راتب النائب وتقاعده، نظام شاذ ينبغي مراجعته

في جلسة حوارية غنية في مركز شباب ناعور انبرى النواب الحضور للدفاع صراحة وبانفعال عن رواتبهم بعد الزيادة الأخيرة التي رفعت راتب النائب من 1500 دينار الى 2000 دينار بالنظر لحجم الالتزامات التي يواجهها النائب بما في ذلك "الواجبات الاجتماعية" المعروفة، ودعموا وجهة نظرهم بمعلومات عن رواتب النواب في البلدان العربية والأجنبية وهي في أغلبيتها الساحقة أعلى كثيرا من رواتب النواب الأردنيين. وقالوا إن الزيادة لم ترتب جديدا على الخزينة فهي من داخل الموازنة المقررة لمجلس الأمّة وهي موازنة قال النواب أيضا إنها من أقل الموازنات نسبة لموازنة المجالس النيابية في الدول الأخرى.

اضافة اعلان

نتفهم رأي النواب بالنسبة للرواتب قياسا لمصاريفهم وواجباتهم وهي تبدو متواضعة مقارنة برواتب المدراء في القطاع الخاص هذه الأيام، أمّا موازنة المجلس فإن تواضعها يعود لقلّة الإنفاق على الأبحاث والمستشارين والمساعدين الذين يجب أن يكونوا تحت تصرف النواب للقيام بالمهمات الضخمة في دراسة الملفات والرقابة والتشريع كما هو حال البلدان المتقدمة لكن عندنا تفضل قيادة المجلس الإنفاق على السفريات التي هي بالنسبة لقسم من النواب مناسبة فقط لشمّ الهوا وأخذ المياومات لا يستفيدون منها ولا يفيدون والمعلومات عن أداء البعض على هذا الصعيد فضائحية مع الأسف.

لكن الشيء الذي لا يستوي مع القانون والمنطق فهو الجمع بين راتب النائب وتقاعده، وقد لا يعلم الكثير من المواطنين أن متقاعدا براتب 300 دينار كان يقفز تقاعده حالما يصبح نائبا الى 1500 دينار ثم يأخذ فوقها راتبه كنائب فيصبح 3000 دينار وإذا كان الحساب الآن على الراتب الإجمالي بعد الزيادة فسوف يصبح 4000 دينار. والنائب القادم من نيابة سابقة يأخذ تقاعده عن النيابة السابقة مع راتبه عن النيابة الحالية وهي صيغة قاراقوشية تكسّر كل منطق وقانون ونظام.

ليست المشكلة أن يكون راتب النائب 4 آلاف دينار، لكن ليكن واضحا أن هذا هو الراتب، أمّا الالتفاف على كل منطق وقانون في الدولة للجمع بين راتب النيابة وتقاعد الدولة مرفوعا الى مستوى الراتب وأكثر من ذلك الجمع بين تقاعد النيابة وراتبها فهذا أسلوب لا يجدر بسادة التشريع وحرّاسه الإقدام عليه.

وقد كان مجلس النواب قد لوى ذراع كل منطق لتحقيق هذا الهدف فراتب النائب يعتبر فقط مكافأة وليس راتبا رسميا من الدولة لكنه لغايات التقاعد يعتبر راتبا، وهكذا فالنائب يحصل على التقاعد بوصفه كان يحصل على راتب الدرجة العليا في الدولة ويحصل على الراتب بوصفه مكافأة وليس راتبا باعتبار أن الجمع بين الراتب والتقاعد ليس واردا في الدولة.

مناسبة هذا المقال ما سمعناه الآن عن توجه لإعادة النظر في جمع النائب بين راتبه وتقاعده، ونحن نحثّ الحكومة على المضي بكل جدّ في مراجعة هذا الوضع الشاذ وإنهائه، وإذا كانت هناك مطالبة بزيادة راتب النائب فلتكن تحت ضوء الشمس وبما لا يخرق الأسس والتشريعات النافذة.