2013.. عام الحسم؟

يسود اعتقاد بأن العام 2013 هو عام الحسم بالنسبة لكثير من الملفات التي تتطور أحداثها في منطقة الشرق الأوسط. والمقصود بالحسم الوصول إلى نوع من التسوية بين الأطراف المعنية بكل ملف. وهذه قراءات يرى أصحابها أن اللاعبين قد يرغبون في مثل هذه التسويات، أملا في الخروج من في حالة الغموض التي تعيشها المنطقة، ويلقي بظلاله على الأحوال السياسية والاقتصادية في المنطقة. اضافة اعلان
الملفت للانتباه أن أكثر الراغبين في الحسم هم من خارج المنطقة. ولعل ذلك مرده إلى حالة الصدمة التي أصيب بها كثيرون بسبب تسارع الأحداث خلال العامين الماضيين، والتي لم يحدث وأن قُدم بشأنها أي نبوءة أو قراءة لمستقبل المنطقة، حتى من أولئك المدعين القدرة على وضع السيناريوهات.
في منطقة الشرق الأوسط ثلاثة ملفات يعتقد أنها ستصل إلى حالة الحسم الجزئي على الأقل:
الأول، متعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي. إذ يُعتقد أن الطرف الإسرائيلي قد يقدم بعض التنازلات فيضع حدا للوضع القائم خلال الأعوام القليلة الماضية، وبذلك يعيد للسلطة الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية دورها، أملا في أن لا تستفيد "حماس". أما إن قررت إسرائيل المضي في طريقها بعد انتخاباتها البرلمانية المقبلة، فإن حالة المواجهة مرشحة للتطور، وقد تتبلور في شكل انتفاضة داخلية وانهيار للسلطة، وبهذا فإن خيار السلام يكون قد حسم أمره وثبت أنه لم يكن إلا شراء للوقت.
الملف الثاني متعلق بالبرنامج النووي الإيراني واحتمالية حدوث الصفقة بين واشنطن وطهران. وهذا الملف يبدو معلقا، واحتمالية الحسم فيه تعتمد على الانتخابات الإيرانية الرئاسية الحادية عشرة التي ستعقد في حزيران 2013، كما أنها ستعتمد على الشخصيات التي ستتبوأ مسؤولية الدفاع والخارجية في واشنطن. وليس هذا فحسب، بل هناك مصير النظام السياسي في سورية، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور هناك. وفي نفس السياق، تبدو العلاقة الروسية-الأميركية عاملا لا يستهان به في مسيرة هذا الحسم، فهل التقارب بين واشنطن وطهران مُرحب به من موسكو، حتى ولو كان مرحليا؟ إن واشنطن وطهران تتطلعان إلى الاستفادة من تطورات الأوضاع في سورية لتوظيفها في سياق علاقاتهما، الأمر الذي سينعكس ربما على تأخير الحسم في سورية، وبالتالي الحسم في العلاقة بينهما.
الملف الثالث هو مآلات الربيع العربي؛ أي التبعات السياسية والاقتصادية الإقليمية لأحداث الربيع العربي، وما إذا كانت كرته قد توقفت بالفعل عند العراق. المقدمات تقول إن كرة الثلج آخذة في التدحرج، ولا يبدو أن توقفها سيتحقق بالشكل الذي يتحدث به أهل الحسم والراغبون فيه.
إن الحديث عن عام للحسم هو دليل عدم معرفة بالجغرافيا والسياسة والتاريخ لمنطقة الشرق الأوسط؛ فأي حسم حصل إنما جرّ إلى أزمات أكثر تعقيدا، كما يذكر المثال العراقي الذي حسم أمر نظامه السياسي في العام 2003، لكن قضاياه الأخرى إنما بدأت بعد هذا التاريخ.
الشيء الثابت بالنسبة للمنطقة هو أنها تعيش مخاضا سياسيا عسيرا، فيه كثير من الفرز والتمييز بين قيم سياسية واستبداد لم يعد مقبولا، وبين أمر آخر منشود لم يتبلور منه إلا مفاهيم نظرية وبعض محاولات التطبيق. والشيء الثابت الآخر هو أن العامين الماضيين أثبتا أن ما جرى لم يكن زَبدا، بل فيه كثير مما قد ينفع الناس!

[email protected]