ماهر أبو طير يكتب: كلام الرئيس ووزيره بعد فك التشفير

لم أكن أرغب أن أعلق على تصريحات لمسؤولين على رفعة في المستوى، حتى لا تبدو القصة، شخصية، أو أن هناك تسلطا على أحد ما.
بين يدي تصريحات لرئيس الوزراء، ووزير المالية، والرئيس يقول إننا في الأردن مقبلون على وضع مختلف، وإن السؤال الآن هل سنكون مستعدين للمرحلة المقبلة المتعلقة بالتداعيات الاقتصادية، متحدثا عن التحديات والفرص الماثلة أمامنا، مشيرا بشكل غير مباشر إلى كثرة أعداد الموظفين، عبر الحديث عن الترهل الإداري.اضافة اعلان
كلام الرئيس صحيح لكنه مُشّفر، ولا يختلف عليه أحد، وقد تحدث قبله وزير المالية، بشكل مُشّفر أيضا، إذ قال إننا في معركة بقاء، وإننا تعرضنا إلى هزة، فوق تراجع التحصيلات المالية للخزينة بأكثر من 602 مليون دينار حتى نهاية نيسان، إضافة إلى قول آخر منسوب له على وسائل التواصل الاجتماعي بحثت عن مصدره الأساس، وأين قاله، فلم أجده، حيث يقول إننا أمام إجراءات صعبة، سنضطر لاتخاذها، تاركا المعنى مفتوحا هنا، للاستنتاجات والتوقعات المختلفة.
على مستوى رئيس الوزراء، وعدد من وزراء الأزمة، وتحديدا الصحة، الإعلام، الصناعة والتجارة، وغيرهم كان الأداء ممتازا، حتى لا نظلم الناس، ولا ننهش سمعتهم السياسية والمهنية والإنسانية، دون سبب منطقي، خصوصا، في ظل أزمة كبيرة تعصف بالعالم، والإشادة هنا حق لهم، دون أن يعني نقد أحدهم، انتقاص نجاحه في العموم، فالموضوعية فوق كل اعتبار.
لكن يراد هنا التنبيه بكل هدوء، ودون صيد في بحيرة كورونا العكرة، إلى أن الحديث بشكل عام للتوطئة لقرارات محتملة على صعيد الملف الاقتصادي، يفتح الباب لإشاعات كثيرة.
معنى الكلام أن الحكومة يجب أن تخرج الآن من حملات الاتصال، ومن إطار التلميحات وتهيئة الرأي العام لقرارات محتملة، نحو إعلان خطتها الاقتصادية بشأن التكيف مع الأوضاع الاقتصادية المقبلة، وإذا كانت سماء الحكومة تمطر عشرات الأفكار من كل الجهات، فإن عليها الآن أن تخرج من إطار العموميات نحو التفاصيل، لأن الخط الفاصل بين العموميات والتفاصيل، خط حساس جدا.
سبب هذه الدعوة، إغلاق الباب في وجه التأويلات، ودخول أطراف كثيرة، بحسن نية أو سوء نية، وعلينا أن نسأل عن الخطة التي سيتم اعتمادها للمرحلة المقبلة، بعد الخطة التي تم اعتمادها للفترة الماضية، خصوصا أن وزير المالية بمنطوقه يقول إن هناك تجفيفا في أموال التمويل الخارجي، وهذا يعني أن هناك مشاكل على صعيد القروض أو المساعدات، أو على الأقل صعوبة في الحصول عليها مقارنة بفترات سابقة، وخصوصا، إذا قرر الأردن طلب مساعدات جديدة من دول مختلفة.
أدرك مثل غيري حساسية التوقيت، واضطرار الحكومة لتجريع القصة على دفعات، مع مراعاة عدم إثارة أعصاب الناس، وضمان الحد الأدنى من الهدوء في ردود الفعل، لكن الواضح أن شعار العالم الذي يقول إن ما بعد كورونا، ليس كما قبلها، ينطبق أيضا على الأردن الذي يعاني من العجز والمديونية والقروض، ومشاكل دفع القروض والفوائد، والالتزامات الحكومية المختلفة.
هذا يؤشر على أن هناك معالجات اقتصادية مقبلة، غير التي سمعناها، ونريد هنا أن لا تتأخر الحكومة كثيرا في الإعلان عنها، لسبب بسيط، أن لا نبقى نهبا للإشاعات والتوقعات، مثلما لا نريد في الوقت ذاته أن يبقى الكلام في العموميات، خصوصا، مع كثرة الرسائل المتتالية التي تبرق بها الحكومة لبريد الأردنيين، وأنا شخصيا اعترض على مواصلة جرعات التطمين ورفع المعنويات التي ستسلب التوطئة لقرارات جديدة، من فعاليتها، وبحيث تحولها إلى قرارات صادمة لاحقا.
نريد فك تشفير كلام الرئيس ووزيره، عبر مسارين، أولهما تخفيف جرعات التطمين، بشكل مبالغ به، وثانيهما الدخول إلى التفاصيل في التوقيت المناسب.