فشل السياسة الخارجية الأميركية

توجه نتائج الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة "بيو" الأميركية في 14 دولة اضافة الى الولايات المتحدة صفعة كبيرة للادارة الأميركية وسياساتها الخارجية.

 فالعالم، حسب الاستطلاع الذي جرى في الفترة بين 31 آذار(مارس) و14 نيسان(إبريل) الماضيين وأعلنت نتائجه قبل أيام، اظهر معارضة دولية للقضيتين الاساسيتين في سياسة اميركا الخارجية: الحرب على العراق والحرب على الإرهاب.

 الأكثرية في عشر من الدول التي استطلعت آراء شعوبها تعتقد أن الحرب على العراق جعلت العالم مكاناً أكثر خطراً. ولا تجد الحرب على الإرهاب دعماً إلا عند الأكثرية في دولتين فقط، هما روسيا والهند، في حين تراجع الدعم للحرب على الإرهاب في دول آسيوية واوروبية وشرق أوسطية بعضها حليف للولايات المتحدة.

بالطبع, دفعت صورة الولايات المتحدة عند اكثرية الشعوب المستطلعة ثمن عدم صدقية السياسة الخارجية الأميركية وعنجهيتها. فقد تراجعت نسبة من يحملون آراء إيجابية تجاه أميركا مقارنة مع العام الماضي في ثماني دول من بين تلك التي اجري الاستطلاع فيها.

واظهرت النتائج تراجعاً كبيراً في صورة الولايات المتحدة في دول حليفة لها مثل المانيا، حيث تراجعت نسبة من يحمل رأياً إيجابياً نحو أميركا من 43% العام الماضي الى 37% هذا العام, واسبانيا، حيث خسرت الولايات المتحدة نصف مؤيديها (41% العام الماضي مقارنة مع 23% حاليا). وفي تركيا تراجعت نسبة من ينظرون إيجابياً إلى الولايات المتحدة من 23% إلى 12% والهند من 61% إلى 56% والأردن من 21% إلى 15%.

 هل ستدفع هذه الأرقام الولايات المتحدة إلى اعادة النظر في سياساتها الخارجية؟ بالطبع لا. فقد اشارت استطلاعات سابقة إلى رفض أكثرية الرأي العام العالمي سياسات الولايات المتحدة. لكن رد فعل واشنطن كان تماديا في السياسات التي انتجت غضب العالم عليها. فالامبراطورية الاميركية، على ما يبدو، ليست معنية بمواقف شعوب العالم منها بقدر ما هي مهتمة بتنفيذ برامج تعتقد اقلية متطرفة تدير سياستها أنها تخدم مصلحتها.

 وبدلاً من الاتعاظ من الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها والنتائج المدمرة التي ولدتها سياساتها في مناطق عدة من العالم ، تغولت الولايات المتحدة في الخطيئة وأرجعت مواقف شعوب العالم منها الى عداءات ثقافية وصدامات حضارية.

سعت اميركا الى تحسين صورتها في العالم اعتمادا على منهجية سطحية تعتمد الترويج لما تعتقد. وجاءت النتائج عكسية كما تظهر نتائج استطلاع مؤسسة "بيو". والسبب في ذلك ان الولايات المتحدة لم تدرك ان تحسين صورتها يتطلب تغييرا في سياساتها ومواقفها وليس ترويجا لافكار أحادية تصنع في واشنطن.

 ما أكدته الحقائق الثابتة قبل استطلاع "بيو" بسنوات هو ان العمل على تحسين صورة أميركا في العالم يجب أن يستهدف واشنطن لا عواصم العالم. فالمشكلة هي في السياسات المصنوعة في اميركا وليس في رد فعل العالم عليها. والعلاج يكون باستهداف الاسباب لا الأعراض. هذا ما يجب ان تعيه اميركا إن ارادت أن تتغير نظرة العالم نحوها.

عكس ذلك، ستظل جهود اميركا لتحسين صورتها في العالم حرثاً في الماء.

اضافة اعلان