ميريل غنيم وإيفا هلسة.. طفلتان أردنيتان تخطان بالألوان معاني المسؤولية الاجتماعية

إبراهيم المبيضين

عمان- بإحساس عال قد يفتقده الكبار، وببراءة الطفولة التي لم تعكرها بعد مصاعب الحياة وسلبياتها، أكدت الطفلتان الأردنيتان ميريل غنيم وإيفا هلسة "أننا جميعا نستطيع أن نساعد الآخرين من الأطفال والعائلات المحرومة بطرق مختلفة كأن نقاسمهم أو نعطيهم مما هو زائد على حاجتنا، أو مما قد نجنيه من مال من أعمالنا ومواهبنا، وذلك كجزء من واجبنا ومسؤوليتنا كأفراد تجاه المجتمع".اضافة اعلان
"فالخير يزيد مع البذل والعطاء دائما ويعطي السعادة"، بحسب ما عبّرت الطفلتان صاحبتا الموهبة المتميزة في الرسم.
ميريل وإيفا طفلتان بعمر الزهور (ثماني سنوات)، وهما صديقتان وزميلتان في الصف والمدرسة "مدرسة الأهلية للبنات"، تجمعهما الصداقة والكثير من المواهب مثل الرسم والعزف على البيانو ولعب التنس، لكنهما تميزتا قبل أربع سنوات بموهبة الرسم، التي عمل الأهل على تطويرها لدى الطفلتين اللتين كانتا تتحدثان بلسان واحد ومفاهيم واحدة جميلة عن المواهب ومساعدة الناس والمستقبل.
ولكن الأكثر أهمية وتميزا أن الطفلتين قررتا أواخر العام الماضي جمع لوحاتهما التي رسمت خلال فترة سنوات قليلة مضت، وتنظيم معرض صغير يتضمن 20 لوحة لكل واحدة منهما بمساعدة الأهل، وبيع هذه اللوحات والتبرع بالإيراد كاملا لعائلات وأطفال أيتام، فيما تحضر الطفلتان أيضا لترتيب وتنظيم معرض ثان خلال الأسابيع القليلة المقبلة لمساعدة أطفال التوحد، بالتعاون مع إحدى المؤسسات المعنية بهؤلاء الأطفال، وكل ذلك تحت مبادرة أطلقتا عليها اسم "معا نرسم".
وتؤكد الطفلتان أنهما تطمحان لتطوير موهبة الرسم والاستمرار في المبادرة على مدى بعيد لمساعدة أكبر شريحة من الناس، والأطفال المحتاجين ومن ذوي الدخل المحدود.
عن موهبتها والمبادرة، تتحدث الطفلة ميريل غنيم ابنة الصف الثالث، وتقول: "أحب الرسم من صغري، وقد ساعدني أهلي على تطوير هذه الموهبة من خلال دروس متخصصة في الرسم.. ومن خلال مدرستي أيضا، حتى أنني رسمت الكثير من اللوحات المميزة، التي جمعتها مع لوحات زميلتي ايفا، لنشكل معرضا صغيرا ساعدنا به العائلات المحتاجة".
وببراءة الطفولة، تقول ميريل: "لا أحب أن أرى الحزن والدموع في عيون الأطفال، ولا أحب أن أراهم محتاجين لأي شيء يجب أن يتوافر عند معظم الأطفال، وعلينا جميعا أن نساعدهم وأنا وايفا فكرنا في المبادرة للمساعدة في المجال الذي تميزنا به".
ورغم مهارتها في فن الرسم والتلوين وإصرارها على مواصلة تطوير هذه الموهبة في المستقبل، إلا أن ميريل تطمح لدراسة وامتهان الطب في المستقبل، وبالروح نفسها تقول: "أريد أن أصبح طبيبة في المستقبل حتى أساعد الناس والأطفال على التخلص من الألم، أحب أن أساعد الناس بكل الطرق والوسائل".
وتضيف ميريل "أن هذا الطموح لا يعني أبدا أن أتخلى عن موهبة الرسم، فالمهنة والموهبة ستسيران بشكل متزامن".
وتؤكد أن الإنسان عندما يصبح مشهورا يجب عليه أن يساعد الناس بخبراته ومواهبه وتميزه.
