التيار الديمقراطي النيابي يعاني.. ما الرسالة؟!

مزعج أن نسمع ونلمس ونقرأ عن صعوبات وعقبات تقف في وجه إعلان كتلة نيابية، باسم التيار الديمقراطي تحت قبة مجلس النواب الثامن عشر، مرد الانزعاج أننا راهنا كثيرا على وجود تيارات فكرية وسياسية في المجلس النيابي الجديد، وأملنا أن تتشكل تلك التيارات وتتبلور سريعا، وتتموضع ضمن تيارات مختلفة، وتقدم ذاتها لجمهور المراقبين.اضافة اعلان
استبشرنا خيرا عندما قرأنا مبكرا عن تبلور كتلة الإصلاح النيابية كتعبير عن وجود تيار سياسي وفكري موجود على الساحة الأردنية، ومن حقه الديمقراطي أن يتموضع ضمن تيار نيابي فكري وسياسي، ليعبر من خلاله عن وجهة نظره وأفكاره وطموحاته، بيد أن الأمر توقف عند قيام كتلة الإصلاح بفكر ورؤية سياسية واضحة، ورغم ما تبع ذلك من قيام كتل أخرى، إلا أن تلك الكتل حملت أسماء متعددة، مبتعدة عن التموضع تحت يافطة فكرية معينة أو حمل اسم التيار الديمقراطي، الذي يوجب حمل أفكار وسياسات ورؤى معينة يتوجب أن تتماهى مع الاسم والفكرة والرؤية.
عمليا، ظهرت حتى أمس 3 كتل نيابية، ولكن ما تزال معاناة التيار الديمقراطي مستمرة، والسبب ليس عدم وجود نواب يحملون فكرا ديمقراطيا، يجلسون معا لتشكيل هذا التيار ضمن كتلة فكرية معينة، ولكن معاناة من يحملون ذات الفكر بدأت عندما تشتت نواب، يحملون ذات التوجه الفكري، وابتعدوا عن بعضهم البعض، وذهبوا باتجاه العمل الفردي غير الجمعي، البعيد عن الفكر الكتلوي أو التيار الفكري، وهي معاناة كانت ظاهرة في مجالس نيابية سابقة، ويبدو أنها متواصلة في المجلس الجديد.
ما كشف المعاناة وجعلها تظهر للعلن أمام الرأي العام، ومكننا نحن جمهرة المراقبين من أن نكتشفها هي الشفافية والوضوح الذي تحدث به النائب خميس عطية، وهو أبرز القائمين على قيام وتشكيل تيار ديمقراطي، ويعمل بجد بهدف قيامه، حيث أعلن وصرح بانسحاب 5 نواب ممن جلسوا واتفقوا على تشكيل التيار الديمقراطي، ولكنهم بعد ذلك ذهبوا باتجاهات مختلفة، فنحا بعضهم باتجاه العمل الفردي، فيما ذهب بعضهم باتجاهات أخرى، خوفا من عدم قدرته على تحمل مستلزمات اسم التيار الديمقراطي، وما يفرضه الاسم من استحقاقات إصلاحية وديمقراطية، فكان التصريح الشفاف للنائب عطية تعبيرا واضحا عن وجود الصعوبات التي تعترض وتقف في وجه قيام هذا التيار، ورغم ذلك أمل عطية أن يرى مثل هذا التيار النور قبل بدء الدورة العادية للنواب في السابع من الشهر المقبل، باعتبار أن وجود تيارات فكرية تحت قبة مجلسنا الجديد تعبير إيجابي عن فكر إصلاحي مختلف.
أعتقد أن تعثر تشكيل تيار ديمقراطي تحت قبة مجلس منتخب حديثا يمثل عامل قلق لنا كمراقبين ومتابعين، كنا نرنو وما نزال لرؤية تيار ديمقراطي يتحدث عن بناء دولة عصرية مدنية متطورة، دولة قانون ومؤسسات، دولة عدالة ومواطنة وتكافؤ فرص، دولة محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية، ومانزال نأمل بمشاهدة أفكار تتصارع ووجهات نظر تطرح وبرامج يتم تقديمها تحت قبة مجلسنا الجديد.
تصريح النائب خميس عطية، وهو يعلن عن انسحاب نواب من كانوا محسوبين على التيار الديمقراطي، وذهابهم باتجاهات مختلفة، تحمل في طياتها أكثر من رسالة، وتفتح أفقا لأكثر من سؤال، باتجاه توقعات لامتناهية، تساؤلات لم يتحدث عنها النائب عطية، ولكننا نحن الذين نؤيد وندعو لوجود تيارات فكرية تحت قبة مجلسنا النيابي نسأل إن كان يوجد من يعرقل قيام تيار ديمقراطي تحت القبة، ويتبعه سؤال آخر عن سبب وجود مثل تلك العقبات. من الجواب يمكننا معرفة إن كنا نريد أن نبقى في الحلقة عينها، أم أننا نريد أن ننتقل من درجة إلى درجة أعلى في مسيرة الإصلاح، ومن ثم علينا أن تقول لأولئك الذين يحملون توجهات التيار الديمقراطي ذاتها، ويبتعدون عنه، إن العمل الفردي والانتقائي لا يمكن البناء عليه، ولا يمكن للعمل الفردي صناعة فرق في مسيرة إصلاحنا الطويلة.