إغلاق النوافذ وترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم وراء حوادث الاختناق

إغلاق النوافذ وترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم وراء حوادث الاختناق
إغلاق النوافذ وترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم وراء حوادث الاختناق

الأطفال ومرضى القلب والحساسية أكثر تأثرا بالإصابة

 

ديما محبوبه

اضافة اعلان

عمان– بالرغم من الإرشادات التوعوية المقدمة من مديرية الدفاع المدني، وما تنشره وسائل الإعلام من رسائل تسهم في نشر الوعي بين المواطنين حول كيفية الاستخدام الصحيح للمدافئ، إلا أن حالات الوفاة نتيجة الاختناق ما تزال تتكرر لتحصد أرواحا غيبها الجهل بسبل التوعية.

وكثرت، مؤخرا، حوادث تعرّض لها مواطنون من حرائق واختناق ناجمة عن سوء استعمال المدافئ على اختلاف أنواعها، ومن تلك الحوادث قصة العائلة المكوّنة من ستة أفراد وتقطن منطقة المكيفتة في البادية الشمالية، إذ تعرض أفرادها للاختناق بسبب مدفأة غاز بقيت مشتعلة أثناء نومهم طوال الليل.

ونجم عن ذلك وفاة الوالدين وأطفالهم الأربعة الذين تتراوح أعمارهم ما بين عام و7 أعوام، في حين نجا من حادث الاختناق صبيان كانا نائمين في غرفة أخرى بالمنزل نفسه.

يذكر أنه وخلال الشهر الحالي تمت إصابة 13 شخصا 8 منهم بحادث استنشاق الدخان المنبعث من صوبة الحطب في إربد و5 إثر حادث تسمم في منطقة جبل طارق.

وتعتبر المدافئ بمختلف أنواعها من الوسائل الضرورية التي توفر الدفء للإنسان خلال فصل الشتاء، وعلى الرغم من الدفء الذي  تنشره في أرجاء المنزل، إلا أنها من الممكن أن تشكل خطرا كبيراً على حياة الإنسان إذا لم يتم التعامل معها بحذر وانتباه وبقدر من المسؤولية.

فالاستخدام الخاطئ لمختلف وسائل التدفئة داخل المنزل كان سببا في وقوع (394) حادث حريق، نتج منها (332) إصابة و(9) حالات وفاة خلال العام 2009، حسب احصائيات إدارة الإعلام لمديرية الدفاع المدني.

ويجمع مختصون على ضرورة إطفاء المدفأة قبل النوم، والحرص على تهوية الغرفة باستمرار لترك المجال لتجديد الأكسجين إذ أن انعدامه إلى جانب استمرار انبعاث أول وثاني أكسيد الكربون، يؤديان إلى زيادتهما في الهيموغلوبين ما يؤدي إلى حدوث تسمم في الدم واختناق.   

من جانبه يؤكد اختصاصي أمراض وجراحة قلب الأطفال الدكتور خالد السلايمة أن الدماغ أهم أجزاء جسم الإنسان يليه القلب والكلى والكبد فأولوية دخول الأكسجين يكون لهذه الأجزاء ومن ثم باقي أنحاء الجسم.

ولأن الاحتراق يحتاج إلى الأكسجين فإن المواد العضوية وهي المواد المحترقة تعمل على استهلاك كمية الأكسجين الموجودة لإتمام عملية الاحتراق الدائم، وفي حال نقص الأكسجين فإن أول المتأثرين بذلك الدماغ والقلب مما يجعل الشخص يفقد الوعي ويدخل في غيبوبة، بحسب السلايمة.

وبخصوص الاختناق يشير السلايمة إلى "أن القلب يتغذى بالدم من خلال الشريان التاجي وفي حالة الاختناق يكون الدم مكونا من هيموغلوبين وأول أكسيد الكربون وهو غاز شديد السميّة ما يجعل عضلة القلب تتأثر نتيجة نقص الأكسجين ما يؤثر في الدماغ والقلب والكبد والكلى".

ويتابع السلايمة "في هذه الأثناء من الممكن أن يصاب القلب باحتشاء "جلطة" بسبب قلة الأكسجين وزيادة أول وثاني أكسيد الكربون في الدم، فيصاب المريض بفقدان الوعي ومن ثم الوفاة في حال لم تتم عملية الإنقاذ.

