التصدي الفلسطيني والتنديد العربي يحبطان مساعي الاحتلال لتهويد القدس و"الأقصى"

جنود الاحتلال يعتدون على شاب فلسطيني في البلدة القديمة بالقدس لتأمين "مسيرة الأعلام" أمس - (وكالات)
جنود الاحتلال يعتدون على شاب فلسطيني في البلدة القديمة بالقدس لتأمين "مسيرة الأعلام" أمس - (وكالات)

نادية سعد الدين

عمان- أبرز التصدي الفلسطيني والتنديد العربي الواسع "لمسيرة الأعلام" الاستفزازية فشل مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتهويد وفرض السيادة على القدس المحتلة، والمسجد الأقصى المبارك، مما دفعه لتنفيذ مخطط إغراق المدينة، وأنحاء الضفة الغربية، بمحيط استيطاني ضخم يرتبط بالكيان المحتل، سبيلا لتحقيق ما أخفق بجنيه عبر مسيرة المستوطنين.اضافة اعلان
وعلى وقع احتشاد جموع الفلسطينيين، اليوم، بالمسجد لحمايته ضد انتهاكات الاحتلال؛ فقد أحبط التقاطر الفلسطيني للدفاع عن القدس و"الأقصى"، أمس، المخطط التهويدي لحكومة الاحتلال اليمينية والجماعات المتطرفة من خلال ما يسمى "مسيرة الأعلام" للمستوطنين التي أثارت ردود فعل عربية وإسلامية غاضبة ومنددة، وذلك إزاء انخفاض عدد المشاركين فيها بأقل من التوقعات المحسوبة، ولكنه يظل ضمن حدود مرتفعة نسبيا.
وتزامن بدء مسيرة "الأعلام" مع استنفار أمني إسرائيلي ودعوات فلسطينية للتصدي لها؛ إذ عزز الاحتلال إجراءاته العسكرية في مدينة القدس المحتلة وبلدتها القديمة، وحولتها إلى ثكنة عسكرية، بذريعة تأمين مسار المستوطنين، بمشاركة وزراء وأعضاء "كنيست" من التيار اليميني المتطرف، كما مخطط له وفق المعتاد، عبر باب العامود والبلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق.
وفي خطوة تستهدف التضييق على المقدسيين؛ أجبرت قوات الاحتلال أصحاب المحلات التجارية في الواد بالبلدة القديمة، في القدس المحتلة، على إغلاقها، تحت تهديد السلاح، بذريعة تأمين "مسيرة الأعلام" الاستيطانية، وسط دفع آلاف من عناصر الشرطة إلى المدينة، ونصبت الحواجز العسكرية على الطرقات الرئيسة، وأغلقت بعض المحاور الرئيسة.
في حين اندلعت المواجهات العنيفة، أمس، بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال أثناء اقتحام مئات المستوطنين "للأقصى" واستباحة حرمته بتنفيذ الجولات الاستفزازية وأداء الصلوات التلمودية المزعومة والرقص والصراخ ورفع العلم الإسرائيلي.
وفي وقت سابق أمس؛ قامت قوات الاحتلال بفرض حصار مشدد حول المسجد الأقصى وإفراغ المصلى القبلي من المصلين لتأمين اقتحام المستوطنين والوزراء المتطرفين وعشرات الحاخامات وأعضاء "كنيست" ومسؤولين عن ما يسمى "منظمات الهيكل"، المزعوم، الذين أدوا الصلوات العلنية الاستفزازية في المسجد.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، بأن المتطرفين المقتحمين تلقوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم، وأدوا طقوسا تلمودية في منطقة باب الرحمة وقبالة قبة الصخرة قبل أن يغادروا الساحات من جهة باب السلسلة.
فيما قام عدد من أعضاء "الكنيست" بترديد ما يسمى "النشيد الإسرائيلي هتيكفا" بشكل جماعي في باحات الأقصى، وأطلق مستوطنون بالونات بألوان علم الاحتلال فوق المسجد الأقصى المبارك.
ونشرت قوات الاحتلال التعزيزات العسكرية الإضافية في أحياء القدس المحتلة وبمحيط المسجد لقمع الغضب الفلسطيني العارم ضد عدوانها، وشددت من تواجدها عند أبواب "الأقصى"، ولاحقت المصلين المرابطين واعتدت عليهم بالدفع لإبعادهم عن محيط باب السلسلة، كما اعتدت على الشبان الفلسطينيين في شارع الواد، تزامنا مع تواجد المستوطنين واستفزازهم للأهالي.
فيما احتشدت مجموعة من المرابطين والمرابطات داخل المسجد الأقصى، حيث صدحوا بالتكبيرات، وسط محاولات للتشويش على اقتحامات المستوطنين، وقاموا بالتصدي لعدوانهم.
