"الخروج من الجنة"

ما أكثر الاحصائيات التي تبين تراجع اهتمام بعض فئات المجتمع في العالم بالعلم، والاكتفاء بتعلم المبادئ الأولية للقراءة والكتابة فقط، والطموح بإكمال الدراسة الأكاديمية صار ضربا من ضروب الخيال، لا ينكر أحد وجود حالات تسرب كبيرة من المدارس، فهناك طلبة من الذكور يتسربون من مدارسهم، إما لعدم ميلهم للدراسة أو لحاجتهم إلى العمل كي يختصروا سنوات الدراسة التي ممكن أن يقضوها وهم على مقاعد الدراسة، أما الإناث فيفضلن ترك الدراسة للزواج، فاحتمال التعلم ومشاقه لم يعد ذا أهمية بالنسبة لمعظم تلك الفتيات.اضافة اعلان
إن العلم بمثابة المنارة التي تنير طريق البشر وهو الطريق الموصل إلى الجنة، فبه ترتقي المجتمعات ويستظل به الأفراد من نار الجهل ولهيبه. لا يمكن أن نزعم أن معظم الطلاب في مدارسنا هنا في الأردن، يرغبون في ترك مقاعد دراستهم والالتفات إلى العمل وكسب قوت يومهم مثلهم مثل أقرانهم الذين فضلوا العمل على الدراسة، تململا من الدراسة ومتاعبها. إذن هناك حلقة مفقودة؟! فهل طرق التعليم التي تتبناها معظم المؤسسات التعليمية في كل أنحاء العالم لم تعد تجدي نفعا، ام لأنها لم تعد تمتلك ذلك الإلهام الذي يجذب طالب العلم نحو الدراسة والعلم؟ أم من الأهمية بمكان ايجاد طرائق تعليمية حديثة تتماشى مع مجريات الأحداث وتطورها السريع في كل لحظة وتشجع الطالب وتحمسه للاقبال على التعلم بكل رضى؟ إن عزوف بعض الفتيان والفتيات عن اكمال دراستهم وتسرب البعض الآخر، ينذر بازدياد الأعداد ويستدعي دق ناقوس الخطر، بوجود شريحة معينة غير ظاهرة من أفراد المجتمع باتوا مقتنعين بأن الدراسة والعلم ما هما إلا مضيعة للوقت! والافضل العمل بدل انتظار سنوات طويلة على مقاعد الدراسة، كي يحصل الطالب أو الطالبة على الشهادة، والتي ربما لا يستطيع أن يعمل بها أو يحصل على وظيفة ويضاف إلى طابور العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات المتوسطة والجامعية.
الاحباط الذي يشعر به حامل الشهادة الجامعية لعدم حصوله على الوظيفة، يجب الانتباه إليه وعدم تركه فريسة سهلة ينهشها اليأس والبطالة، صحيح أن هناك أشخاصا تأقلموا مع وضعهم وامتهنوا مهنا مختلفة تماماً عن دراستهم، لكن هناك آخرون يحلمون في إيجاد وظيفة تناسب شهاداتهم، فكم من الطلاب الذين سيفكرون ويقررون الخروج من الجنة جنة العلم والدراسة يا ترى….؟