تطبيق "الكودة": هل تصبح مدارسنا محفزة للإبداع؟

مبنى مدرسي حكومي في عمان-(ارشيفية)
مبنى مدرسي حكومي في عمان-(ارشيفية)

آلاء مظهر

عمان – فيما بدأت وزارة التربية والتعليم اعتبارا من مطلع الشهر الماضي بتطبيق كودة خاصة بالأبنية المدرسية للقطاعين العام والخاص، اكد خبراء تربويون اهمية وجود متطلبات ومواصفات خاصة بإنشاء المدارس لتجعلها بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة للإبداع.

اضافة اعلان


وقال الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"الغد" إن البيئة التعليمية تلعب دورا بارزا في تحقيق اهداف التعليم، الى جانب المعلم والمنهاج ما يوجب ان تكون هذه البيئة جاذبة ومشوقة وتحفز الطلبة على التعلم.


وبينوا ان من أهم أهداف تطوير البيئة التعليمية التعلمية المادية تجويد عمليات التعليم، مشيرين الى ان العملية التعليمية تكاملية، وذات ارتباط وثيق بين البيئة الفيزيائية والمادية للغرفة الصفية، حيث تلعب البيئة المادية دورا كبيرا في تحسين مخرجات العملية التعليمية لبناء شخصيته المتكاملة، وإعداده لمواجهة التحديات وموكبة التطورات والمتغيرات الحالية والمستقبلية المختلفة.


وكانت "التربية" بدأت في الأول من آذار (مارس) الماضي في تطبيق كودة الأبنية المدرسية الحديثة في القطاعين العام والخاص.


وتهدف هذه الكودة التي اقرها واعتمدها مجلس الوزراء في 16 كانون الثاني (يناير) الماضي، الى تنظيم بناء وانشاء المدارس ليتم تنفيذها ضمن شروط ومحددات ومتطلبات معينة.


مدير ادارة الابنية والمشاريع الدولية في وزارة التربية والتعليم المهندس إبراهيم سمامعة، قال إن الابنية المدرسية الموجودة حاليا، اي قبل صدور قرار البدء بتطبيق كودة البناء الخاصة بالابنية المدرسية مطلع الشهر الماضي، كانت ملتزمة بكودات البناء الوطني الصادرة عن مجلس البناء الوطني البالغ عددها 32 كودة.


وأضاف سمامعة في تصريح لـ"الغد" أمس إن البيئة التعليمية الجاذبة والمحفزة للتعلم تعد احد اركان العملية التعليمية، لافتا الى ان البيئة التعليمية تلعب دورا بارزا في تحقيق اهداف التعليم الى جانب كل من المعلم والمنهاج، ما يوجب ان تكون هذه البيئة جاذبة ومشوقة وتحفز الطلبة على التعلم وتشعرهم بالراحة والطمأنية في الوقت ذاته.


وبين أن كودة البناء الخاصة بالأبنية المدرسية التي تأتي استجابة للتوجيهات الملكية السامية بضروة مواكبة المستجدات العلمية والعملية لتهيئة البنية التحتية والمرافق التعليمية، لتوفير بيئة تعليمية آمنه ودامجة وصحية.


وأكد سمامعة ان هذه الكودة سيتم تطبيقها على اي مشروع بناء مدرسي سواء إن كان اضافات صفية او بناء مدرسي متكامل للقطاعين العام والخاص، لافتا الى ان هذه الكودة، عممت على جميع الاطراف المعنية في بناء المدارس، من اجل التقيد والالتزام بها.


واشار الى ان الكودة ستسهم في معالجة كثير من التحديات المتمثلة في اكتظاظ الغرف الصفية، خاصة بعد ان نصت الكودة على ان يكون الحد الاقصى لعدد الطلبة في الغرفة الصفية 36 طالبا.


كما ستسهم الكودة ايضا في تحقيق العدالة والشفافية والمساواة بين الطلبة على اختلاف المدارس الحكومية والخاصة بالاضافة الى توزيعها الجغرافي.


وبين ان الكودة تحدد معايير الجودة الدنيا لجميع الاعمال الهندسية بالمدرسة، بما في ذلك البناء الجديد، مشيرا الى ان الهدف منها، مساعدة جميع المهندسين المعماريين والمصممين وجهازي الاشراف والمقاولين للوصول الى جودة عالية في تصاميم وتنفيذ المدارس في القطاعين العام والخاص في المملكة، بحيث تكون هناك مرجعية واحدة لجميع الاطراف المعنية بالابنية المدرسية.


