حزب "النهضة" يتصدر نتائج الانتخابات البرلمانية في تونس

رئيس البرلمان التونسي وحزب النهضة راشد الغنوشي
رئيس البرلمان التونسي وحزب النهضة راشد الغنوشي
تونس- أعلنت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في تونس تصدّر حزب "حركة النهضة" نتائج الانتخابات البرلمانية بحصوله على 52 مقعداً، يليه حزب القروي "قلب تونس" بـ38 مقعداً من مجموع 217. وتؤكّد نتائج الهيئة تشكّل كتلٍ نيابيّة مشتّتة في البرلمان الجديد. وحلّ "حزب التيّار الديمقراطي" (ديمقراطي اجتماعي) ثالثاً بـ22 مقعداً وكان رئيسه محمد عبو نال 3,6 في المئة في الدورة الرئاسيّة الأولى، مسجّلاً بذلك تقدّماً ملحوظاً مقارنة بانتخابات 2014 التي جمع فيها ثلاثة مقاعد فقط. وحلّ بعدهُ "ائتلاف الكرامة" المحافظ (مع 21 مقعداً)، ثمّ "الحزب الدستوري الحرّ" (17 مقعداً). وحصلت حركة "الشعب" القوميّة على 16 مقعداً. أمّا "تحيا تونس"، حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فحصل على 14 مقعداً، فيما حصل "مشروع تونس" على أربعة مقاعد. ولم تتجاوز بقيّة الأحزاب والقائمات المستقلّة الثلاثة مقاعد لكُلٍّ منها، بما فيها حزب "نداء تونس" الفائز في انتخابات 2014. وقرّرت الهيئة حذف مقعد لكلّ من حزب "الرحمة" المحافظ في ولاية بن عروس، ومقعد لجمعيّة "عيش تونسي" في دائرة فرنسا 1. وعلّل رئيس الهيئة نبيل بفون في مؤتمر صحافي سبب إلغاء المقعدين بـ"اللجوء للإشهار السياسي"، قائلاً إنّ رئيس قائمة "الرحمة" الحسين الجزيري استغلّ راديو "القرآن الكريم" "67 ساعة لتمرير برامجه الانتخابيّة". ويرى سليم الخراط من منظّمة "بوصلة" أنّه مع "تشتّت الأصوات هذا، من الصعب أن نتحدّث عن فوز الأحزاب المتنافسة". وقال النائب السابق والكاتب السياسي سليم بن عبد السلام "نُواكب مشهداً سياسيّاً متفجراً مع بعض الاستقرار. بعض الأحزاب التي لعبت دوراً مهمّاً في السابق مثل نداء تونس تراجع كثيراً... كما اضمحلّت أحزاب أخرى بالكامل". لا تملك النهضة، أمام هذا الشتات، سوى البحث عن تحالفات، بدءًا بمَن يتقاسم معها التوجّه السياسي، وصولاً إلى مَن يُعاديها إن تطلّب الأمر ذلك. وكتبت صحيفة "لو كوتيديان" الناطقة بالفرنسيّة الأربعاء إنّ النهضة "ستواجه مشاكل عدّة لتحصيل غالبيّة صعبة عبر لعبة التحالفات". غير أنّ الخرّاط يرى أنّ "كلّ الأحزاب ليست لها مصلحة في الذهاب إلى انتخابات مبكرة كما يقرّ ذلك الدستور، وأنّها ستُقدِّر (الوضع) وفقاً لمصالحها البراغماتيّة". وأكّدت نتائج الهيئة ما نشرته استطلاعات الرأي عن تقدُّم "النهضة". في المقابل، تفكّكت الأحزاب الوسطيّة وتراجعت، مع تقدّم مرشّحين جدد يرفعون لواء مناهضة نظام الحكم الحالي. ويرى مراقبون أنّ الانتخابات التشريعيّة تأثّرت بنتائج الدورة الرئاسيّة الأولى التي صوّت فيها الناخبون لمرشّحَين من خارج النظام الحاكم، هما أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد ورجل الأعمال نبيل القروي. وسيجعل التشكيل البرلماني الجديد المرورَ إلى تنفيذ باقي المسار الانتخابي مهمّةً صعبةً ومعقّدةً، خصوصاً إنْ تعلّقَ الأمر بتحصيل توافق 109 أصوات للمصادقة على الحكومة. وتمكّن رئيس النهضة راشد الغنوشي من الفوز بمقعد. وقد سجّل حزبه تراجعاً وتآكلاً لقاعدته الانتخابيّة منذ عام 2011. حازت "النهضة" الغالبيّة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011 بـ89 مقعداً، وتراجع عدد نوّابها من انتخابات إلى أخرى، وتمكّنت في 2014 من جمع 68 مقعداً لِتَجد نفسها اليوم مطالبة بتوافقات. تراجع النهضة فسَّرهُ مراقبون برفض عددٍ مهمّ من قواعدها لسياساتها، وبالأخصّ قرارها التحوّل إلى حزب مدني في العام 2016. ويقول سليم الخراط إنّ "فوز النهضة محدود مقارنةً بعدد المقاعد التي حصلت عليها في 2011...سقوطها لافت". والقروي رجل أعمال وقطب إعلامي أُوقف في 23 آب/أغسطس 2019 وأودع الحبس الاحتياطي بشبهة تبييض أموال، لكنّه نال 15,58 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 15 أيلول/سبتمبر، ما أهّله إلى خوض الدورة الثانية الحاسمة. ورفضت السلطات القضائيّة التماسات عدّة قدّمها القروي لإطلاق سراحه، كان آخرها في الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر. ويُنتظر أن يُنظّم التلفزيون الحكومي ليل الجمعة مناظرةً بين القروي ومنافسه قيس سعيّد الذي تصدّر الدورة الرئاسيّة الأولى بـ18,4 في المئة. وقادت سلوى السماوي، زوجة القروي، الحملة الانتخابيّة نيابةً عن زوجها، في وقت تتولّى قناة "نسمة" الدعاية، رغم اعتراض سلطات مراقبة الإعلام المرئي والمسموع. وتُجرى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الأحد المقبل بعدَ دورة أولى شهدت تصويتاً عقابيّاً استبعد مَن كانوا في السُلطة وأدّت إلى تأهّل متنافسَين خاضا حملتَيهما على أساس القطيعة مع النخب السياسيّة. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات النيابيّة 41,3 في المئة، وسط عزوف للشباب.-(أ ف ب)اضافة اعلان