وفي هذا الإطار تقول اختصاصية الطب الشرعي الدكتورة إسراء طوالبة "عند استدعائنا إلى مكان الحادث نلحظ وجود مدفأة، كما أن الميت يكون مرتديا ملابسه كاملة وفي كثير من الحالات قد يكون مغطى بعدة "حرامات" وليس هناك أثر لدماء، كما أن المدفأة مطفأة بسبب انتهاء الأكسجين في المكان، فأول ما يخطر في البال أن سبب الوفاة ناتج عن الاختناق.

عند نقل الميت إلى المشرحة لكشف دلالات أو أسباب الموت يتم في البداية تفقّد قرنيتيه، ففي حال كان لونهما "زهريا قرمزيا" فإنه يتم التأكد أنها علامات اختناق من أول أكسيد الكربون الناتج من احتراق الوقود مع الأكسجين.

وتصف الطوالبة الشخص الذي يتوفى جرّاء الاختناق بأنه يموت من دون الشعور بأية آلام، مبينة أن الموت عن طريق الاختناق يسمّى بـ"القاتل الصامت" أو"الموت بسلام".

وتفسر الطوالبة آلية حدوث الاختناق "عندما يبدأ الهيموغلوبين المشبع بأول أكسيد الكربون بالدخول إلى الدماغ والقلب والكبد والكلى، يجعل الجسد أثناءها يدخل في غيبوبة ومن ثم غيبوبة عميقة، وإن لم يُسعَف فإن عملية الوفاة تحدث فورا.

من جانبه يبين رئيس جمعية السموميّين الأردنيين الدكتور سمير القماز آلية الاحتراق إذ "من المفروض أن يتم تفاعل المواد العضوية، سواء كانت غازا أو كازا أو حطبا مع الأكسجين حتى يتم الاحتراق"، لافتا إلى أن أول أكسيد الكربون هو ناتج عن الاحتراق الطبيعي ولا ضرر منه في حال تم دخول هواء كامل إلى الغرفة.

ويتابع، نتيجة الاحتراق الطبيعي، أيضا، يتم إنتاج ثاني أكسيد الكربون غير السام نسبيا، ومع استمرار عملية الاحتراق واستنفاد الأكسجين من الغرفة وخصوصا في الأماكن المغلقة يدخل أول أكسيد الكربون من خلال الاستنشاق الطبيعي ويتّحد فورا مع الهيموغلوبين في الدم بشكل مركب جديد يسمّى "كربوكسيد هموغلوبين".

وعن طريقة الإسعاف يبين القماز أنها "بسيطة جدا" وذلك من خلال فتح جميع النوافذ، وأخذ المريض إلى منطقة يوجد فيها أكسجين، وممكن أن يتم إسعافه عن طريق الطوارئ ووضعه على جهاز تنفس لوقت محدد.

وعن حالة الشخص بعد الإسعاف يلفت القماز إلى أنه في حال استيقظ  يشعر بصداع قوي وممكن أن يتقيأ، فضلا عن أنه لا يستطيع تحريك نفسه لأن عضلاته تكون مرتخية وكأنه مشلول.

وتلفت الطوالبة إلى أن إغلاق النوافذ بالكامل "عامل مسارع في حدوث الاختناق؛ إذ أن دخول الأكسجين إلى الغرفة مهما كان قليلا يبطئ من حدوث الوفاة".

وتبين الطوالبة أن أول أكسيد الكربون إذا وجد في الدم بنسبة

من (25 – 30 %) فهي نسبة قاتلة، وعادة فإن الكبار في العمر أو الأطفال لا يحتملون هذه النسبة ويكون الموت عندهم بشكل أسرع.

وتلفت إلى أن بعض الأشخاص تتحمل أجسامهم وجود نسبة من (70 -80%) من أول أكسيد الكربون في الدم، وهم من يتمتعون بأجساد صحية.

وتشير الطوالبة إلى أن المدخنين ورجال الإطفاء أكثر فرصة للحياة في حال الاختناق، عازية ذلك "كونهم معتادين على وجود أول أكسيد الكربون في دمهم".