ومن أبرز ما نصت عليه الكودة، بحسب سمامعة، الا تقل المساحة المخصصة للطالب من قطعة الارض عن 4 × 2 متر مربع، و2× 2 متر مربع في باحة المدرسة، لافتا الى أن الغرفة الصفية يجب ان تكون مجهزة بلوح تفاعلي.


كما ينبغي توفير ملاعب رياضية في المدارس، ويفضل ان يكون ملعبا خماسيا لتطبيق العاب كرة القدم والسلة والطائرة وغيرها، بالاضافة الى تزويد الممرات بالمؤشرات الارضية المحسوسة لتسهيل حركة الاشخاص ذوي الاعاقة البصرية الكلية او الجزئية، وحسب الاشتراطات الواردة في كودة متطلبات البناء للاشخاص ذوي الاعاقة، وتزويد المدارس بالمنحدرات لتسهيل حركة مستعملي العكازات والاشخاص ذوي الاعاقة.


ويجب استخدام مصعد واحد على الاقل في المدارس حتى لو تم بناء طابق واحد، مع تحقيق متطلبات كودتي المصاعد ومتطلبات البناء للاشخاص ذوي الاعاقة، إضافة إلى ضرورة وجود غرف صفية خاصة بالفن والموسيقا ضمن اشتراطات ومعايير محددة، وكذلك غرفة مصادر، وان يتم توفير مختبري علوم ومختبري حاسوب عندما يزيد عدد الغرف الصفية في المدرسة على 12 غرفة.


وتضمنت الكودة المتطلبات الواجب توافرها من بداية اختيار واستطلاع الموقع وشروط السلامة العامة ومتطلبات تصميم البناء المدرسي من النواحي المعمارية كافة.


ويربط خبراء ومختصون بين نجاح العملية التعليمية والبيئة التعليمية، لافتين الى ان البيئة التعليمية تلعب دورا بارزا في تحقيق اهداف العملية التعليمية كونها ليست معنية فقط بإكساب المعارف والمهارات والقيم.


بدوره، بين وزير التربية والتعليم الاسبق فايز السعودي أن الابنية المدرسية يجب ان تكون لها مواصفات ومعايير خاصة بها.


وبين السعودي لـ"الغد" ان العملية التعليمية تحتاج الى مرافق متنوعة كالمختبرات والملاعب والغرف الصفية المجهزة بوسائل تكنولوجية لتجعل البيئة التعليمية محفزة للتعلم والإبداع.


وأضاف السعودي ان العملية التعليمية ليس معنية فقط بإكساب المعارف بل والمهارات والقيم كذلك، ولذا يجب أن تتوفر لدينا البيئات التعليمية الجاذبة، وهذا ما تسعى اليه كودة الأبنية المدرسية.


واوضح السعودي ان البيئة التعليمية المادية جزء اساسي من اركان العملية التعليمية، لافتا الى ان هذه البيئة تلعب دورا بارزا في تحقيق اهداف التعليم، الى جانب كل من المعلم والمنهاج، ما يوجب ان تكون هذه البيئة جاذبة ومشوقة وتحفز الطلبة على التعلم.


بدوره، بين مدير ادارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد ابو غزلة، أن من أهم أهداف تطوير البيئة التعليمية التعلمية المادية هو تجويد عمليات التعليم والتعليم التي تؤدي إلى بناء العلاقات البينية بين الطالب وبين الزملاء، ما يعود بالنفع على تحسين مخرجات العملية لبناء شخصيته المتكاملة، وإعداده لمواجهة التحديات ومواكبة التطورات والمتغيرات الحالية والمستقبلية المختلفة.


"بالاضافة الى المساهمة في تعميق مهارته في التعلم الذاتي وتبني نشر مفهوم السعادة في المدارس من خلال البيئة المدرسية الذي يشكل ألف باء الإبداع، والطريق المختصر لبلوغ العالمية في جودة المخرجات التعليمية، وهو ما تسعى اليه نظم التعليم المتقدمة، لأن المتعلم يصبح فيها قادرا على التعلم بنفسه، باسخدام مهارات التعلم الذاتي، والقدرة على البحث والتمكن من المعرفة والتعامل معها، وإنتاج وتوليد الافكار والمعارف الجديدة"، بحسب أبوغزلة.


