وعي غربي يتنامى بمساندة الفلسطينيين بعد 5 أشهر على جرائم الاحتلال في غزة

1709742785135925300
جانب من الدمار في غزة جراء استمرار العدوان الصهيوني عليها.-(بترا)

بعد أكثر من 5 أشهر على العدوان الهمجي الصهيوني، ومع تكاثر اقترافات جيش الكيان الصهيوني الإجرامية وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بدأ وعي غربي يتنامى في مساندة الحق الفلسطيني، ويدرك بأنّ هذا الكيان عدواني عنصري، يدأب على سلب أراضي الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم.

اضافة اعلان


وخلال الحرب الوحشية على غزة، كثرت الشواهد على استفاقة الرأي العام الغربي، آخرها فوز السياسي المخضرم البريطاني جورج غالاوي في الانتخابات البرلمانية، اذ شنَّ رئيس وزراء حكومته ريشي سوناك هجوماً عليه، وصف فوزه فيه بـ"المقلق للغاية"، مشيراً إلى أن حكومته تتجه لشنّ حملة ضد الاحتجاجات المرتبطة بغزة.


المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، قال "بمتابعة ومراقبة ما يحدث في الدول الغربية بعد مرور 5 اشهر على هذه الحرب الوحشية، بدأ الرأي العام الغربي، يشهد انقسامات واضحة حول القضية الفلسطينية، ما خلق انقسامات كبيرة فيها وفي الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يتطلب استغلالها لصالح الفلسطينيين، والاستفادة من المظاهرات المؤيدة لهم هناك".


وأضاف حجاحجة، إن الانقسام الاوروبي واضح، ظهر في موقف رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الداعمة للكيان، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيف بوريل، الذي يعرف بموقفه المعادي للاحتلال، فقد قدمت الأولى دعمها للاحتلال بسفرها الى تل أبيب، بينما دان بوريل مطالب رئيس حكومة الكيان المتطرف بنيامين نتنياهو بتهجير الفلسطينيين من القطاع.


واضاف "قد تكون تلك الانقسامات في صالح الفلسطينيين، اذ أضعفت الدور الأوروبي القوي المعروف تجاه قضيتهم، نظرا لرفض الاحتلال المبادرات الأوروبية تجاهها، كما أن أوروبا لم تقدم الدعم بالقدر الذي قدمته الولايات المتحدة للاحتلال".


من جهته، رأى عميد كلية القانون السابق بجامعة الزيتونة د. محمد فهمي الغزو، إن الانقسامات في أوروبا وأميركا، وما يحدث من ضغط شعبي هناك، لعب دورا فعالا بتغيير مواقف رسمية لدول تحاول الحفاظ على سياستها الداخلية والخارجية ايضا، فمع تزايد هذه الانقسامات، شهدت تلك الدول مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، تطالب بوقف إطلاق النار في القطاع.


وحول تداعيات فوز النائب اليساري جورج غالواي في انتخابات بلاده البرلمانية، قال الغزو ان "استطلاعات الرأي تفيد بأن حزب العمال يتجه للإطاحة بالمحافظين بعد 14 عاما من مكوثهم في السلطة"، موضحا بان فوز غالواي يشير لاحتمال زيادة التوترات في الحزب المعارض الذي بدأ انقسامه يتضح بشأن الحرب على غزة مؤخرا، بعد أن استقالت قياداتر فيه جراء موقف زعيمه كير ستارمر، المضاد لوقف إطلاق النار في غزة.


وتساءل الغزو، عما اذا استوعبت الحكومة البريطانية التي تمنع التظاهرات الداعمة لفلسطين، معنى فوز غالواي بمقعد برلماني بعد غياب 12 عاما، بأن نجاحه هذا مرده تصريحاته العلنية الداعمة للفلسطينيين، وشجب سياسات المحتل، وهذا يؤشر لتغير في المزاج الشعبي البريطاني الذي يؤثر على نتائج الانتخابات العامة المقبلة.


بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة اليرموك د. محمد خير الجروان، ان الدول الأوروبية، ترتبط دوما بقضايا المنطقة، وتتأثر بها نتيجة للمسؤولية التاريخية التي تتحملها في معظم الصراعات والتوترات في المنطقة، نتيجة سياساتها خلال الحقبة الاستعمارية، إذ انها المسؤول الأول عن نشأة الكيان على أرض فلسطين وحل مشكلة اضطهاد اليهود في أوروبا على حساب الفلسطينيين. ودائما ما تشكل قضايا المنطقة، الخاصرة الرخوة وحدة المواقف والسياسات الأوروبية عند مقارنتها بمواقفها الخارجية، تجاه قضايا وأحداث مماثلة كالأزمة الأوكرانية. 


وأضاف، منذ بداية الأحداث جرى تحويل الحرب على غزة إلى قضية داخلية في المجتمعات الأوروبية، بدءًا من الحكومات التي أيد معظمها الاحتلال وجرائمه، وحاولت بشتى الطرق اظهار الكيان كضحية لها حق الدفاع عن نفسها أمام ما وصفته بـ"عملية وحركة إرهابية" ومحاولة اقناع شعوبها بهذه السردية وليس انتهاءً بالأحزاب اليمينية المتطرفة التي سوقت للفكرة نفسها في الدول الأوروبية، بل واعتبرت حركة حماس "جماعة إرهابية" تهدد أمن الدول والمجتمعات الأوروبية، وحتى الكثير من الأحزاب اليسارية كحزب العمال البريطاني دعم الكيان، وحقها في الدفاع عن نفسها.


وأضاف الجروان "لكن هول الجرائم وحجم الدمار والكارثة الإنسانية في القطاع وقدرة وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، على كشف جرائم الاحتلال وإيصالها بالصوت والصورة الى العالم، قد قلب هذه المعادلة مع الأيام الأولى من الحرب، وبدأ التفاوت بشكل كبير بين الدول الأوروبية، فتبنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى جانب دعمها المباشر للاحتلال، خطابات أقل حدة وأصبحت تستخدم مفاهيم كالهدنة الإنسانية، وتقليل عدد الضحايا المدنيين... الخ، بينما نجد دولا ايدت وقفا فوريا لإطلاق النار كإسبانيا التي ذهبت لأبعد من ذلك، وأعلنت نيتها الاعتراف بفلسطين، وهناك دول أيدت الكيان بشكل قاطع، كالنمسا والمجر وكرواتيا، التي صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف اطلاق النار". 


وأوضح أن هذه الانقسامات، جعلت القوى السياسية الأخرى والرأي العام الأوروبي أكثر وعيا لما يحدث في غزة، وأشد انتباها للكارثة الإنسانية التي تتسبب بها آلة الوحشية الصهيونية هناك، جراء عملياته العسكرية المستمرة، وجرائمه التي انتهكت كل قواعد القانون الدولي.


ولفت الى أن ابرز التحولات التي حدثت في المجتمعات والرأي العام الأوروبي، تبلورت في بروز قوى سياسية وحركات اجتماعية ذات رؤى جديدة حول القضية الفلسطينية والحرب في غزة، مختلفة عن تلك التي حاولت الحكومات الأوروبية ترويجها مع بداية الصراع.


وأشار الى أن الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا، شكلت بؤرة استقطاب لهذه القوى الجديدة، وهذا ما حدث في الانتخابات الفرعية للبرلمان البريطاني، التي فاز فيها غالواي المؤيد للقضية الفلسطينية ولوقف اطلاق النار في غزة، والذي خصص جزءا كبيرا من برنامجه الانتخابي لمعارضة الكيان، وانتقاد مواقف حكومة بلاده وحزب العمال، فشكل دعم وتصويت الجالية المسلمة له في مدينة روتشيدل، عاملا رئيسا لنجاحه لمواقفه المنهضة للاحتلال والمؤيدة للفلسطينيين.

 

اقرأ المزيد : 

جنوب إفريقيا: الأمم المتحدة عاجزة عن فرض السلام وإنقاذ الفلسطينيين