انتفاء سبب وجود قانون الدفاع

محمود الخطاطبة بُعيد تصريحات منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بجائحة فيروس كورونا المُستجد، وإقدام الحُكومة على تخفيف الإجراءات إلى الحد الأدنى، اعتبارًا من بداية الشهر الحالي، فإنه بات من الضرورة إيقاف العمل بقانون الدفاع. إجراءات أو قرارات الحُكومة المتعقلة بالجائحة، والمؤشرات على انحسار خطورة الوباء، تُفيد بأن السبب من قانون الدفاع قد انتفى، فلا حاجة الآن لمثل هذا القانون وما تبعه من أوامر، كان الهدف الظاهر منها هو السيطرة على الوباء وتداعياته، والمُحافظة قدر الإمكان على حقوق العاملين في القطاع الخاص، وعدم تسريحهم، أو الضغط عليهم لتقديم استقالاتهم. إن إقرار أو سن قانون الدفاع، هو في الأصل عملية غير صحيحة أو جانبها الصواب كثيرًا، فالأردن هي الدولة الوحيدة في العالم التي سنت مثل هذا القانون للتعامل مع أزمة كورونا، فقد رافق إصدار ذلك القانون لغط وتأويلات وتحليلات وإشاعات، منها ما كان صائبًا، ومنها ما كان مُبالغًا فيه إلى درجة غير معقولة. قضايا كثيرة كان يُمكن معالجتها بلا قانون دفاع، فهُناك قوانين قائمة منذ زمن، تُعطي صلاحيات عديدة للوزارات والمؤسسات والدوائر الحُكومية والقائمين عليها، فأوامر الدفاع تم استغلالها بطريقة خاطئة أو غير عادلة، عادت بالكثير من السلبيات على العامل «المُنهك» أصلًا، فالعديد من تلك «الأوامر» مست حقوق العمال، بطريقة أو أخرى. يتوجب أن يُقر الجميع، أنه ومن خلال قانون الدفاع، تم توقيف عمال عن العمل، وتعليق عقود آخرين، بالإضافة إلى تخفيض أجور الكثير من العاملين، الذين أصلًا يُعانون الأمرين جراء العمل في القطاع الخاص، الذي لا يرقب إلًاّ ولا ذمة فيهم، فهمه الأول والأخير، زيادة رأس ماله وأرباحه، حتى لو كان على حساب جهد وتعب وعرق موظفيه وعامليه. كما أن «تحويشة» العمر بالنسبة للأردنيين، وأقصد هُنا المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، كانت الخاسر الأكبر، جراء ذلك القانون، فأساس الضمان الاجتماعي هو «الحمايات»، بشتى أنواعها، لكن ما تم بفعل أوامر الدفاع، كان العكس، إذ تم «التجرؤ» على «تأمين الشيخوخة»، وما يزال كذلك، وما تبع ذلك من تأخير لعامين أو ثلاثة حتى يتمكن العامل من الحصول على راتب تقاعدي، أقل من جيد، لن يستطيع معه العيش بشكل مُحترم، خصوصًا مع التضخم الحاصل، وتآكل الرواتب، وانخفاض قيمة الدينار الأردني داخليًا. إلى جانب «التجرؤ» أيضًا على صندوقي: إصابات العمل والأمومة، فمؤسسة الضمان نفسها تُقر بأن برامج الحماية الاجتماعية التي نفذتها أو أقرتها منذ دخول الجائحة إلى الأردن، وحتى كتابة هذه السطور، أنها كانت من «الوفرة» المُتحققة في هذين الصندوقين، بالإضافة إلى منح ومساعدات، سواء أكانت أجنبية أم من الحُكومة نفسها. وبشأن المقولات التي تُشير إلى أنه قد يكون هُناك استغناء لعمال وموظفين من قبل شركات ومؤسسات خاصة، وبالتالي انضمامهم لصفوف العاطلين عن العمل، في حال تم إيقاف العمل بقانون الدفاع، فإن الرد عليهم يكون، إن ذلك أمر سهل من خلال تشديد الرقابة على تلك المؤسسات والشركات، وتغليط العقوبات، وتطبيق القوانين بلا تراخ أو مُجاملة أو محسوبيات.. أو قد تكون الحُكومة نفسها تُريد ذلك، وبالتالي الاستمرار في قانون الدفاع، لحكمة لا يعلمها إلا القليل، قد يكون أحد أسبابها إفادة القطاع الخاص بشكل عام. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان