منظمة "نقاد.. بلا حدود"!

أسوأ ما يمكن أن تراه عين في ملعب، أن يجري اثنان وعشرون فردا وراء الكرة، سعيا وراء فوز متوقع أو مفاجأة غير مرصودة ، ويمارس الآلاف من حولهم مهمة النقد المنفلت على المدرجات!اضافة اعلان
ليست هذه أصول "اللعبة" في كرة القدم، لكنها طبائعنا البشرية التي نسقطها على الميدان، فلا يبقى على المدرجات إلا أفراد قلائل لا يمارسون الشتيمة تحت بند الحق في ممارسة النقد!
لسنا هنا نستكثر على الناس ما نمارسه نحن، كإعلاميين، في التلفزيون أو على الورق، ولكن من المسيء حتما للكرة وللنقد أن يمارس الكل هوايته في مشهد يختفي فيه التخصص، وتتوارى فيه الأصوات العاقلة التي يتسم تقييمها بالمنطق.
فهنا يدّعي كلنا امتلاكه الحقيقة والمعرفة والقدرة على الاجتهاد بدون أي هامش للزلل أو العاطفة، بعد أن تكثر الأحكام النقدية التي تشيد أو تعيب، تمدح أو تلوم، وتصبح أحكاما بالمجان تصدر في لحظة سعادة أو غضب ثم تستشري في المدرجات كما النار في الهشيم، ثم تذهب الآراء المتضادة في اتجاهات تظهر حالة التناقض في الحكم على مشهد واحد تجري وقائعه أمام الجميع.
كل هذا يحدث كنوع من ردة الفعل على حالة "قانونية" واحدة يعتقد الحكم ما يعتقده إزاءها وفقا للقانون الذي درسه وتعلمه وإعمالا لفكره واجتهاده في تطبيق النص والروح!.
إنني أضع نفسي أمام الافتراض الصعب كلما عشت أجواءً كهذه وأتساءل دوما: "ماذا يحدث لو أن الجمهور ولنفرض أنه يغطي مساحة ثلاثين ألف متفرج، قد تحول إلى جيش عرمرم من النقاد الرياضيين غير المتمرسين في الكتابة الصحفية الموضوعية التي تستوفي شروطها الفنية والمهنية؟!".
بل ماذا لو حدث الاحتمال المستحيل في دنيا كرة القدم، وامتلك كل واحد من الجمهور الواسع حق استخدام الصفارة جنبا إلى جنب مع الحكم؟!.
لنتصور مشهدا كهذا، لكي نقتنع في نهاية المطاف بأن الكرة لن تقطع مسافة كيلومتر واحدا خلال تسعين دقيقة، ذلك لأن الصفارات ستمنعها من التحرك فضلا عن الانتقال في أرجاء الملعب، وذلك ناتج عن القرارات الفورية المنفعلة التي يتخذها الجمهور، كل على هواه، فيضيع نبض القانون في خضم الصفير المستمر!.
هل فكرت، عزيزي القارئ، في أن تستقطع خمس دقائق من وقت أي مباراة تشاهدها في الملعب، لتنقل ناظريك من الميدان إلى المدرجات التي تجلس عليها، لتراقب انفعالات الجمهور وهي انفعالات تغلي ولا تنتهي كلما تقدم عمر المباراة؟!.
هذه تساؤلات فقط، وكما ترى فان التقاطعات متشعبة، وبعد هذا، أرجو منك عزيزي المتفرج أن تلملم أوراق النقد القاسي الكيفي المنفعل في الملعب، فذلك أكثر جدوى للاستمتاع بالمباراة!.

[email protected]