المكتبة المنزلية: ركن جمالي يغرس حب القراءة في قلوب الأبناء

المكتبة الخاصة في المنزل تجعل الكتب متاحة بصورة مستمرة للأبناء وتيسر سبل الاطلاع الدائم لكل أفراد الأسرة- (أرشيفية)
المكتبة الخاصة في المنزل تجعل الكتب متاحة بصورة مستمرة للأبناء وتيسر سبل الاطلاع الدائم لكل أفراد الأسرة- (أرشيفية)

ديما محبوبه

عمان- يؤكد أبومؤيد أن اعتياده على وجود مكتبة في بيت والده هو ما دفعه إلى استغلال ركن مميز في بيت الزوجية ليكون مكانا لمكتبته الجديدة.اضافة اعلان
أبومؤيد الذي يشير إلى أهمية وجود المكتبة في كل منزل، يذهب إلى أنه عمد إلى وضع ما يهوى من كتب ومجلات لزوجته وقصص أطفال حتى تكون مكتبته فعالة وليست ركنا جماليا فقط في المنزل.
أما ميسون الخال فهي محبة لجمع الكتب مهما كانت عناوينها ومن كان مؤلفها وحتى لغتها، وتضعها بعناية في مكتبتها الخاصة بها في المنزل، وتعمل على تصفح بعضها، فهي لا تستطيع أن تقرأها جميعها فلديها ما يقارب 5000 كتاب.
ومكتبة المنزل شاهد على ثقافة أصحابه ونوعية الفكر السائد فيه، إذا ما تم التفاعل معها كزاوية حيوية في المنزل غير مقتصرة على العنصر الجمالي أو لغايات التظاهر.
وعادة ما تتمركز هذه المكتبة في أكثر الأماكن استخداما كالصالون أو مكتب الأب، بينما ينصح علماء التربية بوضعها في غرفة الجلوس؛ حيث يتاح للأطفال تناول أي كتاب منها يحلو لهم.
مديرة إحدى المدارس الخاصة فاطمة مرزوق، تبين أن وجود مكتبة خاصة في المنزل يجعل الكتب متاحة بصورة مستمرة، وييسر سبل الاطلاع الدائم لكل أفراد الأسرة، ويغني صاحبها عن الذهاب إلى المكتبات العامة، وبخاصة إذا كان يعيش في منطقة نائية مما يوفر المال والوقت والجهد، ويساعد على تكوين شخصية الطالب، وصقل مواهبه، وتنمية قدراته.
وتبين التربوية رائدة الكيلاني أنه من يشكل المكتبة عادة هو رب العائلة، ورغم اقتصار العديد من المكتبات على استفادة أصحابها منها فقط، إلا أن هذه الهواية لدى العديد من المثقفين تقودهم إلى تحويل هذه المكتبة، بما يجمعون فيها من نوادر الكتب، إلى إرث ثقافي عظيم.
وتشير إلى أهمية أن تحتوي المكتبة على الكتب والمراجع العلمية والتاريخية حتى يستفيد منها جميع أهل المنزل بمن فيهم الأبناء الذين ما يزالون على مقاعد الدراسة.
ومن الجميل، كما تقول، أن يعتاد الطفل على وجود الكتاب أمام ناظريه كمادة متاحة وليس كفرض ثقيل، وأن يعتاد الطفل على القراءة منذ صغره فتصبح القراءة عادة ملازمة له، مشيرة إلى ضرورة أن يرصد الأب أو الأم مكافأة بسيطة للطفل لدى إكماله قراءة كتاب معين.
ويتفق خبراء التربية على أهمية غرس حب القراءة في نفس الطالب وتربيته على حب الكتاب، حتى تصبح القراءة عادة له يمارسها ويستمتع بها وهذا لمعرفتهم بأهميتها، فقد أثبتت البحوث العلمية أن هناك ارتباطا مطردا بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي، كما أنها تفيد الطالب في حياته؛ لأنها توسع دائرة خبراته، وتفتح أمامه أبواب الثقافة، وتحقق له التسلية والمتعة، وتكسبه حصيلة لغوية كبيرة وتجعله يتحدث ويكتب بشكل أفضل.
وفي هذا السياق، تبين معلمة اللغة العربية فداء خالد بأنه ورغم أن المدرسة تلعب دورا مهما في تنمية حب القراءة لدى الطالب، إلا أن الوالدين يجب أن يكونا قدوة لأبنائهما، فإذا لم يكن البيت غنيا داعما للقراءة مملوءا بالكتب، فإن ارتباط الأبناء بالقراءة سيكون احتمالا ضعيفا، وعليه فإن غرس حب القراءة في نفس الطالب ينطلق من الأسرة التي عليها أن توفر له الأساليب والأدوات التي تحقق له ذلك.
وتلفت خالد إلى أهمية المكتبة المنزلية أو مكتبة الأسرة، وبخاصة في ظل انتشار الإنترنت والألعاب الترفيهية والفضائيات والوسائل الأخرى التي صارت تجذبه وتبعده عن قراءة الكتاب، مما خلق نوعا من العزلة وعدم الألفة بين الطالب والكتاب.
وتشير إلى أن القراءة للأبناء ضرورية لتعويدهم عليها عملا بالمثل "اقرأ لطفلك، يصبح قارئا"، مؤكدة أن القراءة تفيد في التعرف على الحياة وسبر أغوارها، وتساعدهم على التعلم وحل الواجبات المدرسية.
وتسهم القراءة، كما تقول، في تغيير أنماط حياة الأبناء وتحقيق التقدم العلمي في المدرسة وتعليم السلوكيات الإيجابية، وغرس القيم الأخلاقية، وتنمية الحصيلة اللغوية وزيادة الوعي الإدراكي والخيال العلمي والتعرف على أفكار وتجارب الآخرين واستثمارها في حل المشكلات، وتنمية الفكر العلمي وتقوية الحواس المختلفة، وزيادة الحصيلة الدراسية ونسبة الذكاء.
في حين تجد العشرينية ختام أن وجود المكتبة في المنزل ما هو إلا تكملة للديكور، مضيفة "فهي تسبب إزعاجا كبيرا لي خلال عملية تنظيفها، كونها تحتوي على أكثر من 500 كتاب، وعليّ بشكل دوري تنظيفها وترتيبها ولا أحد يقرأ فيها إلا شقيقي الأكبر".‏
ولا يخفي مهندس الديكور علي عودة أنها تشغل ناحية علمية وجمالية في وقت واحد، لذلك يجب انتقاء الموجودات التي بداخلها من كتب وتحف وإكسسوارات ضمن نسق واحد.
والنقطة المهمة التي يجب ألا تغيب عن الذهن، كما يقول، هي أن المكتبة تلعب دورا مهما في مساحة المنزل. فالمنزل الكبير يحتاج الى مكتبة كبيرة لها صفوف وأدراج متناسقة، أما المنزل الصغير فيحتاج إلى مكتبة صغيرة تزيد من جماليته.
ويقول عودة "رغم تمثيل المكتبة لزاوية مهمة في ديكور المنزل، إلا أنها تعكس ما هو أبعد من ذلك عن توجهات أصحابها وأفكارهم، والمعتقدات السياسية التي تبنوها في حياتهم".