الإرهاب وغسل الدماغ

مع أن القتل من أجل القتل أصبح أمرا معتادا في المنطقة العربية، في السنوات الأخيرة، إلا أنني ومعي الكثيرون ما نزال غير قادرين على تصور أن شخصا يقتل شخصا آخر، أو اشخاصا آخرين ليس بينه وبينهم أي عداوة من أي نوع كان، تحت مبررات وذرائع لا يمكن تقبلها أو احترامها، أو حتى السكوت عليها. كيف يمكن لشخص أن يتحزم بأحزمة ناسفة بهدف إيقاع أكبر الضحايا بأبناء جلدته ومنطقته، لم يقترفوا بحقه أي ذنب، ولا توجد عداوة معهم. بل على العكس يعيش بينهم، ويتعامل معهم، ويوهمهم، بأنه جيد، وتقي ومحترم وإنساني، وفي الوقت ذاته، يستعد لقتلهم، وإيقاع أكبر ما يمكن من الضحايا في صفوفهم، ويحوّل حياتهم وحياة أبناء بلده إلى حزن وألم وخوف؟!اضافة اعلان
طبعا، مهما قلنا في هذا الأمر، ومهما استغربنا، ورفضنا، إلا أنه وللأسف، هناك من يقتل من أجل القتل حتى لو حاول إيهام الآخرين أن الأسباب دينية أو ثورية أو إنسانية. إذ لا يمكن أن يكون من الدين بشيء أن يقتل المرء هكذا من دون سبب من أي نوع كان. وليس من الدين بشيء أن يُقتل الناس المسالمون الذين يقومون بأعمالهم اليومية لمجرد أن شخصا إرهابيا قرر أن يقوم بعمل يعتقد أنه يخدم الدين به، وهو للأسف يخدم أعداء الدين، ويضر بالدين أشد الضرر.
أفهم أن هناك إرهابيين يقاتلون في الدول العربية، مع أنني أرفض تماما وكليا ما يقومون به من جرائم وخراب، إلا أنني أعتقد أن ظروفا معينة في تلك الدول أوجدتهم. ولكن أن يقوم إرهابيون بالتخطيط لتنفيذ مخطط إاجرامي وإرهابي وتخريبي في الأردن بهدف إيقاع خسائر وضحايا في صفوف أبنائه، فهذا أمر غير مفهوم ولا يمكن للعقل أن يتقبله، أو يجد له مبررا ما. فهذا عمل مدان، لأنه عمل إجرامي.
في التاسع من أيلول (سبتمبر) 2005، قام إرهابيون بتفجير فنادق في عمان وكان الضحايا أبرياء لا ذنب لهم، سوى أن حظهم العاثر أوجدهم في تلك الساعة بهذه الأماكن، وحتى الآن ما يزال أبناء وأشقاء وأقرباء وأصدقاء الضحايا غير مصدقين أنهم فقدوا أحباءهم تحت ذرائع دينية، فالدين محبة وسلام ولا يحضّ أبدا على قتل الأبرياء. وبالرغم من أن القتلة لم يكونوا أردنيين، إلا أن قيامهم بعمليات التفجير الإرهابية شكّل صدمة للأردنيين جميعا. ولكن هذه المرة، الأمر يختلف من حيث نوعية الإرهابيين. الحمد لله أنه تم اكتشاف الخلية الإرهابية قبل قيامها بتنفيذ عملياتها الإجرامية، إلا أنه وبحسب المعلومات المتوفرة حتى اللحظة، فإن الإرهابيين مواطنون يحملون الجنسية الأردنية. إن هذه الجزئية المهمة تستدعي منا جميعا البحث في الأسباب التي حوّلت هؤلاء الأشخاص إلى إرهابيين مستعدين للقتل والتدمير والتخريب.
بحسب المعلومات، فإن غالبيتهم من الشباب، وهذه الجزئية تستدعي أيضا البحث والدراسة، والعمل بشكل جاد لمواجهة الفكر المتطرف الذي يستطيع برغم المآسي التي تسبب بها، أن يجنّد الشباب ويسلب عقولهم ويغسلها، ليحولهم إلى أدوات إجرامية.
رحم الله الشهيد الرائد راشد الزيود والشهيد الطيار معاذ الكساسبة وشهداء تفجيرات الفنادق وكافة الشهداء الذين سُلبت حياتهم من قبل الإرهابيين.