"علاء الدين".. نسخة حية تعيد الحياة للشخصيات الكلاسيكية

Untitled-1
Untitled-1

إسراء الردايدة

عمان- كثير من الرقص والغناء والضحك والأحلام الجميلة؛ ذلك ما يشعر به من يشاهد فيلم "علاء الدين" الذي يستعيد الطفولة بكل ما فيها، وسط أجواء لا تخلو من الصراع الأزلي بين الخير والشر والأطماع البشرية.اضافة اعلان
الأردن كان المحطة الرابعة للفيلم في إطار جولته العالمية؛ إذ أعاد "ديزني" إنتاجه بالاستناد لنسخته الكرتونية من العام 1992، ويعد من أهم الكلاسيكيات لديهم، هو الفيلم الثالث في إطار إعادة النسخ الحية بعد "سندريلا" و"الجميلة والوحش" وقريبا "الملك أسد".
وأخرج الفيلم وشارك في كتابته غاي ريتشي، ومن بطولة الممثل ويل سميث بدور الجني ومينا مسعود (علاء الدين) ونعومي سكوت بدور (ياسمينة) والممثل التونسي مروان كنزاري (الوزير جعفر)، وجاء بقالب كوميدي موسيقي خفيف يتيح للكل مشاهدته.
التنوع في "علاء الدين"
النجم الحقيقي للفيلم الفعلي هو الممثل ويل سميث الذي يجسد دور الجني الذي بقي حبيسا في المصباح السحري 1000 عام، وأعاد إطلاق سراحه علاء الدين بعد أن حقق له ثلاث أمنيات، كما تقول القصة الأصلية.
وهنا سميث يجسد الدور الذي اشتهر به روبن ويليامز في النسخة القديمة من الفيلم، وكان مدخله للشخصية ليقدمها بأسلوبه من خلال طريقته في الأداء والغناء والرقص (الهيب هوب)، كما قال في تصريحات صحفية سابقة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الأسبوع الماضي في عمان بحفل إطلاق العرض الأول له في الشرق الأوسط.
أكثر من 30 عاما من خبرته في الرقص والأداء والغناء، قدمها سميث في دور واحد في هذا الفيلم، وفق تصريحات سابقة لـ"الغد"، بحيث اعتبره من أهم الأدوار في مسيرته المهنية، والتي أتاحت له بأن يخرج ويقدم أفضل ما لديه مرة أخرى، بعيدا عن الهوس الكرتوني من خوف المقارنة بروبن ويليامز.
ويل سميث قدم شخصية الجني الشهير بروح جديدة، وعبر العمل مع فريق من أبدع بالمؤثرات البصرية والرقمية، واستندت شخصيته بالغالب على الصور التي تم إنشاؤها بالكمبيوتر وتعرف بـ"CGI"، التي منحته حضورا قويا مؤثرا باللون الأزرق، وحمل بخفة ظله العمل لبعد مختلف عززه بأدائه دور صديق علاء الدين الناصح.
و"ديزني" هنا، أعادت قولبة الأدوار في فيلمها وتخطت العنصرية من خلال التنوع العرقي بخلاف النسخة الكرتونية التي كان فيها الأبطال من بشرة بيضاء فقط. علاء الدين ظهر ببشرة سمراء، وياسمينة أيضا التي تشبه الأميرات من ألف ليلة وليلة التي تنتمي للقصة الأصلية، فيما الوزير جعفر ممثل هولندي من أصل تونسي وغير ذلك من التفاصيل.
التنوع في الفيلم أيضا يمنح مساحة لشخصية ياسمين بعيدا عن النسخة الأصلية، ليبدو الفيلم حاضرا من خلال الدور القيادي للمرأة، وفقا لتصريح سابق للمخرج غاي ريتشي؛ حيث قال "إن خطا دراميا جيدا لدور ياسمين يطلق العنان لقدرتها، ويمنحها مساحة أكبر في التعبير والتوازن في الأحداث".
وهو أيضا مرتبط بقوة شخصيتها ورغبتها في متابعة مسيرة والدتها في الحكم وكسر العادات والصورة النمطية التي تفترض أن المرأة لا دور لها في الحكم.
أما علاء الدين الذي لعب دوره مينا مسعود، فيمثل تلك الطاقة الجسدية العالية والابتسامة اللطيفة، والكاريزما التي تجمع بينه وبين الممثلة نعومي سكوت بدور ياسمينة.
شخصيته التي بدت مشرقة وحيوية تمنح الفيلم بهجة من خلال الأمل والصراع الذي يعيشه، هو يسرق ليعيش ومن ثم يتحول لعاشق ويعمل من أجل حماية حبيبته، وبالنهاية من أجل قضية أكبر وهي التضحية التي تمر بثلاث مراحل تتطور فيها شخصيته وتسير جنبا الى جنب مع تطور علاقته بالجني الأزرق (ويل سميث) وبالطبع علاقته أيضا بصديقه القرد.
