سيطرة المعلمين على الطلبة بالصوت العالي.. ما تأثيرها على الطالب؟

Untitled-1
Untitled-1

ديمة محبوبة

عمان- يعتقد بعض المعلمين أن "فرض السيطرة" على الطلبة بالغرف الصفية أو الساحة المدرسية هو أساس سير العملية التعليمية ونجاحها، حتى إن كان باللجوء للصوت العالي، أو استخدام وسائل مختلفة للوصول لهذه الغاية.اضافة اعلان
معلمة الأنشطة الرياضية علياء في إحدى المدارس الخاصة، تلقت العديد من التعليقات والشكاوى من مديرة المدرسة وأولياء أمور الطلبة، وكذلك الجيران المحيطين بالمدرسة، بأن صوتها عال جدا أثناء تقديمها فقرة التمارين الرياضية في الطابور الصباحي، وكذلك خلال حصص الرياضة.
"كيفية فرض السيطرة على الطلبة" أمر شغل بال المعلمة علياء مرارا، ورغم بحثها في البداية عن طرق تشجيعية لاستحواذ انتباه الطلبة وجذبهم نحوها، غير أنها فشلت في كثير من المرات، ما جعلها تلجأ إلى الطرق التقليدية، والصراخ وفرض العقوبات.
ويتفق خبراء على أن جميع الطلبة باختلاف الفئات العمرية والفكرية يحتاجون إلى مزيج وخليط في التعامل بين اللين والحزم، وذلك لضبطهم والحرص على حصولهم على الفائدة من الدرس، ووصول المعلومة بالشكل الأمثل.
ويستذكر معلم اللغة العربية محمد ياسين أيامه الأولى في تدريس الطلبة، وكان ذلك قبل 10 أعوام، بقوله "ليس من السهل على المعلم وضع خطة تجعل منه شخصا محبوبا وحازما عند الطلبة في الوقت ذاته، وكان من الصعب جدا تطبيق تلك الخطط"، مبينا "ما جعلني أسأل وأراقب الكثير من زملائي في بداية التدريس، عن الطرق التي يتبعونها لجعل الطلبة يصغون ويستجيبون لأقوالهم".
ويكمل "بعد جهد كبير في محاولة السيطرة، عدت للوراء بذاكرتي عن أكثر المدرسين الذين كنت أحبهم وأنتظر حصصهم بفارغ الصبر، وهم الأساتذة المبدعون في موادهم، بالوقوف حول أساليبهم التدريسية، التي تضمنت الضحك والمرح، وبالوقت ذاته الحزم عندما يبدأ شرح وتقديم المواد، وهذا لا يعني التراخي بين المعلم والطلبة".
ويلفت إلى أن هذه الطريقة كانت إيجابية، ففي بدايات حصصه لكل عام يدخل للتعرف على الطلاب في الصف، ويحفظ أسماءهم، ويحدد طريقة شرحه للدروس أمام الطلبة، ويقدم نبذة عن كيفية تعامله مع الطلبة، بالتركيز على الالتزام بالهدوء في الحصة أثناء الشرح، وأهمية حل الواجبات المدرسية،… وغيرها من الأساسيات، وبأسلوب محبب لنفوس الطلبة، مما يجعله يفرض سيطرته بالإيجابية والإقناع.
ويؤكد المعلم ياسين، أن الصراخ لا يجدي نفعا، وأن الأستاذ الذي يتعامل مع طلابه بالصوت العالي، لا يكسب من ذلك سوى الخوف ظاهرا، وللأسف النقمة وعدم الاحترام والسخرية باطنا.
ويؤكد المشرف التربوي والنفسي في إحدى المدارس الخاصة عون حماد، أن ما يعانيه المعلمون والمعلمات في بداية مشوارهم التدريسي لا يقل صعوبة عن انتقال طالب جديد لمدرسة أو مدينة جديدة، فلا يعرف الطرق السليمة لتخطي العقبات أمامه، وفكرة انضباط الصف هي أكثر ما يعيقهم في بداية المهنة.
ويبين أن هذه العقبات لا تذهب إلا من خلال الخبرة، والأعوام الأولى من العمل هي التي تحدد أسلوب المعلم، وطريقته في التدريس وكيفية تطوير ذاته.
ويتفق اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، بأن الأمر مؤرق، وخصوصا لمن ليس لديهم خبرة، وهذا يولد بنفوسهم القلق والتوتر، وعليه يلجؤون لاتباع العنف اللفظي، وأقلها الصراخ على الطلبة.
كل هذه السلوكيات السلبية يمكن أن تتلاشى إن كان المدرس واثقا بذاته، وهي صفة لا بد من وجودها في كل معلم ومعلمة.
ويشير إلى أنه لا وجود للمعلمين ضعيفي الشخصية أمام الطلاب، ومن لا يملك أدوات كثيرة تساعده أثناء تقديم الدرس، ويدخل على الطلاب بخطوات مثقلة غير واثقة من مكانها، فيتلعثم على سبيل المثال أو حتى لا يستطيع النظر بأعين الطلاب والخجل، كل هذه الأمور يستشعرها الطالب، وتجعله أكثر تمردا وخارجا عن السيطرة.
ويضيف "المدرس غير المتمكن، سيجعل الطالب متمردا، ويعتبر نفسه أقوى من المدرس، ما يجعل عملية السيطرة داخل الصف صعبة جدا".
ويلفت التربوي د. محمد أبو السعود إلى أن التعامل بين المعلمين والطلاب هو السهل الممتنع، لكن اللين والشدة وتداخلهما في الوقت المناسب هما عصاة النجاة بيد المعلم.
ويؤكد أن الطفل الصغير يذهب ويميل أكثر لمن يحبه ويهتم به، وهذا التصرف يندرج على الصغير والكبير، فالابتسامة الجميلة تجذب الشخص، والاهتمام كذلك، فإن كان أحد الطلبة مريضا، فيمكن للمعلم أن يشعره بالاهتمام والسؤال عنه ومراعاة ظروفه، ما يجعله مؤثرا على حياته، كما يمكن أن يصبح مخزن أسراره.
ويحذر مطارنة من الصراخ وأثره على النفس عند الطلبة؛ إذ يدل ذلك على ضعف في الشخصية، لافتا إلى أن الصراخ يعني فراغ المعلم، وفقدانه جميع الأدوات التي يمكن أن يفرض بها شخصيته على الدرس وحضوره.
ويوضح مطارنة أن الطلبة أذكياء جدا، لذا يستغلون هذه الفرصة التي تدل على ضعف موقف الأستاذ، ويقومون باستفزازه أكثر، وهذا يفقده فرض شخصيته في الصف وبساحات المدرسة، أيضا.