"اكتئاب ما بعد الولادة".. متى يتفاقم ويتطلب العلاج؟

اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة
عمان- إن ولادة طفل تجعل الأم تختبر الكثير من المشاعر في آن واحد، فهي في لحظات فرحة جدا وفي لحظات أخرى قلقة وخائفة؛ بسبب مسؤولية الطفل الجديدة، من ثم تجد نفسها تتساءل عن زيادة الوزن التي كسبتها أثناء فترة الحمل حتى وإن كانت بسيطة، فهي منعتها من ارتداء ملابسها المفضلة بسبب اختلاف المقاس، وتتقاطع هذه الأفكار بأخرى تدور حول استيقاظ الطفل ليلا وبكائه المتكرر، الذي ربما أحيانا لا تستطيع الأم معرفة أسبابه. وقد تتراكم مسؤوليات البيت بسبب رعايتها الطفل وشغله حيزا كبيرا من وقتها اليومي، ويأتي الهاجس الأكبر الذي يحمل سؤالاً يدور في ذهن الكثير من الأمهات، وهو هل سيشبع طفلي من الحليب الطبيعي الذي أقدمه له؟ أم أنه بحاجة إلى مساعدة؟، وهل سيعاني طفلي من الغازات؟، أم أنه يبكي لأسباب أخرى، والكثير الكثير من الأمور التي تقلق راحة الأم. جميع الأمور التي ذكرناها طبيعية، وتمر بها السيدات اللاتي وضعن طفلا مؤخرا، لكن لو ازداد الأمر حدة، وأخذت أعراض الاكتئاب بالتسلل الى نفسية الأم، هنا لابد من الانتباه جيدا لهذا الأمر، ومراقبة الوضع في حال خرج عن إطار معين، ويقتضي بعدها تدخل معالج نفسي بشكل حتمي. ما اكتئاب ما بعد الولادة؟ هو اضطراب نفسي يصيب المرأة التي وضعت مولودا جديدا منذ ثلاثة أيام حتى سنة من وقت الولادة. أعراضه: - بكاء غير مبرر بسبب مباشر أو مقنع. - تقلبات واضحة جدا في المزاج. - انطواء على الذات والابتعاد عن الأسرة، ومن ضمنهم المولود الجديد. - تقلبات في الشهية تجاه الطعام سواء زيادة الإقبال على الطعام أو فقدان الشهية. - الشعور بالإرهاق الشديد دائما وأبدا. - تغير في نوعية النوم سواء القلق والأرق أو النوم بشكل كبير. - فقدان الشغف بالحياة أو الرغبة بها. - أفكار تحمل لوما للذات "لست أما جيدة". - ضعف التركيز وضبابية التفكير وعدم القدرة على اتخاذ القرارات كما في السابق. - أفكار تدور حول إيذاء الذات أو إيذاء الطفل. - أفكار تدور حول الموت أو حتى التفكير بالانتحار. وربما تتجلى الأسباب الأكثر وضوحا لحدوث اكتئاب ما بعد الولادة بثلاثة أمور، وهي: - الانخفاض الحاد للهرمونات مثل؛ هرمونات الغدة الدرقية بشكل عام وهرموني الاستروجين والبروجيسترون بشكل خاص، ما يؤدي الى شعور الأم بأعراض الاكتئاب. - الإرهاق الشديد وزيادة حجم المسؤولية الموكلة للأم، وعدم وجود دعم مقدم من الأشخاص المحيطين بها. - معاناة الأم من الاكتئاب في وقت سابق أو أي من أنواع اضطرابات المزاج أو معاناة أحد من أفراد أسرتها من ذلك الأمر سابقا. متى نقول إن هذه الأم بحاجة لتدخل معالج نفسي؟ في حال استمرت الأعراض التي ذكرناها أكثر من ثلاثة أسابيع، ولم تتلق الأم أي دعم من المحيط أو أنها تلقت بالفعل داعما، ولكنه لم يجعلها تشعر بالتحسن أو أن هناك مشاكل قائمة داخل الأسرة، أصبح حلها مستعصيا وأثرت بشكل مباشر في نفسية الأم. لابد من التدخل الفوري والمباشر لحل المشكلة وتلقي العلاج المناسب، خصوصا لو سبق وعانت الأم من اكتئاب ما بعد الولادة في وقت سابق. في بعض الأحيان، تبدأ أعراض الاكتئاب بالظهور في الأشهر الأخيرة من الحمل، وعند ملاحظتها لابد من استشارة اختصاصي لعمل اللازم. سبل الوقاية: - إحاطة الأم بالكثير من الحب والدعم منذ مرحلة الحمل وطمأنتها دائما بأن الأمور ستكون بخير. - ممارسة المشي الخفيف في الهواء الطلق مرتين أسبوعيا على الأقل. - القراءة والمطالعة مثل (القرآن الكريم، روايات، أو مواضيع منوعة)، لأن هذا النشاط يقلل من التوتر بشكل كبير. - التجهيز لاستقبال المولود ولو بأقل الإمكانيات، القصد من ذلك إدخال البهجة إلى قلب الأم وزيادة فرحها لاقتراب قدوم مولودها. - تناول غذاء متوازن ومكملات غذائية، وأخذ قسط كاف من النوم والراحة، لأن هذه الأمور من شأنها تعزيز الصحة النفسية لدى الأم. سبل العلاج: - تلقي أدوية تحت إشراف طبيب متخصص تساعد على حل المشكلة والقضاء عليها. - تلقي العلاج النفسي السلوكي على يد متخصص من شأنه حل المشكلة أيضا. - توفير جلسات دعم جماعي تتيح مشاركة أمهات قد سبق وخضن التجربة نفسها. - إضافة الى جميع ما سبق ذكره، وجود أسرة وزوج يحتويان الأم في هذه الفترة العصيبة، ما يعزز العلاج مهما كان نوعه ويسهم في إنجاحه. قد تخضع المريضة لنوع واحد من العلاجات السابقة الذكر، أو قد تخضع الى نوعين أو أكثر من هذه العلاجات، لكن ما يهمنا في النهاية هو وصولها الى مرحلة الشفاء التام. ولأن أطفالنا هم الأكثر عرضة للتأثر بسبب سلوكياتنا نحن الآباء، فإن الدراسات الحديثة تشير الى تأثر الطفل بإصابة والدته باكتئاب ما بعد الولادة ونشوء مشكلات لديه في المستقبل ما لم تعالج الأم، وهذه المشاكل ربما تكون سلوكية أو عاطفية أو حتى لغوية. من المعروف أن الأسرة بأكملها ستتأثر بوجود هذه المشكلة، لذلك لابد من اللجوء الى العلاج بأسرع وقت ممكن للحفاظ على نفسية تلك الأم الرائعة التي تحمل فوق كتفيها عائلة كاملة، فهي اللبنة الأقوى ومن الواجب علينا دائما وأبدا رعايتها. اختصاصية العلاج السلوكي والاحتياجات الخاصة أمل الكردياضافة اعلان