الفيلم بالأصل صمم على غرار مسرحيات برودواي الموسيقية، والتي أطلقت قبل 27 عاما بالنسخة الأصلية، وباعتماد الموسيقى الحية، نظرا لطبيعة الرسوم المتحركة بالإيقاع والحركة.
ريتشي، وضع الفيلم في قالب مبهرج، وانطلق في بدايته بأغنية "الليالي العربية" التي مزجت بين الطابع التركي الهندي "البوليوودي" وحتى المغربي، في إشارة لفهم مختلط عن واقع الحضارة الشرقية والعربية تحديدا.
واستعاد الفيلم أغنية من الفيلم الأصلي وهي "صديق مثلي" و"عالم جديد كليا"، لتأكيد أهمية النسخة الأصلية والإبقاء على أصالتها، واستوحيت من قصة "ألف ليلة وليلة"، ولكن بقالب معاصر. الفيلم ضم لوحات راقصة متعددة على غرار رقصات بولييوج، مليئة بالألوان والطاقة والمؤثرات. وحاول ريتشي بالفيلم، البحث عن قصص قديمة تراعي الفروقات الثقافية في العالم، وأيضا منح الممثلين الثلاثة استعراض قدراتهم الغنائية بكلمات بسيطة تلائم اللحن؛ إذ أضاف الغناء 40 دقيقة على طول النسخة المتحركة.
تفاصيل مختلفة
"علاء الدين" الذي أخرجه غاي ريتشي لفيلم "ديزني"، أعاد إحياء شخصيات كرتونية، وقدم تنوعا عرقيا وخرج من القالب النمطي لهوليوود، ومنح المرأة مساحة أكبر في الأدوار.
وتم تصوير العديد من مشاهد الفيلم في صحراء وادي رم ووادي الديسي، بمشاركة كادر محترف محلي لا يقل عن 150 فردا بالتعاون مع الهيئة الملكية للأفلام، واختيرت الأردن لأنها الأقرب لأجواء الفيلم وتعبر عن روحه. ووفقا لتصريحات سابقة لويل سميث، قال "إن بيئة التصوير أسهمت في منح أدوارهم بعدا حقيقيا أكثر لأن الشخصية تشبه البيئة التي صورت بها".
إلى ذلك، تم إضافة شخصيات جديدة بعيدا عن تلك التي تواجدت بالنسخة الكرتونية، وهي داليا خادمة ياسمين والحيوانات، وأيضا رغبة الأميرة بأن تحكم مملكة أغرابا. فيما كان لشخصية الوزير جعفر الذي لعب دوره الممثل مروان كينزاري، خلفية خاصة، وهي عن الرجال الذي يريدون بلوغ السلطة بالقوة والخداع، ويميلون للعنف واسخدام المكائد.
فيما أسهم الشكل الطبيعي لتشكيل الصخور في صحراء وادي رم في بناء مشهد باب كهف العجائب، وهو مدخل الأسد، بينما كانت هنالك مشاهد لجمال تسير عبر الكثبان الرملية في الصحراء.
إرث "علاء الدين السينمائي"
"علاء الدين" بالأصل مستوحى من قصص "ألف ليلة وليلة"، وكان أول ظهور له في عالم القصص المصورة في ايطاليا من خلال ما قامت به "والت ديزني" هنالك بدمجها قصة علاء الدين وشخصية ديزني وعلي بابا في كتاب مصور يدعى "دونالد وكهف علاء الدين".
بصريا، ظهرت بعض العناصر من قصة علاء الدين في فيلم "The Thief Of Bagdad" من العام 1940، وهو للمخرجين لودفيج بيرجر وتيم ويلان. وفي بوليوود تم تطوير الفيلم وإضافة تحديثات بحيث صار الجني أنثى يتزوجها علاء الدين، وهذا في العام 1962، ونسخة هندية أخرى لعب فيها الممثل اميتاب باتشان دور الجني وكان في العام 2009.
وفي أفلام الرسوم المتحركة، كان علاء الدين يعرف بالأمير أحمد، وهو من أقدم الأفلام الكرتونية المستوحاة من قصص "ألف ليلة وليلة"، والتي تظهر علاء الدين فيها. وفي العام 1939، قدم فيلم "Arabian Nights" 1001 لمخرجه جاك كينني، وتتواجد نسخة فرنسية أيضا ويابانية، وكل تناولها بمفهومه الخاص التي لا تخرج من عباءة قصص "ألف ليلة وليلة" وسحر الشرق وعالمه الذي بدا آنذاك ملهما لقصص خيالية ومغامرات أسطورية لا تخلو من الكنوز والجميلات والجن.
يبقى القول إن "علاء الدين" بنسخته الجديدة، يقدم معالجة جديدة لمغامرة "ديزني" الكلاسيكية بأبطال حقيقيين بذلوا جهدا كبيرا لإتقان أدوارهم، ما أضفى عليه حيوية تفيض بالبهجة التي تجلب جرعات من الفرح لمن سيشاهده كبارا وصغارا، وليوقظ ذكريات جميلة.