وكانت إيفا هلسة تتحدث أيضا بكل حب عن موهبة الرسم، وكيف تتقن تشكيل الخطوط والألوان لرسم المناظر الطبيعية وغيرها من الأشكال، مشيرة الى أنها تميزت بهذه الموهبة قبل أربع سنوات وأن والديها شجعاها على تطوير مهارتها من خلال المدرسة أو من خلال الصفوف والدورات المتخصصة. وتقول ايفا إنها تفرح كثيرا عندما تساعد المحتاجين، لافتة الى أنها مع ميريل شاركتا في توزيع المساعدات التي جمعت من معرضهما الأول.
وتضيف ايفا: "المدرسة تحدثت عن نشاطنا وموهبتنا والمبادرة التي قمنا بها وشجعتنا كثيرا"، مشيرة الى أن أهم ما تشعر به في هذا المجال أن ترى الأطفال سعيدين ويعيشون بمستوى مقبول أو مساو للآخرين.
ومثل ميريل، تطمح إيفا لتصبح طبيبة أسنان، لأنها مهنة أيضا تخفف من آلام الناس.
جمال غنيم والد الطفلة ميريل، الموظف في القطاع الخاص، أكد لـ"الغد" أهمية انتباه الأهل الى مواهب أطفالهم وما يميلون إليه، والعمل من دون تجاهل أو تراخ على تدعيم وتطوير هذه المواهب وإبرازها حتى تصبح موهبة شبه مكتملة أو مكتملة يمكن البناء عليها مستقبلا.
وقال غنيم إن عند كل طفل موهبة والميل لمجال معين، ولكن على الأهل تسليط الضوء عليه ودعمه بشتى الطرق حتى يخرج منها إبداع قد يشكل مستقبل هذا الطفل، داعيا الأهالي الى عدم تجاهل أي موهبة تظهر عند الأطفال والعمل على تطويرها في الصغر.
وأشار غنيم الى جانب مهم في هذا المجال، وهو أن دعم الموهبة؛ أي نوعها وتطويرها، يسهم أيضا في تطوير شخصية الطفل واندماجه أكثر بالمجتمع والحصول على محفزات لمواصلة العمل عندما يلقى أيضا الإطراء والدعم من المحيط وفي المدرسة والمجتمع بشكل عام، مؤكدا أيضا أهمية الجانب الإنساني في مبادرة ابنته وزميلتها ايفا هلسة؛ حيث لمس الأهل أثره الطيب والمفيد في تطوير وتحسين شخصيتي الطفلتين.
وقالت دانا حدادين والدة الطفلة "إيفا" والموظفة في القطاع الخاص، إن ابنتها وهي بعمر الأربع سنوات كانت تنسخ وتنقل صور وأشكال المجسمات بشكل متقن، وأوضحت قائلة: "ذلك دفعني ووالدها الى ضرورة دعم هذه الموهبة وتقويتها من خلال توفير أدوات ومستلزمات الرسم لها في المنزل، كما تواصلنا مع المدرسة ومعلمتها في مساق الفن لتعزيز هذه الموهبة التي أنتجت مؤخرا هذه اللوحات والإبداعات".
وأشارت حدادين الى أن الموهبة وتطويرها لدى الطفل وتشجيعه على عمل الخير تساعد الأطفال الذي يتصفون بالخجل مثل ايفا وزميلتها ميريل على التخلص من هذه الصفة وتجاوزها، وقالت: "لاحظنا بعد ذلك كيف أصبحت كل من ايفا وميريل أكثر نشاطا واندماجا بالأطفال الذين جرى تقديم المساعدة لهم".
وتأمل حدادين بأن تستمر كل من ايفا وميريل في تطوير هذه الموهبة وصوغ مستقبل كبير قد تصبحان فيه مؤثرتين في المجتمع بهذه الموهبة أو في مجال عملهما المستقبلي، مؤكدة أن الأهل يجب أن يزرعوا في أطفالهم حب الآخرين وأن يسهموا أيضا في اكتشاف وتطوير مواهبهم، لأن تجاهل مثل هذه المواهب قد يضيع عليهم فرصا كبيرة في المستقبل.