من جانبه، أكد الناطق باسم حركة "حماس"، عبد اللطيف القانوع، أن "المعركة مع الاحتلال الصهيوني على هوية المسجد الأقصى المبارك ما تزال مفتوحة وماضية، ولن نسمح له بتمرير مخطط بسط سيادته أو فرض سيطرته عليه من خلال تسيير مسيرة الأعلام للمستوطنين أو الاقتحامات المتكررة له".
وقال القانوع، في تصريح له أمس، إن "سماح حكومة الاحتلال المتطرفة للجماعات المتطرفة بتسيير مسيرة الأعلام للمستوطنين والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، يجب أن تشكل استنهاضا لكل عربي ومسلم".
ودعا جماهير الشعب الفلسطيني إلى "الاستنفار وشد الرحال للمسجد الأقصى والرباط في ساحاته لحمايته وتصعيد ساحات الاشتباك مع الاحتلال في مختلف مناطق الضفة الغربية".
ودعا إلى "حشد كل طاقات الأمة واستنهاض شعوبها لنصرة المسجد الأقصى والمحافظة على هويته وإفشال مخططات الاحتلال بتقسيمه أو بسط السيطرة عليه".
بدورها، قالت وزارة شؤون القدس التابعة للسلطة الفلسطينية، إن حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن تداعيات الاستباحة الاستفزازية والعنصرية لمدينة القدس المحتلة ومقدساتها.
وحذرت الوزارة، من أن الاقتحامات الواسعة للمسجد الأقصى والمسيرات الاستفزازية والعنصرية في باب العامود والبلدة القديمة، تحمل في طياتها عوامل تصعيد الأوضاع في المدينة المحتلة بشكل خاص، والأراضي الفلسطينية بشكل عام.
وأشارت إلى أن جماعات اليمين الإسرائيلي المتطرف وممثليهم في الحكومة اليمينية يحولون ذكرى احتلال المدينة إلى إعلان حرب على البشر والشجر والحجر في المدينة، لافتة إلى قيام جرافات الاحتلال بهدم 77 شقة سكنية في واد قدوم ببلدة سلوان، ما أدى إلى تهجير 50 فلسطينيا غالبيتهم من الأطفال.
وأضافت إن الجماعات المتطرفة تمعن في محاولة نسف الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، من خلال تصعيد الاقتحامات، ودعوات رفع العلم الإسرائيلي في باحات الأقصى، بما يمثل استفزازا لمشاعر المسلمين في فلسطين وأنحاء العالم، معتبرة أن "مسيرة الأعلام" بطابعها والشعارات التي تطلق خلالها ومضامينها، عنصرية استفزازية".
وأكدت أنه "رغم كل الانتهاكات الإسرائيلية، فالقدس كانت وما تزال وستبقى عربية فلسطينية، ولا سلم ولا استقرار دون أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة".
وطالبت المجتمع الدولي بالوقوف بحزم أمام الانتهاكات الإسرائيلية، ووقفها وتحميل الاحتلال وحده المسؤولية عن تداعياتها.
وفي الأثناء؛ نددت السلطة الفلسطينية بمخطط الاحتلال لتوطين نصف مليون مستوطن جديد وزرعهم في الضفة الغربية.
فيما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، قرار وزير جيش الاحتلال البدء بتطبيق قانون "إلغاء فك الارتباط عن مستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة"، بما يعنيه ذلك من السماح للمستوطنين المتطرفين بالعودة إلى بؤرة "حومش" المخلاة وشرعنتها. وعودة المستوطنين للمستوطنات التي تم تفكيكها سابقا.
واعتبرت "الخارجية الفلسطينية"، أن هذه القرارات استعمارية توسعية عنصرية، وتندرج في إطار عمليات ضم الضفة الغربية، وإغراقها في محيط استيطاني ضخم يرتبط بالعمق الإسرائيلي، وتحويل المناطق الفلسطينية إلى جزر معزولة ومتناثرة غير مرتبطة ومتواصلة جغرافيا، في سباق إسرائيلي مع الزمن لمنع أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، تطبيقا لمبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.
وأكدت أن غياب المساءلة الدولية يشجع الاحتلال على التمادي في التمرد على القانون الدولي، والانقلاب على الاتفاقيات الموقعة والاستفراد العنيف بالقضية الفلسطينية لتصفيتها وإزاحتها عن سلم الاهتمامات الدولية.