لمصلحة من فقدان شرعية الرئيس الفلسطيني؟

 

محق خالد مشعل، حينما يقول "بعد 9/1/2009 لن تكون هنالك شرعية لأي رئيس سلطة قادم، ومهما اتخذ الرئيس المقبل من غطاء او دعم، فإن الغطاء السياسي من العالم لن يجديه نفعاً ان لم يكن عبر الانتخابات او في ظل وفاق وطني".

اضافة اعلان

كلام حق، من حيث الشكل والرغبة في ان يكون رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، منتخباً، كما كان في دورتيه السابقتين، ولاية ياسر عرفات في انتخابات 20/1/1996 والتي انتهت برحيله عن الحياة، وولاية محمود عباس في انتخابات 9/1/2005 والمفترض انها تنتهي يوم 8/1/2009، ولكن خالد مشعل يتناسى متعمداً قرارين الاول قرار انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية الصادر عن المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقده في 10 تشرين الاول 1993 في تونس وجاء فيه:- أولاً، تكلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من اعضاء اللجنة التنفيذية وعدد من الداخل والخارج. ثانياً، يكون السيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيساً لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.

والقرار الثاني الصادر عن المجلس التشريعي بربط الانتخابات الرئاسية والتشريعية في وقت واحد، أي تكون متزامنة ومربوطة مع بعضها البعض، وقد وقع رؤساء الكتل البرلمانية المرشحة لخوض الانتخابات يوم 25/1/2006 على هذا القرار، بمن فيهم اسماعيل هنية، رئيس كتلة حركة حماس امام رئيس لجنة المفاوضات المركزية د. حنا ناصر، على هذا القرار.

فثمة مداخل قانونية واجتهادات فقهية وفتاوى دستورية يمكن الاعتماد عليها، لتبرير وتسويق بقاء محمود عباس في موقعه رئيساً للسلطة الفلسطينية، ولكن القضية الاساس ليست خلافاً قانونياً او دستورياً، بل ان الصراع الدائر بين طرفي المعادلة الفلسطينية هو خلاف سياسي بالدرجة الاولى، لانه لو لم يكن كذلك فحكومة هنية اليوم ليست دستورية وليست قانونية، لأن الرئيس المنتخب الذي لم تنته ولايته بعد، قام بإقالة رئيس واعضاء حكومة اسماعيل هنية يوم 14/6/2007 بعد الانقلاب الذي نفذته كتائب القسام وقوتها التنفيذية واستولت على مؤسسات السلطة الرسمية والشرعية بقوة السلاح لا بقوة القانون، وقتلت واعدمت في الميدان عناصر وضباط وقيادات المواقع الرسمية وفق شريعة الغاب، ومع ذلك استمرت حكومة هنية حتى هذا الوقت بقوة السلاح غير الشرعي غير ملتزمة لا بالقانون ولا بالدستور ولا بسلطة الرئيس وولايته الدستورية.

خالد مشعل، يتوسل نهاية رئيس السلطة الفلسطينية، قبل التوصل الى اتفاق سياسي داخلي، وقبل اجراء انتخابات رئاسية، لانه حينها يكون في الموقع المعادل والمتساوي بفقدان الشرعية للطرفين، فيكون في الموقع التفاوضي الذي يسمح له بفرض املاءاته، وجني ثمار انقلابه، فالانقلاب الذي قاده بقوة كتائب القسام وكتائب القوة التنفيذية لم يحقق له الشرعية بعد، وهو يتوسل شرعيتها الواقعية بعد 9/1/2009، بشغور موقع رئيس السلطة وبقاء شرعية المجلس التشريعي المنتخب والتي تنتهي ولايته في 24/1/2010.

القضية سياسية إذن وليست اجتهادات قانونية بين قضاة ومحامين على طاولة محكمة، بل هو صراع سياسي على الارض وعلى الطاولة وادواته القوة والنفوذ والتحالفات وامكانية تطويع الدستور والقانون لخدمة هذا البرنامج او ذاك.

لو كان خالد مشعل جاداً وحريصاً ولا يستهويه الانقلاب وتداعياته ونتائجه ونموذجه الحزبي الاصولي الاسلامي المتنفذ واحادي الجانب، لقدّم ورقة التحدي التي تمنح الشرعية والمصداقية والأهلية وهي الاحتكام الى الانتخابات وصناديق الاقتراع لتجديد الشرعية والاحتكام للشعب صاحب الولاية ومانحها كما تفعل الشعوب المتحضرة، وكما تفعل الاحزاب المنبعثة من ارادة شعوبها.

الحل والمنطق والوجاهة والاحترام للذات وللشعب الذي قدم التضحيات اولا وعاقب حركة فتح يوم 25/1/2006 ثانياً، وانحاز باغلبية لحركة حماس ثالثاً، هذا الشعب يستحق الركون اليه، واحترام ارادته ووعيه، واحترام خياراته. أما التشكيك المسبق بنتائج الانتخابات المقبلة، فهذا هروب من دفع الاستحقاقات المطلوبة وهو تناسٍ متعمد لعاملين اولهما ان الانتخابات التي فازت فيها حماس وتفوقت تمت بإدارة سلطة قادتها فتح ولم يكن لحركة حماس أي فضل في نزاهتها وشفافيتها ورضوخ حركة فتح لنتائج هزيمتها، وثانيهما وجود مراقبين عرب واجانب يمكن ان يراقبوا الياتها وتفاصيلها وحيثياتها للحفاظ على نزاهتها وشفافيتها، كما حصل في الدورتين السابقتين، دورة عام 1996 ودورة عام 2006.

خالد مشعل محق في مقدمته، وغير محق في النتائج التي يرغب في التوصل اليها، لان هدفه واضح وهو اضاعة الشرعية وتمزيقها وبعثرتها، فلا شيء من الماضي الفلسطيني قبله وقبل حركته وقبل انتخابات 2006، يستحق الشرعية او القبول بها والاذعان لها، فاللجنة التنفيذية غير شرعية، والمجلس المركزي غير شرعي، والمجلس الوطني غير شرعي، الشرعية الوحيدة بالنسبة اليه هي شرعية المجلس التشريعي المنتخب، ولكنه ايضاً يرفض اجتماعه وعقده وإلتئامه خشية استغلال حركة فتح لغياب واعتقال رئيسه عزيز الدويك وعدد كبير من اعضائه، فيتم تغيير الرئيس وهيئة رئاسته لصالح حركة فتح، وهذا ما يفسر تعطيل عمل المجلس التشريعي بقرار من حركة حماس وعدم استجابة اعضاء حماس لدعوة الرئيس الفلسطيني لعقد المجلس التشريعي، وابقائه معلقا مجمداً الى وقت غير واضح وغير مسمى!

الصراع سياسي مكشوف، يستنزف الشعب والقضية، وهو يقدم خدمة مجانية للعدو بأدوات وطنية فلسطينية!

[email protected]