المسؤولية المجتمعيّة للجامعات

المستقصي لوضع التعليم الجامعي يلمس، وبكثير من التفاؤل، وصول أبناء الدول النامية إلى التعليم الجامعي وبشكل متزايد، وأن نصف الطلبة المتقدمين للجامعات هم من الدول النامية. ومن المتوقع أيضاً أن يتضاعف عدد طلبة الجامعات في العالم أجمع بحلول العام 2025. وبالطبع، فإن إمكانيات المشاركة المجتمعية لهؤلاء الطلبة، صغاراً وكباراً على السواء، وعلى مدى هذه السنين، ستكون ضخمة جداً. وسيعتمد حجم هذه المشاركة بدرجة كبيرة على قدرة هذه الجامعات على دفع وتحريك الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين فيها والمواطنين إلى الانخراط في برامج مناسبة ومهيأة للمصلحة المتبادلة.اضافة اعلان
وبذلك، يجب تقوية وتعزيز دور الجامعات في تحمل مسؤولياتها المجتمعية، إضافة إلى نشر وتشجيع القيم الإنسانية العالمية المشتركة، انطلاقاً من الايمان بأن الجامعات قد وجدت لخدمة ودعم المجتمع الذي تشكل جزءاً منه، وأنه من خلال التعلم والقيم والالتزام من كل الأطراف، ستتمكن الجامعات من خلق أساس وقاعدة مجتمعيين راسخين، وبالتالي تأهيل الطلبة للمشاركة والعطاء والإسهام بشكل إيجابي تجاه مجتمعاتهم المحلية والقومية والعالمية. كما أن من مسؤولية الجامعة مراعاة تعزز روح المسؤولية المجتمعية لدى الأفراد، والالتزام تجاه كل ما يوفر الخير والرفاه  لمجتمعاتهم.
وهذا يتطلب من الجامعة استخدام عمليات التعليم والتعلم والبحث العلمي لتتفاعل وتخدم وتقوي مجتمعاتها، بهدف تحقيق مفهوم المواطنة. كما عليها مسؤولية المشاركة بفاعلية في العملية الديمقراطية، وإعطاء القوة والإمكانات لمن هم أقل حظاً. وعليها أن تسعى إلى بناء ثقافة التأمل واتخاذ المواقف، عن طريق أعضاء هيئة التدريس والعاملين فيها والطلبة؛ هذه الثقافة التي تغرس كل أشكال التعلم والاستقصاء والتفكير، انطلاقاً من توسيع نطاق برامج المشاركة المدنية والمسؤولية المجتمعية بطريقة أخلاقية، من خلال التدريس والبحث العلمي والخدمة العامة، واستحداث مساقات خاصة بالمسؤولية المجتمعية، إضافة إلى خلق أطر مؤسسية لتشجيع ومكافأة وتقدير الممارسات الجيدة في مجال الخدمة المجتمعية من جانب الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، والعاملين وشركائهم في المجتمع. إضافة إلى ضمان معايير التفوق والمناقشات النقدية، والبحوث العلمية، وتعزيز الشراكة بين الجامعات والمجتمعات المحلية لتحسين الفرص الاقتصادية وزيادة التفاهم المتبادل وتقوية الصلات، وضمان وصول رسالة التعليم الجامعي والبحث العلمي إلى جميع أفراد المجتمع والاستجابة لها. وكذلك إشاعة ثقافة المسؤولية المجتمعية وزيادة الوعي داخل الحكومة والمؤسسات التجارية، ووسائل الإعلام، والمؤسسات الخيرية التي لا تستهدف الربح، والمنظمات الدولية، حول مساهمات الجامعات في تحقيق التقدم المجتمعي والازدهار.
وبالتحديد، إقامة شراكات مع الحكومات لتقوية السياسات التي تدعم الجهود المسؤولة للجامعات في مجالات الخدمات المدنية والمجتمعية، والمحافظة على المكاسب الاجتماعية والاقتصادية لمجتمعاتنا المحلية. كما تعد إقامة شراكات المؤسسات التعليمية من أجل المواطنة النشطة والفعالة جزءا رئيساً لا يتجزأ من العملية التعليمية على جميع مستويات المجتمع، وخلال مراحل الحياة المختلفة. كما أن دعم وتشجيع الهيئات الأكاديمية المحلية والإقليمية والدولية في جهودها الرامية إلى تعزيز ربط الجامعات بمجهودات العمل المدني، والاعتراف العلمي بأهمية النشاط والخدمة المدنيين في التدريس والبحث العلمي، يجعل من الجامعات منارات للعلم ولتحمّل مسؤولياتها المجتمعيّة بكل اقتدار.

[email protected]