وبين أن الإطار الشامل للكودة الذي اصدره مجلس البناء الوطني يعد الموجه الحقيقي للمساهمة في تطوير العملية التعليمية إذا ما تم الأخذ به واعتماده في جميع الأبنية الجديدة، والتي عادة ما تمول من الجهات الدولية، وهو ما يعد أصلا أحد المتطلبات الرئيسة لهذه الجهات لتقديم الدعم لضمان تحقيق الأبنية المدرسية للأغراض التي صممت لأجلها وطبيعة استعمالها بعد الإنشاء، وتوفير البيئة التعليمية الآمنة في مرافقها الصحية.


واكد أهمية أن يرافق هذا الاطار المحيط التعليمي الذي يشمل المواقف التعليمية المختلفة التي تعزز المهارات والمفاهيم لدى الطالب، وتؤثر في تعلمه ومستوى تحصيله، موضحا أن نجاح هذا الكود يتطلب أيضا إعادة احياء فكرة المدارس المركزية والتي يمكن فيها انشاء مدرسة تتضمن مجموعة كبيرة من المدارس المتجاورة، وتوفير كل المواصفات التي أطّرها الكود لتوفير البيئة التعليمية الشاملة لجميع فئات الطلبة، إضافة إلى توفير المختبرات العملية.


علاوة على توفير كل الكوادر المؤهلة والفنية، والوسائط التقنية، وتطوير المناهج وتكوين المعلمين، فضلا عن توفير أدوات النشاط المسرحي والموسيقي والملاعب الرياضية وغيرها من الأنشطة الثقافية والاجتماعية، والإرشاد والدعم النفسي والأكاديمي، وإذا ما تم الأخذ بذلك فإنه سيسهم في إعادة احياء النظام التعليمي، وفق أبو غزلة.


وأكد أهمية استثمار الدعم المقدم من الجهات الدولية أو الشركات المحلية لإنشاء هذه المدارس، وأن تحدد المناطق وتوفر قطع الأراضي التي تساعد في استثمار هذه الأموال عبر توفير قطعة أرض مستوية وفي أماكن آمنة وبعيدة عن الأودية والشوارع السريعة والمزدحمة والمرتفعات والسيول، وتوخي قربها من الخدمات في حال لم يتم الأخذ بتطوير منظومة النقل المدرسي التي تساعد على تأسيس وتصميم بيئة تعليمية جيدة ومريحة، ما يهيىء فرصة ملائمة للطلبة والكادر التعليمي للتعلم بدافعية عالية.


وشاركهم الرأي، الخبير التربوي صالح بركات، الذي قال إن كودات البناء المدرسية التي شرعت الوزارة في تطبيقها تعد نظاما متطورا لمدارس عصرية حديثة تشمل كل ما يتعلق بالمدرسة من مرافق، كالساحات والأمن والسلامة والغرف الصفية ومساحتها، والمختبرات والمرافق الصحية وكل ما يتعلق بتسهيل حركة الطالب في المدرسة.


وبين بركات أن كودات البناء للمدارس تشمل المدارس ورياض الاطفال، وهذا الأمر مهم ويسجل للوزارة، مضيفا: "نحن الآن نعول على تنفيذ ما ورد في كودات البناء من متطلبات".


وأوضح بركات أن الوزارة أعلنت عن توجهها لبناء 130 مدرسة في 3 سنوات، ذلك أن الخطة الاستراتيجية المقرة سابقا تقوم على بناء ما بين 60 الى 70 مدرسة، لافتا الى انه يلتحق في الصف الاول سنويا نحو 220 الف طالب وطالبة موزعين بين المدارس الحكومية والخاصة.


وبين ان عدد المدارس الحكومية المستأجرة يبلغ نحو 700 مدرسة مستأجرة، وكلنا ندرك ان بعض المدارس المستأجرة غير مهيأة لأن تكون مدارس كونها لا توفر البنية التحتية والمرافق التي تخدم العملية التعلمية، ولدينا نحو 800 مدرسة تعمل بنظام الفترتين فالمدارس التي سيتم بناؤها لسد حاجات الوزارة.

إقرأ المزيد :