القمل: ضيف غير مرغوب فيه ويميل لإصابة الفتيات أكثر

القمل: ضيف غير مرغوب فيه ويميل لإصابة الفتيات أكثر
القمل: ضيف غير مرغوب فيه ويميل لإصابة الفتيات أكثر

مدريد- يأتي القمل على قائمة الضيوف، غير المرغوب فيهم، ويوجد حيث وجدت كائنات حية، لأنه في حاجة مستمرة لها كي يبقى هو على قيد الحياة، وبالرغم من تعرف العلم على أكثر من ثلاثة آلاف نوع مختلف من القمل، إلا ان أكثرها مدعاة للقلق هو المعروف بـ"المصاص" أو (انوبلورا)، لانه يتغذى على الدم ويشكل خطرا على الصحة العامة، بسبب إمكانية نقله لأمراض وبائية.

اضافة اعلان

قمل الرأس عبارة عن حشرات من دون أجنحة تكاد تكون مجهرية، تعتمد في غذائها على الكائنات الحية، ولها قدرة مذهلة على التكاثر.

وعرف العلم منها حوالي ثلاثة آلاف نوع مختلف، عادة ما تضع بيضها، ويسمى "الصؤاب"، في فروة الرأس أو بين طيات الملابس. وكان الاعتقاد السائد حتى الآن يشير لارتباط وجود تلك الحشرات بقلة النظافة، ولكن تلك الفرضية بدأت بالتراجع نظرا لإثبات المتخصصين وجود الصؤاب برؤوس نظيفة جدا.

ويقول طبيب الأطفال كارلوس مارينا ان القمل يميل في الغالب للرؤوس الاكثر نظافة من غيرها، كما يميل لرؤوس الفتيات اكثر من رؤوس الفتيان، نظرا لطول الشعر عند الفتيات، مما يجعلهن الضحية في حوالي الـ70 في المائة من حالات الإصابة.

كما يشير إلى انه في بلد مثل اسبانيا تؤثر تلك الحشرات على ما يقارب الـ15 في المائة من الاطفال في عمر المدرسة، مما يمثل مشكلة للمسؤولين والعائلات على حد سواء؛ حيث عادة ما تتكرر نفس المشكلة بشكل متزامن مع بدء العام الدراسي.

ويؤكد المتخصصون أن الأمراض التي تم نقلها بين البشر عن طرق القمل يتم توثيقها بشكل تدريجي منذ زمن بعيد، ويميل كثيرون إلى إسقاط فرضية أن تلك الحشرات انتقلت لمناطق مثل؛ أميركا أو العالم الجديد زمن كريستوفر كولومبس، نظرا لاكتشاف انواع من القمل في مومياوات تعود للقرن الحادي عشر بدولة بيرو، بأميركا الجنوبية، وذلك بحسب دراسة اعدتها جامعة فلوريدا.

وكشف باحثون من تلك الجامعة الأميركية أن تسلسل الحمض النووي لنوع القمل المكتشف في تلك المومياوات مشابه إلى حد بعيد وراثيا للحمض النووي لنوع معروف من القمل يمكنه نقل امراض تعتبر فتاكة،

بما فيها وباء التيفوئيد، الذي تعزى له وفاة عدد كبير من افراد جيش نابليون بونابرت خلال عدة حملات عسكرية في القرن التاسع عشر.

ويرى ديفيد ريد، وهو أحد معدّي تلك الدراسة، ان اكتشاف هذه الحشرات في مومياوات تعود للقرن الحادي عشر يثبت انها وجدت وأصابت السكان الأصليين بتلك المناطق قبل نحو 500 عام من وصول الاوروبيين اليها.

إجراءات وقائية

يتفق معظم المتخصصين على أن العدوى بقمل الرأس تكثر بصفة خاصة داخل الفصول الدراسية وأماكن لعب الاطفال والمراهقين، فبالرغم من أن القمل لا يطير إلا انه يستطيع الحياة لمدة تصل إلى 24 ساعة خارج فروة الرأس، ويمكنه الانتقال من رأس لأخر بين الأطفال أثناء لعبهم.

ويقول مارينا إنه "برغم صعوبة عدم فرك الرأس في حالة الاصابة بالقمل، إلا ان الأفضل تجنب ذلك قدر الإمكان للحيلولة دون حدوث أي نوع من الالتهاب أو التهيج في فروة الرأس، مما يزيد من الشعور بعدم الراحة".

ويوصي د. مارينا باتخاذ عدة تدابير وقائية، على رأسها الحفاظ على النظافة المستمرة للمفارش والبطانيات، وجميع الاغطية ومفارش الارضيات، والاشياء الخاصة بالشخص المصاب، بخاصة المناشف والقبعات والأمشاط التي يستخدمها.

كما يقترح، كحل سريع، أن يتم تخزين الأغراض والملابس الخاصة بالأطفال المصابين في أكياس طوال يوم كامل، وذلك لضمان موت الحشرة في تلك الفترة.

ويشير د. مارينا إلى ان القمل يميل أساسا للبقاء في منطقة الرقبة وخلف الأذنين، عند درجة حرارة ثابتة، حيث يكون الجلد أكثر سمكا.

ولتفادي العدوى، ينصح ايضا بتقصير شعر الصغير خلال العام الدراسي، وبالنسبة للفتيات يقترح ان يتم ربط الشعر في ضفيرتين حيث تبقي منطقة الرقبة مكشوفة، ويجب متابعة الفتيات بصفة خاصة عن طريق تمشيطهن باستمرار باستخدام مشط ضيق.

أما بالنسبة للأدوية المستخدمة، والمعروفة باسم الـ(pediculicides)، مثل الـ "بيرميثرين" (permethrin)، فيوصي د.مارينا باستخدامها فقط في حالة الأطفال الذين أصيبوا بالفعل، لأن الهدف منها هو قتل القمل والصؤاب. ولا ينبغي استخدام هذه المنتجات كما لو كانت وقائية، لأننا بذلك يمكن أن نعرض الأطفال لخطر الآثار الجانبية، وأيضا لإمكانية ظهور مقاومة لديهم للعلاج في حالة الاصابة الفعلية.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد وافقت من جانبها على تسويق أول دواء طارد لقمل الرأس، ويسمى (Repelice)، وهو مناسب لتجنب إصابة الاطفال الذين كان قد تم علاجهم من جديد.

وتدخل في صناعة هذا الدواء مادة الكحول، ويستخدم في العادة عن طريق بخاخ مرتين في الاسبوع لمدة شهر على الاقل، حتى يتم التأكد من تقلص امكانية الاصابة بالعدوى في النطاق الذي يعيش فيه الصغير.

ويحذر خبير الامراض الجلدية والحشرات خابيير خيريمياس من أن الطفل الذي كان قد تغلب على مشكلة مماثلة معرض في أي وقت للوقوع بها من جديد، ولذلك ينصح باستخدام علاج لضمان طرد تلك الحشرات بشكل نهائي.

ومن الضروري متابعة الصغار جيدا، فمن أهم الصعوبات التي تواجه الاطباء في هذا الشأن هي "انه حتى لو شفي الطفل بشكل تام، إلا ان لديه اصدقاء او زملاء في نفس المدرسة أو الفصل يعانون من نفس المشكلة"، وهو ما يجعله عرضه للعدوى من جديد.

وبصفة عامة يعتبر غسل الشعر بكمية من الخل المخفف بالماء من أنجح الوسائل لطرد الصؤاب، كما ينصح بغسل شعر الطفل ولو مرة في الاسبوع بشامبو ضد الطفيليات. -