هل يحد نظام جمع التبرعات الجديد من ظاهرة "التسول الإلكتروني"

صورة تعبيرية لشخص يتسول إلكترونيا -(أرشيفية)
صورة تعبيرية لشخص يتسول إلكترونيا -(أرشيفية)

نادين النمري

عمان- "عائلة مكسور عليها فاتورة ماء وكهرباء بقيمة 100 دينار، الفزعة يا أهل الخير".. "يا إخوان أم لأيتام بحاجة لحليب وحفاظات للأولاد والله مكسور علينا ومش قادرة أممن الولاد".اضافة اعلان
هذه نماذج من منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لطالبي معونات لحالات إنسانية، ورغم أن عددا من هذه المنشورات تكون صادرة من حسابات حقيقية بحيث يستطيع الراغب في التبرع أو المساعدة التأكد من حالة العائلة، إلا أن كثيرا منها حسابات حديثة ولا تتضمن أي معلومات عن أصحابها، وهو ما يمكن وصفه بـ "التسول الإلكتروني".
ولمواجهة هذه الإشكالية أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية عن مراجعة لنظام جمع التبرعات للوجوه الخيرية ووضع ضوابط لها لضمان وصولها لمستحقيها.
تروي رزان كيف وقعت ضحية لإحدى محاولات جمع التبرعات دون وجه حق، وتقول؛ "كنت كتبت منشورا على تطبيق فيسبوك في احدى المجموعات المتخصصة ببيع وشراء الأشياء المستعملة حيث لفت نظري أحد التعليقات لسيدة تطلب معونة مالية لسد فاتورة كهرباء بقيمة 150 دينارا وقامت شركة الكهرباء بفصل التيار عن منزلها.
أرادت رزان مساعدة السيدة وأرسلت لها تعرض عليها دفع جزء من المبلغ، وبعد ان ارسلت لها السيدة صورة عن فاتورة الكهرباء طلبت منها إرسال المساعدة بحوالة مالية وهو ما تم فعلا.
وتضيف، "لاحقا عادت السيدة ذاتها تراسلني لطلب المزيد من المال، وعندما أخبرتها برغبتي في أن اقوم بإرسال طرد غدائي أو مساعدة عينية وليست مالية وطلبت عنوان منزلها قامت بحظري على التطبيقات والهاتف"، مضيفة "حينها تيقنت أن ما تم ليس سوى نصب إلكتروني".
قصة أخرى مشابهة تعرض لها إيهاب عندما شاهد منشورا أيضا على "فيسبوك" لعائلة مهددة بالطرد من منزلها بسبب عدم قدرتهم على سداد ايجار المنزل مشفوعا بقرار قضائي بالإخلاء.
ويقول، "تواصلت مع كاتب المنشور لتسديد جزء من الإيجار، لكنني اشترط أن يقوم بتزويدي برقم صاحب الشقة كي أتواصل معه وأرسل الملبغ المطلوب له، لكنني فوجئت بأن الرجل يرفض ذلك بحجة أن "صاحب السكن مصر على طردهم من المنزل، وأنه يريد النقود لاستئجار بيت آخر"، موضحا "شعرت حينها أن هناك حلقة مفقودة في حديث الرجل وعليه قررت عدم تقديم المساعدة".
وفي وقت قد يستغل بعضهم وسائل التواصل الاجتماعي لغايات الاحتيال والتسول الإلكتروني لكن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل أداة مهمة للوصول إلى العائلات الأكثر فقرا وحاجة للمساعدة من قبل ناشطين في مجال العمل الاجتماعي والإغاثي، بحيث يرى هؤلاء أن هناك حاجة لتنظيم جمع المعونات الإلكترونية وبما يضمن أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للوصول إلى الأسر العفيفة.
تقول الناشطة الاجتماعية أحكام الدجاني التي لها خبرة تمتد لنحو 15 عاما في مجال العمل الخيري والتطوعي، إن "وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بدرجة كبيرة في الوصول إلى فئات الناس الأكثر حاجة للدعم المساعدة وهي العائلات المستورة التي ترفض سؤال الناس".
وحول تسخير وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة هذه الفئات تؤكد الدجاني أن "الوصول لهؤلاء يكون عادة من خلال أصدقاء ومعارف يعملون في مجال العمل التطوعي بحيث يتم التأكد من احوالهم ودراسة الحالة على الواقع وفي حال تبين أن هذه العائلة مستحقة يتم مساعدتها من خلال نشر القضية على وسائل التواصل الاجتماعي لمن يرغب بالمساعدة".
وتضيف، "بهذه الطريقة يكون المتبرع على اطلاع تام بواقع الأسرة واحتياجاتها وفي حال كان التبرع أكبر من حاجة الأسرة يتم تحويل المبلغ المتبقي لأسرة أخرى محتاجة"، مؤكدة أن "المعونة ليس بالضرورة أن تكون مبلغا ماليا وإنما قد تكون مساعدة عينية مثل كرسي متحرك أو سرير طبي أو ترميم منزل حسب الحالة المطلوبة".
وتلفت الدجاني إلى أنها "تعرضت لمواقف مع أشخاص لم يكونوا صادقين في مطالبهم لكن تم كشف هذه الحالات مبكرا"، مشددة على أن عدد هذه الحالات التي تستغل الانترنت لاستغلال عواطف الناس تبقى قليلة مقارنة بالأسر المحتاجة.
وأوضحت أن "هناك عائلات ممن تعاملت معها تتلقى معونات من جهات حكومية مثل صندوق المعونة الوطنية لكن هذه المبالغ لا تكون كافية لتغطية حاجة الأسرة، وهنا يأتي دور العمل الاجتماعي في تلبية احتياجاتها".
وشددت الدجاني على "عدم تحويل مبالغ مالية لأي شخص لمجرد رؤية منشورات على التواصل الاجتماعي"، داعية إلى القيام بزيارة ميدانية للحالة للاطلاع على واقع الاسرة.
وترى الدجاني أن وجود تشريع ينظم التبرعات الإلكترونية ضروري لكن يجب أيضا توفير الضمانات لاستمرار اعطاء المعونات للأسر المحتاجة، أي أن التشريع يجب أن يوازن بين الحد من أي استغلال ممكن للعواطف وبين كشف المحتالين.
وكان وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح شكل لجنة لمراجعة نظام جمع التبرعات للوجوه الخيرية وتطويره لاستيعاب الطرائق الجديدة لجمع التبرعات وخاصة الإلكترونية منها.
وقال، إن تطوير نظام جمع التبرعات بات حاجة ملحة لينسجم مع التغيرات والتطورات التكنولوجية التي ظهرت في بيئة عمل الجمعيات وغيرها وإيجاد نصوص صريحة وواضحة لجمع التبرعات سيما الإلكترونية منها بحيث يتم وضع ضوابط وإجراءات واضحة لعمليات جمع التبرعات وتلقيها سواء أكانت نقدية أو عينية.
كما سيعالج النظام في مسودته الجديدة عمليات التسول الإلكتروني وآلياته وطرائق مواجهته، وذلك لخلو قانون العقوبات النافذ من أي نص يعالجه.