الكونجرس ومختلف القوى المؤثرة في القرار الأميركي.


وأشاروا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إلى أن رفح ظلت حتى الآن الملاذ الأخير لنزوح أكثر من نصف سكان القطاع إليها جراء الحرب المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفي ظل ظروف إنسانية صعبة جداً لا تتوافر معها أدنى متطلبات الحياة الإنسانية.


وفي هذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور أيمن البراسنة، إن زيارة جلالة الملك لواشنطن ولقاءه الرئيس بايدن وقادة من الكونجرس، ستبحث الحرب على غزة كعنوان رئيسي، وفي سياق جهود الأردن المستمرة لمحاولات التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، ووقف الكارثة الانسانية في القطاع، لا سيما في ظل استمرار الحرب الصهيونية التي جاوزت شهرها السادس.


وأضاف البراسنة: "وبالتالي فإن هدف الزيارة الأساسي سيكون البحث في سبل تحقيق وقف إطلاق نار ووضع حد للكارثة الإنسانية في غزة، والتأكيد على أن لا بديل عن تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس حل الدولتين".


وتابع: "وعليه، أعتقد أن هذه الزيارة التي تأتي ضمن أجواء الوساطة القطرية والمصرية والأميركية بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال، تحمل آمالا بالتوصل إلى هدنة تتضمن، صفقة لتبادل الأسرى، بحسب ما علمنا من تسريبات، وأن هناك اقتراحا مصريا لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل، وهناك تفصيل لكل مرحلة، لكن في نهاية المرحلة الثالثة من المنتظر أن يقود ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش الصهيوني من قطاع غزة".


واستدرك بالقول: "لكن دعونا نذكّر بزيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين إلى عمان، والتي أكد خلالها جلالة الملك مرة أخرى هنا في عمان، ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والتحرك لوقف الكارثة الإنسانية على سكان القطاع، وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية بشكل مستدام، محذرا جلالته من خطورة المخططات الصهيونية، وخاصة رؤية نتنياهو بدخول رفح بعملية عسكرية لاجتثاث كتائب حماس من هناك، وما قد يجره ذلك من آثار كارثية ربما تتسع لتشمل الضفة الغربية والقدس ومن ثم المنطقة بأسرها".


وزاد: "بالتالي أعتقد أن هناك جهودا متفائلة للتوصل إلى هدنة بين الجانبين، حيث تأتي زيارة الملك ضمن هذه الأجواء الإيجابية لوضع حد لما يحدث في غزة، ولا يخفى على أحد أن الأردن هو السباق دوما لنصرة القضية الفلسطينية، وهناك زيارات متكررة للملك إلى عواصم غربية وأوروبية، ناقش خلالها جهود تحقيق نهاية دائمة للأزمة، وعرض رؤية لحل دائم يضمن حل الدولتين"


وقال: "لذلك أعتقد أن القضية الفلسطينية ليست قضية مركزية فقط في السياسة الأردنية الخارجية، بل هي قضية وجودية، ولذلك يحاول الأردن دفع العالم إلى تبني المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والآمن في المنطقة".


وتابع البراسنة: "إذا أردنا الحديث عن آثار هذه الزيارة ومستقبلها ومآلاتها، نتوقع أن تتضمن الكثير من الرسائل، أولها رسالة للمسؤولين الأميركيين، خاصة أن الملك سيلتقي أعضاء اللجان الرئيسية في الكونجرس، ومسؤولين سياسيين آخرين، وهذه الزيارة تعطي إشارات على مكانة الأردن الجيوسياسية، ودور الأردن التاريخي كعامل استقرار مركزي في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي هذا يدل على أن الأردن هو طرف مؤثر، خاصة في تفاعلات الإقليم".


وأضاف: "الملك سيحذر خلال الزيارة أيضا، من المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وضرورة التزام إسرائيل بذلك، وهناك رسالة موازية أعتقد بأنه سيتم بثها، وهي أن مسارات حل القضية الفلسطينية متوازية في المجال السياسي والاقتصادي والأمني، فإذا أرادت إسرائيل أن تصبح دولة مندمجة في المنطقة، فعليها أن تكون عامل استقرار، وحل المشكلات الأمنية، وبالتالي فإن مركزية الحل للقضية الفلسطينية قائم على أساس قرارات الشرعية الدولية".


واستكمل: " كما أن الزيارة تدل، أيضا، على قوة العلاقات بين البلدين، وعلى الشراكة الإستراتيجية بينهما، وكذلك على دورهما الفاعل في قضايا المنطقة".


من جهته، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، إن زيارة الملك إلى الولايات المتحدة، تبحث بشكل أساسي الوضع في قطاع غزة، وما بعد الحرب، ومن المعروف أن الموقف الأردني يطالب دوما بوقف إطلاق النار، منذ بدء هذه الحرب، ويرى بأنها حرب عبثية، وبأن الحل ليس أمنيا بل سياسيا، وبالتالي سيعاد تأكيد هذه النقاط، وبأن الحرب لن تؤدي إلا إلى الكوارث، فضلا عن تبعات إنسانية كبيرة، وإلى نشوء حالة عدم استقرار واحتمالية توسع الحرب في الإقليم بشكل كامل".


وتابع شنيكات: "وفي قضية أخرى، تستعد الولايات المتحدة حاليا لوضع خطة ترتكز بشكل أساسي على حل الدولتين، لكن الخلافات تكمن حول موقف الجانب الصهيوني، بيمينه ويساره ووسطه، الذي يرفض حل الدولتين تماما، ولا يتوقع أن تفرض الولايات المتحدة على إسرائيل حلا لا تريده، ولهذا ربما ستراوح الأمور مكانها".


واستدرك: "لكن الخطة الأميركية التي تسربها مواقع إخبارية وبحثية، ترتكز بالدرجة الأولى على إنشاء دولة فلسطينية، ودمج إسرائيل في المنطقة، ومنح ضمانات أمنية لإسرائيل، أما الخلاف فيدور على شكل هذه الدولة، ومدى سيادتها، والسلطة التي ستمنح لها".


وتابع: "طبعا، من ضمن الأمور المطروحة، مشاريع تتعلق بإصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث ترى الولايات المتحدة أن السلطة، بشكلها الحالي، غير قادرة على تولي مسؤولية إدارة الدولة، لأسباب متعددة، منها حجم الفساد الذي يشوبها".


وزاد: "على الجانب الآخر، تشكل الزيارة الملكية التزاما أردنيا باستقرار المنطقة، وبالبعد الأمني، وبتقوية العلاقة مع الولايات المتحدة في البعد السياسي، وبعد الشراكة، خاصة فيما يتعلق بدفع عملية السلام للأمام، وهذه نقاط ربما يعاد تأكيدها في هذا اللقاء".


بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك د. محمد خير الجروان: "تأتي زيارة الملك ولقاؤه المرتقب مع الرئيس بايدن، في إطار الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي يبذلها الأردن على كافة الصعد، الإقليمية والدولية، لوقف الحرب وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتكمن أهميتها وتتزامن مع وصول المباحثات بين إسرائيل وحماس إلى منعطف حرج، في ضوء إصرار إسرائيل واستمرار تهديداتها باحتلال رفح، ومعارضة إدارة الرئيس بايدن هذه العملية، لعدم وجود ضمانات إسرائيلية لحماية المدنيين".


وأضاف الجروان: "كما تأتي الزيارة في ظل تزايد الضغوط السياسية الداخلية في الولايات المتحدة مع اتساع حركة الاحتجاجات في الجامعات الأميركية التي تطالب بوقف الحرب ومنع إسرائيل من تنفيذ عمليتها العسكرية في مدينة رفح".


وتابع: "يؤكد اللقاء المرتقب على أهمية ومركزية الدور الذي يمارسه الملك والحكومة الأردنية لدعم جهود التهدئة وإيقاف الحرب، وإيصال المساعدات للسكان المنكوبين في غزة، ومن المتوقع أن يحتل موضوع اجتياح رفح حيزا كبيرا من اللقاء، إلى جانب القضايا والملفات الأخرى المتعلقة بالتوترات في الشرق الأوسط، ومنها إيران وتهديداتها المستمرة خاصة فيما يتعلق بمافيات المخدرات على الحدود الشمالية، وبحث التعاون في هذا المجال بعد نجاح الجهود المشتركة الأردنية- الأميريكية بمنع انتهاك إيران للأجواء الأردنية، خلال ضربتها العسكرية للاحتلال".

 

اقرأ المزيد : 

ديمقراطيون يضغطون على بايدن لثني إسرائيل عن اجتياح رفح