الموت على الطريق الصحراوي.. إلى متى؟

محمد الشواهين

الخط الصحراوي الذي يربط شمال المملكة بأقصى الجنوب، هو شريان مهم في مجال النقل الأردني. كما أن أقطارا عربية أخرى، كالعراق وسورية وفلسطين، تستفيد أيضا من هذا الطريق في نقل بضائعها. اضافة اعلان
وقد كلف الطريق الصحراوي المهم خزينة الدولة مبالغ طائلة حتى رأى النور، وحتى وصل هذه الدرجة العالية من الكفاءة والجودة، لاسيما في بداية تشغيله، إذ أصبح يُشار إليه بالبنان.
لكن بعد مرور هذه السنين على تشغيل الطريق بكثافة، فقد أضحى بحاجة لإعادة تأهيل وترميم، تعيد له ألقه وكفاءته. كما رحنا نسمع بين فينة وأخرى عن حوادث متعددة ومتنوعة، منها البسيط ومنها المفجع، فبات الطريق مصدرا من مصادر الخطورة، بسبب كثرة الحوادث التي تقع عليه.
وبالأمس القريب، شهد هذا الطريق الصحراوي حادثا مروعا أودى بحياة ما يقرب من عشرين معتمرا فلسطينيا، ومثلهم جرحى ومصابون. وبالمناسبة، ينبغي أن ننوه بفزعة أهل معان ونخوتهم، من خلال مساهمتهم في إنقاذ وإسعاف أشقائهم المصابين والتبرع بالدماء لهم. وهو موقف يُسجّل لأهل معان في سفر الشرف والتاريخ.
الحكومة من جانبها تقوم، بين الحين والآخر، بإصلاح ما يمكن إصلاحه من حفر وأخاديد صغيرة التي تظهر أحيانا في هذا المكان أو ذاك من الطريق. وتقوم أيضا بإعادة تأهيل وصلات ضمن مسافات قد تمتد لبضعة كيلومترات، لكنها غير كافية بطبيعة الحال، إذ أضحى الطريق بحاجة ماسة لصيانة مستمرة، نفهم أن لها كلفتها العالية، وأن موازنة دولتنا تعاني من العجز الدائم.
من جانب آخر، فإن كل من يسير على الطريق الصحراوي في الوقت الحاضر، يلاحظ أن معظم سائقي الشاحنات لا يلتزمون، في الذهاب والإياب، بالمسرب الأيمن المخصص عادة للشاحنات والحافلات الكبيرة، بل يصر هؤلاء على السير في المسرب الأيسر، ويستمرون فيه لمسافات طويلة. كما أن بعضهم يرفض فتح الطريق للسيارات الصغيرة التي تتبعهم وترغب في التجاوز المسموح به مروريا، باستعمال كل الإشارات والأضواء والوسائل المتعارف عليها التي يُفهم منها طلب إخلاء المسرب كي يمر السائق بالخلف بسلام. وسبب ذلك بات معروفا. فالشاحنات التي تكون محملة بالأثقال والأوزان المسموح وغير المسموح بها، تسير عادة على يمين الطريق حسب القوانين المتبعة في معظم دول العالم. ومع مرور الزمن، فقد حلّ التلف بهذا المسرب، فراح السائقون يسيرون على المسرب الآخر الذي لم يصبه التلف. لكن مع مرور الوقت أيضاً، فقد أصاب التلف هذا المسرب أسوة بالأيمن أو أقل بقليل.
الخطورة في هذا الأمر أن سائق السيارة الصغيرة عندما يعتريه اليأس من السماح له بتجاوز الشاحنة تجاوزا سليما، يضطر إلى التجاوز عن يمين الشاحنة، في مخالفة مرورية. وتقع المصيبة لو انحرف سائق الشاحنة فجأة باتجاه اليمين، إذ من المتوقع في هذه الحالة حادث مروري لا يعلم سوى الله نتائجه.
على صعيد متصل، ثمة أنباء عن قرار للحكومة، رصدت له مبلغا من الموازنة، بإعادة تأهيل هذا الطريق الحيوي. وهذا خبر يبشر بالخير. ونتمنى أن يتم هذا التأهيل في أقرب فرصة، لكي يتم وضع حد لهذه الحوادث المميتة، أو التخفيف منها على أقل تقدير.