الصومال في حاجة إلى أكثر من لقاءات القمة

طفل صومالي في مخيم مرتجل للهاربين من المجاعة والعنف - (أرشيفية)
طفل صومالي في مخيم مرتجل للهاربين من المجاعة والعنف - (أرشيفية)

افتتاحية — (الإندبندنت) 24/2/2012


 ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

اضافة اعلان



من السهل أن يشعر المرء بالتشاؤم لدى التفكير في الصومال. فهو بلد يعد أنموذجاً للدولة الفاشلة. وهو يعيش في أتون الفوضى العارمة المستمرة منذ أطاحت الجماعات المعارضة بحكومته في العام 1991، وفشلت في الاتفاق على من يجب أن يحل محلها. وهو مبتلى بحالات مزمنة في نقص الغذاء بسبب أسوأ جفاف يضرب القرن الأفريقي منذ ستة عقود، وهو أفضى إلى جعل أكثر من مليوني إنسان على حافة المجاعة.
وقد هرب مئات الآلاف من الناس في الصومال إلى مخيمات اللاجئين البائسة في البلدان المجاورة. وفي الأثناء، تجوب مجموعات القراصنة مياهه الساحلية التي ينعدم فيها القانون، هو ما يكلف الاقتصاد الدولي بلايين الدولارات على شكل فدىً. وبالإضافة إلى ذلك، يستمر أمراء الحرب فيه والساعون إلى تعميق الانشقاق على أرضه بالاقتتال.
وثمة مساحات ضخمة من الأرض في ذلك البلد، والتي يعيش سكانها تحت سطوة المقاتلين الإسلاميين المتطرفين من مجموعة الشباب. ولا غرابة والحالة هذه في أن يوصف بأنه "أسوأ دولة فاشلة في العالم".
لكن ثمة بعض التقدم الذي يجري تحقيقه مع ذلك. فقد استولت قوات من الاتحاد الأفريقي على المعقل الاستراتيجي لحركة الشباب، وهي بصدد طرد مقاتليهم من المناطق المأهولة لتعيدهم وراء إلى المناطق الصحراوية في الغرب الجنوبي. كما عمدت أسلحة البحرية من أرجاء العالم إلى إرسال سفن حربية تقوم بتسيير دوريات على الساحل الصومالي، بينما أصبحت الخطوط الملاحية الدولية تستخدم حالياً حراساً مسلحين على متن سفنها. وحتى مع ذلك، واجهت قمة زعماء العالم مهمة عسيرة عند بحثها موضوع الصومال أثناء التئامها في لندن يوم 23 من شهر شباط (فبراير) الحالي. ولم تستطع القمة إنجاز مهمتها بالكامل في هذا الصدد.
وكانت القمة قد انعقدت بسبب مخاوف من التهديدات التي وجهت إلى المصالح البريطانية في المنطقة، بالإضافة إلى الأمن الوطني الأوسع. ويشكل القراصنة أحد طرفي المشكلة. وكانت حركة الشباب قد أعلنت مؤخراً تبعيتها لتنظيم القاعدة. وقد توجس جهاز المخابرات البريطانية أم 15 في الأثناء خيفة من احتمال شن حملة تفجيرات في لندن، والتي تكون صومالية الصلة خلال إقامة دورة الألعاب الأولمبية في تموز (يوليو) المقبل. وكان ديفيد كاميرون قد تحدث في القمة المذكورة عن "عقول شابة يجري تسميمها بالنزعة الراديكالية، مولدة الإرهاب الذي لا يهدد الصومال وحسب، وإنما أيضاً العالم بأسره".
ومن حق رئيس الوزراء أن يشعر بالقلق. فهناك المزيد من الشباب من حملة جوازات السفر البريطانية الذين ينخرطون في تدريبات إرهابية في الصومال أكثر من أي بلد آخر. لكنها ليست بريطانيا وحدها هي التي تواجه التهديد؛ فهناك أيضاً الكثير من المهاجرين الصوماليين الذين يسببون المخاوف في دول مجاورة للصومال، مثل كينيا وأثيوبيا.
إن الظروف السائدة في الصومال تبقى خطيرة في الحقيقة. فهو واحد من أكثر دول العالم حرماناً. وفيه يناضل نصف المواطنين من أجل العيش على أقل من دولار في اليوم، كما أن واحداً تقريباً من كل ثلاثة صوماليين يعتمد في معيشته على المساعدات الغذاء الطارئة، أضف إلى ذلك أن إحصاءات الصحة في الصومال تعد من بين الأسوأ في العالم. وتستحق الجهود التي تبذلها بريطانيا الإطراء كما ينبغي في هذا الشأن، مع التركيز على الخطط لتنفيذ ضربات جوية ضد معسكرات حركة الشباب. وثمة جهود لاستبدال الحكومة الانتقالية الموجودة بـ"سلطة تسيير أمور" تقوم بصياغة دستور وتجري استفتاء عليه وتعقد الانتخابات اللاحقة. لكنها جهود غير كافية لمواجهة التحديات التي يواجهها بلد ممزق الأطراف بسبب المجاعة والحرب الأهلية.
ولعل مما يبعث على المزيد من الإحباط حقيقة أن هذه القمة الأخيرة ليست القمة الدولية الأولى التي تعقد حول الصومال. وكانت كل مثيلاتها السابقات قد أفرزت تتابع سلسلة من الحكومات الانتقالية التي افتقرت إلى الشرعية الشعبية، والتي كانت كلها عاجزة عن إنقاذ البلد من انعدام القانون ومن الأعمال الحربية للعصابات.
لكن هناك في هذه المرة، على الأقل، عدة بلدان مسلمة منخرطة. ومع ذلك، لم يشهد لقاء 23 شباط (فبراير) المذكور تقديم اقتراحات باستثناء مسألة الاحتواء العسكري لمقاتلي حركة الشباب. ولم تعالج القمة السياسات المتعلقة بمعرفة الطرف الذي يسلح الإسلاميين وكيفية ذلك. كما أنها لم تحدد القادة الجدد الذين يجب أن يديروا أي عملية انتقالية سياسية في الصومال. ولم تظهر أي إدراك مناسب للحاجة إلى العمل مع المناطق التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في أرض الصومال وفي البنتلاند (أرض الصومال الضيقة والمسطحة)، حتى إن لقاء القمة لم يتقدم بأي مبادرات جادة تتعلق بكيفية مساعدة السكان المحليين على تحسس المزايا الاقتصادية التي ستعم عندما يتم طرد حركة الشباب.
لعل مما يبعث على الأسى أن الاتفاقيات الخاصة بالقرصنة وبالأمن وبالمساعدات ليست كافية في نهاية المطاف. ولذلك، يذهب مؤتمر لندن هذا أسفل الطريق منضماً إلى الفرص الضائعة.



*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: Somalia needs more than summit meetings

[email protected]