وتشير إحصائية الحوادث في إدارة العمليات في مديرية الدفاع المدني، بحسب الناطق الإعلامي باسم مديرية الدفاع المدني العقيد فريد الشرع، إلى أن حوادث الاختناق الناتجة عن سوء استخدام المدافئ بلغت (74) حادث اختناق، نتج عنها (143) إصابة، وحالتا وفاة خلال العام 2009.

ويحذر الشرع من عدم ترك المدافئ مشتعلة أثناء النوم؛ لأن ذلك يؤدي إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، فضلا عن زيادة أول أكسيد الكربون السام الذي يحل محل الأكسجين في الدم مؤدياً إلى الاختناق.

كما يشدد على تجنب وضع المدفأة داخل الحمام أثناء الاستحمام، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة نسبة الغازات السامة والخانقة الناتجة عن عملية الاحتراق، مؤكدا ضرورة المحافظة على توفير التهوية المناسبة.

وفيما يتعلق بالفئات الأكثر عرضة لخطر الاختناق يوضح اختصاصي الأطفال الدكتور محمد عبدالحفيظ "أن الأطفال هم أكثر وأسرع تعرضا"، لافتا إلى "أن الطفل في العادة غير قوي ورئتاه صغيرتان وجميع أعضائه كذلك مما يجعل قدرته أقل بكثير مقارنة بالشخص البالغ على التحمل".

وأكثر الأشخاص المتضررين أيضا بحالات الاختناق من أول وثاني أكسيد الكربون وفق اختصاصي أمراض الصدرية الدكتور عبدالرحمن العناني "المرضى الذين يعانون من انسداد رئوي مزمن أو حساسية تؤدي إلى أزمة فهذه الروائح تعمل على تهيج شديد في عضلات القصابات الهوائية".

تعرّض الأشخاص لهذه الغازات السامة يعمل على زيادة نوبات ربوية قوية عند مرضى التحسس، والذين يعانون من ضيق شديد في القصابات الهوائية وهبوط في نسبة الأكسجين، تعرض المريض إلى التهاب رئوي، فضلا عن أنها تسبب صداعا شديدا وغثيانا وكسلا إلى جانب عدم مقدرة الشخص على القيام حتى بالأعمال البسيطة، وفق العناني.

الرئة بشكل عام تتأثر في جميع المواد المشتعلة، بحسب العناني، الذي يشير إلى أن الغازات التي تنتج من خلال احتراق هذه الصوبات مهما كانت حالتها إلا أنها مضرّة للرئة، مشددا على ضرورة إطفاء المدفأة قبل النوم وترك تهوية كافية لتجديد الأكسجين.

وبخصوص المدافئ التي تعمل على الغاز ينبه الشرع على ضرورة التعامل معها بحذر، سواء من حيث تفقّد الخرطوم الواصل بين الأسطوانة وجسم المدفأة واستبدال مانعة التسرب "الجلدة" عند تغيير كل أسطوانة والتأكد من صلاحية الصمام؛ لأن ذلك يقلل من خطورتها واحتمالية تسرب الغاز منها، لافتا إلى أن المديرية العامة للدفاع المدني تعاملت خلال العام 2009 مع (315) حادث تسرب غاز كانت سببا في وقوع حوادث حريق نتج منها (298) إصابة (6) حالات وفاة.

ولمن يستخدم الجفت والحطب كوسيلة للتدفئة يهيب الشرع بهم أن يتخذوا الحيطة والحذر عند استعمالها، عازيا ذلك إلى "كون هذه المواد تنتج عند احتراقها كمية من الغاز والعناصر التي تشكل خطورة على المواطنين في حال عدم استخدامها بالطريقة الصحيحة، فإلى جانب الضرر الذي تلحقه بالبيئة، فإن إصدار نسبة كبيرة من العناصر كالزنك والنحاس والمنغنيز يؤدي تركيزها في مكان يفتقد للتهوية العضوية المستمرة إلى الغثيان والصداع وتحسس العين والسعال المستمر.

ولتجنب المخاطر الناتجة عن استعمال جفت الزيتون والحطب يشدد الشرع على تهوية المكان بشكل مستمر، فضلا عن تجنب حرق هذه المواد داخل المنزل بل يمكن إشعالها خارجا ومن ثم نقلها بواسطة المناقل.

[email protected]